للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا بِافْتِرَاضِ قَاضٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ (لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ) فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَعَدَلْتُ عَنْ تَعْبِيرِهِ بِفَرْضِ الْقَاضِي بِالْفَاءِ إلَى تَعْبِيرِي بِاقْتِرَاضِهِ بِالْقَافِ؛ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِإِذْنِهِ فِي الِاقْتِرَاضِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ.

(وَعَلَى أُمِّهِ) أَيْ الْوَلَدِ (إرْضَاعُهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ بِأُجْرَةٍ وَبِدُونِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ (ثُمَّ) بَعْدَ إرْضَاعِهِ اللِّبَأَ (إنْ انْفَرَدَتْ هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ) عَلَى الْمَوْجُودَةِ مِنْهُمَا (أَوْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ هِيَ) عَلَى إرْضَاعِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] (فَإِنْ رَغِبَتْ) فِي إرْضَاعِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ أَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ (فَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا) إرْضَاعَهُ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ وَخَرَجَ بِأَبِيهِ غَيْرُهُ كَأَنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ غَيْرِ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا (لَا إنْ طَلَبَتْ) لِإِرْضَاعِهِ (فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلٍ أَوْ تَبَرَّعَتْ) بِإِرْضَاعِهِ (أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ (دُونِهَا) أَيْ الْأُمِّ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي لَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْإِشْهَادُ اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا بِافْتِرَاضِ قَاضٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتُ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ وَغِنَى الْأَصْلِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ عُلِمَ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ أَنَّ فِي النَّفَقَةِ الْمَذْكُورَةِ شَائِبَةَ امْتِنَاعٍ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُهَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ وَشَائِبَةَ إبَاحَةٍ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَصَرُّفِهِ فِيهَا بِغَيْرِ أَكْلِهِ وَشَائِبَةَ تَمْلِيكٍ مِنْ حَيْثُ مِلْكُهُ لَهَا بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ صِيغَةٍ وَعَدَمِ اسْتِرْدَادِهَا مِنْهُ لَوْ أَيْسَرَ فَيَأْكُلَهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ) حَمَلَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِهِ عَلَى مَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي قَدْرًا وَأَذِنَ لِشَخْصٍ فِي أَنْ يُنْفِقَهُ لِيَرْجِعَ فَإِذَا أَنْفَقَهُ رَجَعَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْغَزَالِيُّ مُوَافِقًا لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْفَرْضِ لَا تَكُونُ دَيْنًا كَقَوْلِهِ فَرَضْتُ أَوْ قَدَّرْتُ لِفُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَذَهَبَ حَجّ إلَى مُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ وَرَدَّ هَذَا الْحَمْلَ بِمَا فِيهِ طُولٌ فَرَاجِعْهُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى أُمِّهِ إرْضَاعُهُ اللِّبَأَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ بِالْبَدَلِ، وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّهَا لَوْ تَرَكَتْهُ بِلَا إرْضَاعٍ وَمَاتَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ وَهَلْ تَرِثُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا فِعْلٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَمْسَكَ عَنْ الْمُضْطَرِّ وَاعْتَمَدَهُ ن ز وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَى أُمِّهِ إلَخْ) لَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى دَفْعَ أُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّ الرَّضِيعِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْأُمَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ أَصْلًا فَدَفَعَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَعَلَى أُمِّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا تَكْفِيهِ مَرَّةٌ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ كَفَتْ وَإِلَّا عُمِلَ بِقَوْلِهِمْ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيهَا الْعُرْفُ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ سَبْعَةٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ:، وَإِنْ انْفَرَدَتْ) اُنْظُرْ ضَابِطَ الِانْفِرَادِ وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَسْهُلُ قَصْدُهَا لِلْإِرْضَاعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ إرْضَاعُهُ عَلَى الْمَوْجُودَةِ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ طَالَبَتْ بِالْأُجْرَةِ وَلَوْ لِلِّبَأِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ أُجِيبَتْ وَلَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِأَبِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ وَلِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا فَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ، وَتَعَيُّنُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا لَا يُوجِبُ التَّبَرُّعَ بِهِ كَمَا يَلْزَمُ مَالِكَ الطَّعَامِ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ بِبَدَلِهِ وَالْأُجْرَةُ تَجِبُ فِي مَالِ الطِّفْلِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ كَالنَّفَقَةِ وَلَا يُزَادُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِلْإِرْضَاعِ، وَإِنْ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ الْغِذَاءِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ وَحَاجَتِهَا

(قَوْلُهُ: لَمْ تُجْبَرْ عَلَى إرْضَاعِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ امْتَنَعَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ، وَإِذَا أَخَذَتْ الْأُمُّ الْأُجْرَةَ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إنْ نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ وَهَلْ مِثْلُ الْإِرْضَاعِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فَكُلُّ مَا نَقَّصَ الِاسْتِمْتَاعَ يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِرْضَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَشْغَالِ اهـ ح ل وَأَصْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ لَمْ تَأْخُذْ أُجْرَةً وَأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِأَبِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا فَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الزَّوْجُ الْآخَرُ وَالسَّيِّدُ فَقَوْلُهُ كَأَنْ كَانَتْ إلَخْ أَيْ وَكَأَنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةَ غَيْرِ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ لِلْغَيْرِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَبَرَّعَتْ بِإِرْضَاعِهِ أَجْنَبِيَّةٌ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِهِ نَزَعَهُ مِنْ أُمِّهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُتَبَرِّعَةِ لِتُرْضِعَهُ إنْ لَمْ تَتَبَرَّعْ أُمُّهُ بِإِرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْأُجْرَةَ مَعَ الْمُتَبَرِّعَةِ إضْرَارًا بِهِ وَكَالْمُتَبَرِّعَةِ الرَّاضِيَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِهَا وَالرَّاضِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَلَوْ ادَّعَى وُجُودَهَا أَيْ الْمُتَبَرِّعَةِ أَوْ الرَّاضِيَةِ بِمَا ذُكِرَ وَأَنْكَرَتْ هِيَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ) نَصُّ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر بَعْدَ مِثْلِ هَذَا إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ كَمَا بَحَثَهُ الْقَرَافِيُّ انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إذَا طَلَبَتْ عَلَيْهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِدُونِهَا وَأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا إذَا طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ فَقَدْ يُنْزَعُ مِنْهَا الْوَلَدُ لِأَجْلِ الْإِرْضَاعِ وَيُعَادُ إلَيْهَا لِلْحَضَانَةِ

وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ وَالشِّهَابُ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>