تَزَهُّدًا أَوْ بُخْلًا (وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ رِطْلِ بَغْدَادَ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ زَكَاةِ النَّابِتِ.
(وَعَلَيْهِ دَفْعُ حَبٍّ) سَلِيمٍ إنْ كَانَ وَاجِبَهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ نَفْعًا كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يَكْفِي غَيْرُهُ كَدَقِيقٍ وَخُبْزٍ وَمَسُوسٍ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهُ الْحَبُّ فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ الْحَبِّ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ بَذَلَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ (وَ) عَلَيْهِ (طَحْنُهُ وَعَجْنُهُ وَخَبْزُهُ) وَإِنْ اعْتَادَتْهَا بِنَفْسِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا وَفَارَقَ ذَلِكَ نَظِيرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ فِي حَبْسِهِ وَذِكْرُ الْعَجْنِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهَا اعْتِيَاضٌ) عَنْ ذَلِكَ بِنَحْوِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَثِيَابٍ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ طَعَامٍ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنِ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ طَعَامٍ مَغْصُوبٍ تَلِفَ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاعْتِيَاضُ مِنْ الزَّوْجِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) الِاعْتِيَاضُ (رِبًا) كَبُرٍّ عَنْ شَعِيرٍ فَإِنْ كَانَ رِبًا كَخُبْزِ بُرٍّ أَوْ دَقِيقِهِ عَنْ بُرٍّ لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: " إلَّا خُبْزًا أَوْ دَقِيقًا " الْمُحْتَاجِ إلَى تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْجِنْسِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ.
(وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِأَكْلِهَا عِنْدَهُ) بِرِضَاهَا (كَالْعَادَةِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ
ــ
[حاشية الجمل]
ح ل (قَوْلُهُ: تَزَهُّدًا) أَيْ تَكَلُّفًا لِلزُّهْدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّاهِدَ حَقِيقَةً يُعْتَبَرُ حَالُهُ لَا مَا يَلِيقُ بِهِ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَفْعُ حَبٍّ) يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةً، وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهَا وَسَيِّدِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَوْ مَعَ سُكُوتِ الدَّافِعِ وَالْآخِذِ بَلْ الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهَا كَافٍ اهـ شَرْحُ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ اعْتِبَارُ الْقَصْدِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ النَّفَقَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ طَحْنُهُ وَعَجْنُهُ إلَخْ) حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا اسْتَحَقَّتْ مُؤَنَ ذَلِكَ فِي أَوْجِهِ احْتِمَالَيْنِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْمُؤَنُ فَلَمْ تَسْقُطْ بِمَا فَعَلَتْهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إعْلَامُ زَوْجَتِهِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا خِدْمَةٌ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَمْ لَا وَأَجَبْنَا بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ ظَنَّتْ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً إنْ لَمْ تَفْعَلْهُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَتْهُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَةٌ عَلَى الْفِعْلِ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ ذَلِكَ نَظِيرَهُ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا اعْتِيَاضٌ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ الِاعْتِيَاضَ عَنْ الْمُؤَنِ فَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِهَا عِنْدَ بَيْعِهَا الطَّعَامَ فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَإِلَّا ثَارَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ هُنَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: وَلَهَا اعْتِيَاضٌ) أَيْ بِصِيغَةٍ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَزِمَ الذِّمَّةَ وَاسْتَقَرَّ فِيهَا كَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الْيَوْمِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا لِاحْتِمَالِ سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ شَيْخِنَا جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ خِلَافَ ظَاهِرِ السِّيَاقِ، وَيَكُونُ فِي النَّفَقَةِ الْحَاضِرَةِ تَفْصِيلٌ وَمَا فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَرِدُ نَقْضًا حَرِّرْ فَقَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ أَيْ غَيْرِ الْمَاضِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ اهـ ح ل وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ بِالنَّظَرِ لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ، وَمِنْ غَيْرِهِ وَبِالنَّظَرِ لِلْمُسْتَقْبَلَةِ لَا يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْحَاضِرَةِ فَيَجُوزُ بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجِ لَا لِغَيْرِهِ اهـ بَابِلِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدِّ وَالْمُدَّيْنِ وَالْمُدِّ وَالنِّصْفِ (قَوْلُهُ: مُسْتَقِرٌّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ) احْتَرَزُوا بِالِاسْتِقْرَارِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَبِكَوْنِهِ لِمُعَيَّنٍ عَنْ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِأَكْلِهَا إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا لَهُ فَلَا تَسْقُطُ وَتَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ، وَلَوْ سَفِيهَةً أَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ، وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِأَكْلِهَا إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ فَكَأَنَّ نَفَقَتَهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكِفَايَةِ إنْ أَرَادَتْ وَبَيْنَ التَّمْلِيكِ عَلَى قِيَاسِ الْأَعْوَاضِ إنْ طَلَبَتْ قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ غَامِضٌ، قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ: وَالتَّصْوِيرُ بِالْأَكْلِ مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا إذَا أَتْلَفَتْهُ أَوْ أَعْطَتْهُ غَيْرَهَا لَمْ تَسْقُطْ، وَبِأَنَّهَا إذَا أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ لَمْ تَسْقُطْ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْكُلِّ أَوْ بِالتَّفَاوُتِ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكَلَتْهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ، وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ رَجَحَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِأَكْلِهَا عِنْدَهُ) أَيْ أَوْ ضِيَافَةِ غَيْرِهِ إكْرَامًا لَهُ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ إكْرَامَهَا فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ إكْرَامَهُمَا مَعًا أَيْ إكْرَامَهَا لِأَجْلِهَا وَلِأَجْلِهِ فَالظَّاهِرُ التَّقْسِيطُ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: إكْرَامًا لَهُ أَيْ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَيَنْبَغِي سُقُوطُ النِّصْفِ أَوْ لَهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: كَالْعَادَةِ) أَيْ بِأَنْ تَتَنَاوَلَ كِفَايَتَهَا عَادَةً فَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ طَالَبَتْهُ بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ مَا أَكَلَتْهُ وَكِفَايَتِهَا فِي أَكْلِهَا الْمُعْتَادِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ وُجُوبِ إعْطَائِهَا النَّفَقَةَ وَقِيلَ بَيْنَ مَا أَكَلَتْهُ وَوَاجِبِهَا شَرْعًا وَأُيِّدَ بِأَنَّ الْكِفَايَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا أَكَلَتْهَا وَحَيْثُ لَمْ تَأْكُلْ