وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِالْإِعْسَارِ لِذَلِكَ وَوَاجِبُهَا وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لَهُ فِي الْأَصْلِ لَهَا وَيَتَلَقَّاهُ السَّيِّدُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تَمْلِيكَ (بَلْ لَهُ) إنْ كَانَتْ غَيْرَ صَبِيَّةٍ وَمَجْنُونَةٍ (إلْجَاؤُهَا إلَيْهِ بِأَنْ يَتْرُكَ وَاجِبَهَا وَيَقُولَ) لَهَا (افْسَخِي أَوْ اصْبِرِي) عَلَى الْجُوعِ أَوْ الْعُرْيِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِالْإِعْسَارِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ كَمَا مَرَّ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(وَلَا) فَسْخَ (قَبْلَ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ (عِنْدَ قَاضٍ) فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ (فَيُمْهِلُهُ) وَلَوْ بِدُونِ طَلَبِهِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِيَتَحَقَّقَ إعْسَارُهُ، وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَهَا خُرُوجٌ فِيهَا لِتَحْصِيلِ نَفَقَةٍ) مَثَلًا بِكَسْبٍ أَوْ سُؤَالٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْإِنْفَاقِ الْمُقَابِلِ لِحَبْسِهَا (وَعَلَيْهَا رُجُوعٌ) إلَى مَسْكَنِهَا (لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ، وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْإِمْهَالِ (يَفْسَخُ الْقَاضِي أَوْ هِيَ بِإِذْنِهِ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاحِيَةِ قَاضٍ وَلَا مُحَكَّمٌ فَفِي الْوَسِيطِ لَا خِلَافَ فِي اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ (فَإِنْ سَلَّمَ نَفَقَتَهُ فَلَا) فَسْخَ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ مَا كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِهِ لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ الثَّلَاثِ نَفَقَةَ يَوْمٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الْأَمَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَ الزَّوْجِ لَمْ يَفْسَخْ السَّيِّدُ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي الْأَصْلِ لَهَا ثُمَّ يَتَلَقَّاهَا السَّيِّدُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ فَيَكُونُ الْفَسْخُ لَهَا لَا لِسَيِّدِهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْعَبْدِ أَوْ وَهَبَ مِنْهُ يَكُونُ الْقَبُولُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ يَحْصُلُ لِلسَّيِّدِ لَكِنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ مَا لَمْ تَفْسَخْ بَلْ يَقُولُ لَهَا افْسَخِي أَوْ اصْبِرِي عَلَى الْجُوعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يُلْجِئُهَا إلَى الْفَسْخِ
فَإِذَا فَسَخَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا، أَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَفَى نَفْسَهُ مُؤْنَتَهَا، وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ بِالْإِعْسَارِ فِي الْمَهْرِ حَيْثُ يَثْبُتُ بِهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ لَا تَعَلُّقَ لِلْأَمَةِ بِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي فَوَاتِهِ، وَلِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ لِسَيِّدِهَا، وَيُشْبِهُ ذَلِكَ بِمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا، وَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ يَكُونُ حَقُّ الْفَسْخِ لِلْبَائِعِ لَا لِلْعَبْدِ، وَتُطَالِبُ الْأَمَةُ زَوْجَهَا بِالنَّفَقَةِ كَمَا كَانَتْ تُطَالِبُ السَّيِّدَ فَلَوْ أَعْطَاهَا لَهَا بَرِئَ مِنْهَا وَمَلَكَهَا السَّيِّدُ دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَهَا قَبْضُهَا وَتَنَاوُلُهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْمَأْذُونَةِ فِي الْقَبْضِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ، وَفِي تَنَاوُلِهَا بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَتَعَلَّقَتْ أَيْ الْأَمَةُ بِهَا أَيْ بِالنَّفَقَةِ الْمَقْبُوضَةِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ إبْدَالِهَا لَهَا بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَكِنْ لَهَا فِيهَا حَقُّ التَّوَثُّقِ كَمَا إنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ، وَتَتَعَلَّقُ بِهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ أَمَّا إذَا أَبْدَلَهَا فَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ، وَلَهَا إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ النَّاجِرَةِ فَكَأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَمَحَّضُ الْحَقُّ لَهَا وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ سَيِّدِهَا لَا الْأَمْسِ أَيْ لَيْسَ لَهَا إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَمْسِ كَمَا فِي الْمَهْرِ، وَالسَّيِّدُ بِالْعَكْسِ أَيْ لَهُ إبْرَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَمْسِ لَا مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ التَّسْلِيمَ لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أَوْ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَأَنْكَرَتْ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ بَرِئَ مِنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ فَقَطْ أَيْ دُونَ الْحَاضِرَةِ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ؛ إذْ الْخُصُومَةُ لِلسَّيِّدِ فِي الْمَاضِيَةِ كَالْمَهْرِ لَا فِي الْحَاضِرَةِ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالْقَبْضِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إلَيْهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ أَوْ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ
(تَنْبِيهٌ)
لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الْمُوسِرِ زَوْجَةَ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُمْ فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا فَسْخَ لَهُ وَلَا لَهَا وَأَلْحَقَ بِهَا نَظَائِرَهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ وَاسْتَخْدَمَهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي غَيْرِ مَهْرٍ لِسَيِّدِ أَمَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَوْجَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَنَّهَا كَالْقِنَّةِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا فِي إلْجَاءِ سَيِّدِهَا لَهَا، وَلَوْ أَعْسَرَ سَيِّدُ مُسْتَوْلَدَةٍ عَنْ نَفَقَتِهَا أُجْبِرَ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ لِتُنْفِقَ مِنْهُ أَوْ عَلَى إيجَارِهَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ تَزَوُّجِهَا، وَلَا بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْكَسْبِ أُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ الْقَمُولِيُّ، وَلَوْ غَابَ مَوْلَاهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ، وَلَا لَهَا كَسْبٌ وَلَا كَانَ بَيْتُ مَالٍ فَالرُّجُوعُ إلَى وَجْهِ أَبِي زَيْدٍ بِالتَّزْوِيجِ أَوْلَى
لِلْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ
انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: وَعَدَمِ الضَّرَرِ، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا هُنَا ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْقِنِّ الْآتِي وَمُؤْنَةِ الرَّقِيقِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ هُنَا بِالتَّزْوِيجِ وَلَا كَذَلِكَ الْقِنُّ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ قَبْلَ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ) أَيْ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ) أَيْ الرَّاحَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ تَحْصِيلُهَا عَلَى مَبِيتِهَا فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ عَلَى النَّهَارِ أَيْ وَقْتِ التَّحْصِيلِ وَالثَّانِيَ عَلَى اللَّيْلِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا مَعَ مَنْعِهَا لَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ زَمَنَ التَّحْصِيلِ، فَإِنْ مَنَعَتْهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مُدَّةِ التَّحْصِيلِ سَقَطَتْ زَمَنَ الْمَنْعِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ بِإِذْنِهِ) وَالسَّفِيهَةُ هُنَا كَالرَّشِيدَةِ فِي أَنَّهَا تَفْسَخُ بِإِذْنِ الْقَاضِي اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ بِإِذْنِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) أَيْ بِنَفَقَتِهِ بِلَا مُهْلَةِ الْإِعْسَارِ فَلَا تَفْسَخُ بِمَا مَضَى لِصَيْرُورَتِهِ دَيْنًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاحِيَةِ قَاضٍ وَلَا مُحَكَّمٌ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَاضِيًا وَلَا مُحَكَّمًا بِمَحَلِّهَا أَوْ عَجَزَتْ عَنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ لَهَا لَا أَفْسَخُ حَتَّى تُعْطِيَنِي مَالًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِلضَّرُورَةِ وَيَنْفُذُ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا لِبِنَاءِ