للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ.

(أَرْكَانُهُ) ثَلَاثَةٌ (رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ وَشُرِطَ فِيهِ كَوْنُهُ آدَمِيَّةً حَيَّةً) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (بَلَغَتْ) وَلَوْ بِكْرًا (سِنَّ حَيْضٍ) أَيْ تِسْعَ سِنِينَ قَمَرِيَّةً تَقْرِيبِيَّةً فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمٌ بِلَبَنِ رَجُلٍ أَوْ خُنْثَى مَا لَمْ تَتَّضِحْ أُنُوثَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَائِعَاتِ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ فِي لَبَنِ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ لَبَنُ الْخُنْثَى بِأَنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ، وَلَا بِلَبَنِ جِنِّيَّةٍ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُثْبِتُ النَّسَبَ، وَاَللَّهُ قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَهَذَا لَا يَخْرُجُ بِتَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِامْرَأَةٍ وَلَا بِلَبَنِ مَنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَيْتَةِ وَلَا بِلَبَنِ مَيْتَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهَا ابْتِدَائِيَّةً اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ) أَيْ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ التَّحْرِيمُ بِهِ، وَهُوَ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ وَقَوْلُهُ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَذُو اللَّبَنِ أَبَاهُ إلَى آخِرِ الْكِتَابِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ أَيْ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ مَعَ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْبَابِ، وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّحْرِيمِ بِهِ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ، وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ جُزْءَ الْمُرْضِعَةِ وَقَدْ صَارَ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الرَّضِيعِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا فِي النَّسَبِ وَلِقُصُورِ اللَّبَنِ عَنْ الْمَنِيِّ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ سِوَى الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ نَحْوِ إرْثٍ وَعِتْقٍ وَسُقُوطِ قَوَدٍ وَرَدِّ شَهَادَةٍ، وَفِي وَجْهِ ذِكْرِهَا هُنَا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: الْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ عَقِبَ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ غُمُوضٌ، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ: إنَّ الرَّضَاعَ وَالْعِدَّةَ بَيْنَهُمَا تَشَابُهٌ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ فَجُعِلَ عَقِبَهَا لَا عَقِيبَ تِلْكَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إلَّا الذَّوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ الْأَنْسَبُ بِمَحَلِّهِ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِ التَّحْرِيمِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ اللَّبَنَ جُزْءُ الْمُرْضِعَةِ إلَخْ أَيْ: وَلَمَّا كَانَ حُصُولُهُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ الْمُنْعَقِدِ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّ الْفَحْلِ سَرَى إلَى الْفَحْلِ وَأُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ كَمَا سَيَأْتِي وَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَنِيِّهِ فِي النَّسَبِ أَيْضًا اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكْرًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْبِكْرُ خَلِيَّةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَقْرِيبِيَّةٍ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُهَا بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَثَرُ الْوِلَادَةِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُمَا فِي ذَلِكَ أُصُولُهُمَا وَفُرُوعُهُمَا وَحَوَاشِيهِمَا.

وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ وَلِفَرْعِهِ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَصْوِيرِ صِحَّةِ كَوْنِ الْخُنْثَى زَوْجًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ إلَّا هِيَ اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ فِيمَا لَوْ ارْتَضَعَ مِنْهَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَةُ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ الْأُمُومَةِ أَوْ الْأُبُوَّةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ دُونَ الْأُبُوَّةِ وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّضَاعَ تِلْوُ النَّسَبِ) أَيْ تَابِعٌ لَهُ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحِلُّ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِلَبَنِ الْجِنِّيَّةِ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَحُكْمُ الْجِنِّيَّةِ هُنَا كَالْآدَمِيَّةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ نِكَاحِهِمْ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر وَاتِّبَاعُهُ حَيْثُ عُلِمَتْ أُنُوثَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي مَحَلِّهِ الْمَعْهُودِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ هِيَ عَلَى الصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ لِلْآدَمِيِّ، وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ فِي الْجِنِّ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ: تِلْوُ النَّسَبِ) فِي الْمِصْبَاحِ تَلَوْت الرَّجُلَ أَتْلُوهُ تِلْوًا تَبِعْته فَأَنَا لَهُ تَالٍ وَتِلْوٌ أَيْضًا وِزَانُ حِمْلٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَهَذَا لَا يَخْرُجُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُقَالُ لِلْجِنِّيَّةِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ بَلْ يُقَالُ أُنْثَى فَقَطْ وَكَذَا لَا يُقَالُ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَلَا رِجَالٌ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يَخْرُجُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ لِلْجِنِّيَّةِ امْرَأَةٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ النَّقِيبِ مَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ حَيْثُ قَالَ عَدَلَ الْمِنْهَاجُ لَا يُخَرَّجُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ لِلْجِنِّيَّةِ امْرَأَةٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ النَّقِيبِ مَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ حَيْثُ قَالَ عَدَلَ الْمِنْهَاجُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ أُنْثَى إلَى امْرَأَةٍ لِيُخْرِجَ الْجِنِّيَّةَ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَاسْمٌ لِلْإِنَاثِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ وَكَذَا الرِّجَالُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ.

وَإِنَّمَا أُطْلِقَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ} [الجن: ٦] إلَخْ لِلْمُقَابَلَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا بِلَبَنِ مَنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كحج أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُصُولِهَا إلَى ذَلِكَ الْحَدِّ بَيْنَ كَوْنِهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ بِدُونِهَا، وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ بِلَا جِنَايَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَضِيعٌ حَيٌّ مِنْ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي أَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَا غَيْرُهُ ثَمَّ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّضَاعِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ هُنَا التَّفْصِيلُ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَا بِلَبَنِ مَنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ أَيْ بِجِنَايَةٍ لَا بِمَرَضٍ وَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ نِكَاحُهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَيْتَةِ بَلْ أَوْلَى انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَنْ مَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ عَنْ جِنَايَةٍ لَمْ يَحْرُمْ كَالْمَيْتَةِ فَإِنْ شُفِيَتْ حَرُمَ (قَوْلُهُ: وَلَا بِلَبَنِ مَيْتَةٍ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ إلَخْ وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُهُمْ: إنَّ اللَّبَنَ لَا يَمُوتُ فَلَا عِبْرَةَ بِظَرْفِهِ كَلَبَنِ حَيَّةٍ فِي سِقَاءٍ نَجِسٍ نَعَمْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْغِذَاءُ، أَوْ لَا يَصْلُحُ صَلَاحِيَةَ لَبَنِ الْحَيَّةِ لَكَانَ مُوَافِقًا لِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ بِأَنَّ لَبَنَ غَيْرِ الْآدَمِيَّةِ مِنْ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>