للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَعَجَزَ الْفَرْعُ عَنْ كَسْبٍ يَلِيقُ) بِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا دِينًا) وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] كَذَا احْتَجَّ بِهِ وَالْأَوْلَى الِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْ أُجْرَةُ إرْضَاعِ الْوَلَدِ كَانَتْ كِفَايَتُهُ أَلْزَمَ وَقِيسَ بِذَلِكَ الْأَوَّلُ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَصْلِ أَعْظَمُ وَالْفَرْعُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٨] فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاضِلُ لَا يَكْفِي أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِلْمُبَعَّضِ مِنْهُمَا إلَّا الْقِسْطُ، وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُمَا لَوْ قَدَرَا عَلَى كَسْبٍ لَائِقٍ بِهِمَا وَجَبَتْ لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ فَرْعَهُ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ ح ل بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ وَفِي ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ عَلَى الرَّاجِحِ نَحْوُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ لَكِنْ قَالَ حَجّ فِيهِ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْ عِصْمَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِهِمَا وَمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ مِثْلَهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بَعْدَ بُلُوغِ خَبَرِهِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ الْفَرْعُ عَنْ كَسْبٍ يَلِيقُ بِهِ) فَغَيْرُ اللَّائِقِ كَالْعَدَمِ وَكَذَا اللَّائِقُ إذَا مَنَعَهُ مِنْهُ اشْتِغَالُهُ بِالْعِلْمِ كَمَا لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ قَالَ حَجّ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ وَفَرَّقَ بِمَا يَطُولُ فَرَاجِعْهُ وَلِلْوَلِيِّ حَمْلُ الصَّغِيرِ عَلَى الِاكْتِسَابِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ وَلَهُ إيجَارُهُ لِذَلِكَ وَلَوْ لِأَخْذِ نَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ عَلَيْهِ اهـ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ أَوْ مَجْنُونًا مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَلِيقُ بِهِ لَكِنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِالْعِلْمِ وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ اهـ شَيْخُنَا ز ي أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ الِاشْتِغَالِ فَائِدَةً يُعْتَدُّ بِهَا عُرْفًا بَيْنَ الْمُشْتَغِلِينَ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِحِفْظِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَاشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ أَمْ لَا

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا بِأَنْ لَمْ تَتَيَسَّرْ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَسْبِ كَانَ كَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ وَكَتَبَ أَيْضًا: قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا أَيْ أَوْ شِبْهَهُمَا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَكِنَّهُ لَا يُحْسِنُ كَسْبًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَعَلُّمِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ الْفَرْعُ) أَيْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ قَالَ ن ز وَقُدْرَةُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى النِّكَاحِ لَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْأُمِّ، وَأَمَّا الْبِنْتُ فَفِيهِ نَظَرٌ إذَا خُطِبَتْ وَامْتَنَعَتْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّكَسُّبِ وَالْفَرْعُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ كُلِّفَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّكَسُّبَ بِذَلِكَ يُعَدُّ عَيْبًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ:، وَإِنْ اخْتَلَفَا دِينًا) أَيْ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا مَحَلًّا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُرْسِلَ لَهُ كِفَايَتَهُ مَعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: كَذَا احْتَجَّ بِهِ) أَشَارَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إلَى أَنَّ وَجْهَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ خَفِيٌّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنَهُ الْعَنَانِيُّ بِقَوْلِهِ وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ أَنَّهَا وَجَبَتْ لَهُنَّ لِأَجْلِ الْوَالِدِ فَهُوَ السَّبَبُ فِي الْوُجُوبِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ اهـ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى الِاحْتِجَاجُ إلَخْ لَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ الصَّرَاحَةُ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِذَلِكَ صَحِيحٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَانَتْ كِفَايَتُهُ أَلْزَمَ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لُزُومُ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ لِكَوْنِ الْوَلَدِ فِي غَايَةِ الِافْتِقَارِ حِينَئِذٍ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِيمَا بَعْدُ وَأَيْضًا قَوْلُهُ: أَلْزَمَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مَعَ أَنَّ اللُّزُومَ لَا يَتَفَاوَتُ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ قَوْلُهُ: أَلْزَمَ أَيْ لِوُجُوبِ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا انْتَهَتْ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ إذَا انْفَرَدَتْ

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْعُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ) أَيْ وَلِأَنَّ الْفَرْعَ أَلْيَقُ بِالتَّعَهُّدِ بِالْخِدْمَةِ أَيْ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيسَ بِذَلِكَ الْأَوَّلُ أَيْ وَاحْتَجَّ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا أَيْ كَمَا احْتَجَّ لَهُ بِالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهَا شَيْءٌ) أَيْ عَنْ مُؤْنَةِ مَمُونَهِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمَتْنِ يَفْضُلْ عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوَّنِهِ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرٌ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ كِفَايَةُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ أَيْ مَحَلُّ لُزُومِ كِفَايَتِهِمَا إنْ كَانَ الْفَاضِلُ يَكْفِيهِمَا فَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ وَمَحَلُّ لُزُومِهَا أَيْضًا إنْ كَانَا حُرَّيْنِ فَإِنْ كَانَا مُبَعَّضَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقِسْطُ إذَا عَلِمْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَقْدِيمَ قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهَا شَيْءٌ إلَخْ (وَقَوْلُهُ: وَمِمَّا ذُكِرَ عُلِمَ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَقْيِيدِ الْفَرْعِ بِالْعَجْزِ وَالْإِطْلَاقِ فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا تَجِبُ لِفَرْعٍ مُكْتَسِبٍ لَهَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ، وَلَمْ يَكْتَسِبْ كُلِّفَهُ إنْ كَانَ حَلَالًا لَائِقًا بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَدَرَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ عَلَى النِّكَاحِ لَمْ تَسْقُطْ مُؤْنَتُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفَارَقَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ بِأَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا أَمَدَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ، وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا إلَى فَسْخِهَا لِئَلَّا تَجْمَعَ بَيْنَ نَفَقَتَيْنِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ الْقِيَاسُ اعْتِبَارَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ مُفَوِّتَةٌ لِحَقِّهَا وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّهُ فِي مُكَلَّفَةٍ فَغَيْرُهَا لَا بُدَّ مِنْ التَّمْكِينِ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا فَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْسَالِ لِيَحْضُرَ فَتَجِبَ مِنْ وَقْتِ حُضُورِهِ

وَالْمُتَّجَهُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمُدَّةُ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِمْ لِئَلَّا تَجْمَعَ بَيْنَ نَفَقَتَيْنِ كَمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا بِهِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>