وَإِنْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ كُلَّ الْبُضْعِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (فَإِنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ) مُسْتَيْقِظَةٍ (سَاكِتَةٍ فَلَا غُرْمَ) لَهَا؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِسَبَبِهَا وَذَلِكَ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا لَهُ عَلَى مَنْ ارْتَضَعَتْ هِيَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَضَعْ شَيْئًا وَتَغْرَمُ لَهُ الْمُرْتَضِعَةُ مَهْرَ مِثْلٍ لِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى أَوْ نِصْفَهُ وَقَوْلِي أَوْ سَاكِتَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: إنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الرَّضَاعِ كَالْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ (أَوْ) أَرْضَعَتْهَا (أُمُّ كَبِيرَةٍ تَحْتَهُ) أَيْضًا (انْفَسَخَتَا) أَيْ نِكَاحُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (وَلَهُ نِكَاحُ أَيَّتِهِمَا) شَاءَ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا (أَوْ) أَرْضَعَتْهَا (بِنْتُهَا) أَيْ الْكَبِيرَةُ.
(حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) ؛
ــ
[حاشية الجمل]
الْكَبِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ التَّمْثِيلُ بِهَا فَيَلْزَمُهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِ الصَّغِيرَةِ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُهَا لِلزَّوْجِ أَيْضًا مَهْرُ مِثْلِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ بُضْعَهَا عَلَى الزَّوْجِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ الْمَوْطُوءَةُ هِيَ الْمُفْسِدَةَ لِنِكَاحِهَا بِإِرْضَاعِهَا الصَّغِيرَةَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ نِكَاحُهَا مَعَ الْوَطْءِ عَنْ مَهْرٍ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَتْ لَكِنْ يُخَصُّ قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إلَخْ بِغَيْرِ الْمِثَالِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى أَمَتِهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي إرْضَاعِهَا) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ كُلَّ الْبُضْعِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي الشَّهَادَاتِ، وَلَوْ شَهِدُوا بِبَيْنُونَةٍ وَفَرَّقَ الْقَاضِي فَرَجَعُوا أَلْزَمَهُمْ مَهْرَ مِثْلٍ وَلَوْ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ إبْرَاءِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنْ الْمَهْرِ نَظَرًا إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ؛ إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلِفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ انْتَهَتْ فَكَانَ قِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَجِبَ لَهُ الْمَهْرُ بِكَمَالِهِ فَانْظُرْ مَا الْفَارِقُ، وَفَرَّقَ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِزَعْمِ الشُّهُودِ، وَقَدْ أَحَالُوا بَيْنَهُمَا فَكَانُوا كَالْعَاصِبِينَ وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ بِالْكُلِّيَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَالْفُرْقَةُ قَبْلَ الْوَطْءِ تُوجِبُ النِّصْفَ، وَفِيهِ مَا فِيهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفَارَقَتْ شُهُودَ طَلَاقٍ رَجَعُوا، فَإِنَّهُمْ يَغْرَمُونَ الْكُلَّ بِأَنَّهُمْ أَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ الْبَاقِي بِزَعْمِهِمْ فَكَانُوا كَغَاصِبٍ حَالَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَحَقِّهِ، وَأَمَّا الْفُرْقَةُ هُنَا فَحَقِيقِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ التَّلَفِ فَلَمْ تَغْرَمْ الْمُرْضِعَةُ سِوَى مَا أَتْلَفَتْهُ، وَهُوَ مَا غَرِمَهُ فَقَطْ، وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً بِتَفْوِيضِ سَيِّدِهَا فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ مَثَلًا فَلَهَا الْمُتْعَةُ فِي كَسْبِهِ وَلَا يُطَالِبُ سَيِّدُهُ الْمُرْضِعَةَ إلَّا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا صَوَّرُوا ذَلِكَ بِالْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْحُرَّةِ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى فَلَا يَرُدَّانِ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ قَدْ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْمُسَمَّى، وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إذَا رَجَعُوا غَرِمُوا كُلَّ الْمَهْرِ بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِزَعْمِهِمْ، وَقَدْ أَحَالُوا بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْبُضْعِ فَكَانَ عَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ كَالْغَاصِبِ وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَمُوجِبٌ لِلْفُرْقَةِ وَلَا بُدَّ وَهِيَ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالطَّلَاقِ اهـ ح ل وَزي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ سَاكِتَةٍ فَلَا غُرْمَ) وَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فَارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا أُمُّ الزَّوْجِ الْخَامِسَةَ أَوْ عَكْسُهُ اُخْتُصَّ التَّغْرِيمُ بِالْخَامِسَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ اُخْتُصَّ التَّغْرِيمُ بِالْخَامِسَةِ أَيْ فَالْغُرْمُ عَلَى الْكَبِيرَةِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الصَّغِيرَةِ فِي الثَّانِيَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(تَنْبِيهٌ) الْعِبْرَةُ فِي الْغُرْمِ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فِي غَيْرِ الْخَامِسَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا أَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَاتُ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إذَا حَصَلَتْ الْحُرْمَةُ بِمَجْمُوعِهِنَّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر فِيمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْهَا إحْدَاهُمَا رَضْعَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَنَّ الْغُرْمَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً كَإِتْلَافِ الْعِتْقِ وَقِيلَ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ فَرَاجِعْهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ) أَيْ لَا يُنَافِي عَدَمَ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى مَنْ ارْتَضَعَتْ هِيَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ) أَيْ لَا الْغُرْمُ، وَإِنَّمَا عُدَّ سُكُوتُ الْمُحْرِمِ عَلَى الْحَالِقِ كَفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ يَلْزَمُهُ دَفْعُ مُتْلَفَاتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ زي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ) أَيْ لَا الْغُرْمِ، وَهَذَا الْحَمْلُ لَيْسَ بِذَاكَ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إرْضَاعٍ، وَلَا تَمْكِينٍ كَمَا فِي النَّائِمَةِ اهـ سم وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِذَاكَ أَيْ لَيْسَ بِقَوِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْضَعَتْهَا أُمٌّ كَبِيرَةٌ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: أَوْ بِنْتُهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ الْكَبِيرَةُ إلَخْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا، وَخُصُوصًا فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ مَثَّلَ بِهَا سَابِقًا بِقَوْلِهِ: وَزَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأُولَى بِأَنَّهَا ذُكِرَتْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَلَهُ نِكَاحُ أَيَّتِهِمَا وَعَنْ الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمُ، وَأَمَّا فِيمَا سَبَقَ فَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الِانْفِسَاخُ وَبِأَنَّهَا ذُكِرْت تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ لَا إنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ إلَخْ.
وَعَنْ الثَّالِثَةِ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمُ وَثَمَّ مِنْ حَيْثُ الِانْفِسَاخُ وَبِأَنَّهُ ذَكَرَهَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ ارْتَضَعَتْ إلَخْ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِيرَادِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِإِيرَادِ الْأُولَى فَلَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِيمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَحَرُمَتْ بِنْتُهَا الَّتِي هِيَ زَوْجَتُهُ، وَهَذَا لَا يُعْقَلُ؛ وَلِذَلِكَ عَلَّلَ الشَّارِحُ الِانْفِسَاخَ فِيهَا بِقَوْلِهِ: