وَإِنَّمَا يُعِيدُ بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَا يُفْعَلُ.
(وَيَقْضِي) وُجُوبًا (مُتَيَمِّمٌ) ، وَلَوْ فِي سَفَرٍ (لِبَرْدٍ) لِنُدْرَةِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ أَوْ يُدَثِّرُ بِهِ أَعْضَاءَهُ (وَ) مُتَيَمِّمٌ (لِفَقْدِ مَاءٍ) بِمَحِلٍّ (يَنْدُرُ) فِيهِ فَقْدُهُ، وَلَوْ مُسَافِرًا لِنُدْرَةِ فَقْدِهِ بِخِلَافِهِ بِمَحِلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَوْ مُقِيمًا (وَ) مُتَيَمِّمٌ (لِعُذْرٍ) كَفَقْدِ مَاءٍ وَجُرْحٍ (فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ) كَآبِقٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ
ــ
[حاشية الجمل]
مَوْضِعٍ وَجَبَتْ فِيهِ الْإِعَادَةُ، فَإِنَّ الْفَرْضَ هُوَ الْمُعَادَةُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَفْقَهُ، وَقِيلَ الْأَوْلَى، وَقِيلَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَائِتَةَ بِتَيَمُّمِ الْأُولَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ) أَيْ إذَا كَانَ بَعْدَ الْوَقْتِ. وَأَمَّا فِيهِ فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ) مِثْلُهُ قِرَاءَةُ الْجُنُبِ لِلْقُرْآنِ وَالْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ وَتَمْكِينُ الْمَرْأَةِ الزَّوْجَ مِنْ الْوَطْءِ وَنَحْوُهُ فَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ فَقْدِ الطَّهُورَيْنِ اهـ عَمِيرَةُ، وَقَالَ أَيْضًا، وَلَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ قَالَ فِي الْخَادِمِ فَلَا يُصَلِّيهَا عَلَى الْمَيِّتِ كَالْمَيِّتِ إذَا تَعَذَّرَ تَيَمُّمُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ بَحْثًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ انْتَهَى سم.
(قَوْلُهُ أَوْ يُدَثِّرُ بِهِ أَعْضَاءَهُ) يُفْهَمُ مِنْهُ إنْ وَجَدَ أَنَّ مَا يُدَثِّرُهَا بِهِ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ التَّدَثُّرُ يَمْنَعُ حُصُولَ الْمَحْذُورِ الْمَخُوفِ اهـ سم. (قَوْلُهُ بِمَحِلٍّ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُهُ) أَيْ حَيْثُ صَلَّى بِهِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُصَلِّي بِمَحِلِّ تَيَمُّمِهِ فَلَوْ تَيَمَّمَ بِالْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ وَصَلَّى بِمَحِلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ فَلَا قَضَاءَ أَوْ عَكْسُهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَالْعِبْرَةُ بِمَحِلِّ الصَّلَاةِ لَا بِمَحِلِّ التَّيَمُّمِ وَالْمَدَارُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْإِحْرَامِ أَيْ الْإِتْيَانِ بِالرَّاءِ مِنْ أَكْبَرِ وَرُبَّمَا كَانَ شَيْخُنَا ز ي يَمِيلُ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِإِتْمَامِهَا، وَلَوْ شَكَّ هَلْ الْمَحِلُّ الَّذِي صَلَّى بِهِ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ لَا لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ فَرْضٍ بَعْدَ السَّلَامِ، وَلَمْ يَنْظُرْ وَلِكَوْنِ ذِمَّتِهِ اُشْتُغِلَتْ اهـ ح ل وَالْمُرَادُ بِغَلَبَةِ الْوُجُودِ وَالْفَقْدِ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِمَكَانِ الصَّلَاةِ وَبِوَقْتِهَا بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ السِّنِينَ لَا بِالنَّظَرِ لِتِلْكَ السَّنَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَاءُ يُوجَدُ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَقْتَ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي غَالِبِ السِّنِينَ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ جَمِيعِهَا إلَّا وَقْتَ الصَّلَاةِ يُقَالُ إنَّهُ غَلَبَ الْفَقْدُ اهـ شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ كَانَ بِمَحِلٍّ مَاؤُهُ قَرِيبٌ بِحَيْثُ لَوْ حَفَرَ الْأَرْضَ حَصَلَ الْمَاءُ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ الْحَفْرُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الصَّلَاةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ بِمَحِلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ ذَلِكَ) الْمُرَادُ أَيْضًا بِغَلَبَةِ وُجُودِ الْمَاءِ فَقْدُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِبَعْضِ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ غَلَبَةَ الْوُجُودِ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فِي السَّنَةِ وَغَلَبَةُ الْفَقْدِ بِأَرْبَعَةٍ مَثَلًا فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ لَوْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَمِرُّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا فِي الْوَادِي وَفِي غَالِبِ السِّنِينَ أَنَّ شَهْرًا فَقَطْ يُفْقَدُ فِيهِ الْمَاءُ فَإِذَا تَيَمَّمَ شَخْصٌ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَوْمٌ فَقَطْ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ فِي أَكْثَرِ السِّنِينَ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ بِتَمَامِهَا إلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ فِيهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِأَكْثَرِ أَوْقَاتِ السَّنَةِ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَإِنْ غَلَبَ الْفَقْدُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا قَضَاءَ اهـ سم بِالْمَعْنَى وَأَقَرَّهُ الْعَزِيزِيُّ وَشَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ وَالْعَشْمَاوِيُّ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر.
(تَنْبِيهٌ)
إذَا اعْتَبَرْنَا مَحَلَّ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ زَمَنُ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ فِي صَيْفٍ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي صَيْفِ ذَلِكَ الْمَحِلِّ الْعَدَمَ وَفِي شِتَائِهِ الْوُجُودَ فَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَكْسِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ فِي جَمِيعِ الْعَامِ أَوْ غَالِبِهِ أَوْ فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ أَوْ غَالِبِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَلَبَ الْوُجُودُ صَيْفًا وَشِتَاءً فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ لَكِنْ غَلَبَ الْعَدَمُ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الصَّيْفِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُهُ وَيَجْرِي جَمِيعُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ إذَا اعْتَبَرْنَاهُ اهـ سم عَلَى حَجّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَجُرْحٍ) الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ إذَا كَانَ الْفَقْدُ شَرْعِيًّا إلَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ أَيْ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فِيهِ إنْ فَقَدَ الْمَاءَ حِسًّا لَا شَرْعًا لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يَتُوبَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى زَوَالِ مَانِعِهِ بِالتَّوْبَةِ، وَلَوْ عَصَى بِالْإِقَامَةِ بِمَحِلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَتَيَمَّمَ لِفَقْدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلرُّخْصَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ حَتَّى يَفْتَرِقَ الْحَالُ بَيْنَ الْعَاصِي وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ فَانْدَفَعَ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا وَخَرَجَ الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ كَانَ زَنَى أَوْ سَرَقَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَخَّصَ غَيْر مَا بِهِ الْمَعْصِيَةُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ فَاقِدَ الْمَاءِ شَرْعًا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ مَا دَامَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ بِخِلَافِ الْفَاقِدِ حِسًّا الْعَاصِي فَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَيَلْزَمُهُ