للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ ابْنِهِ كَالْأَبِ بِجَامِعِ الْعُصُوبَةِ (كَأَبٍ) أَيْ كَمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبٍ (وَأُخْتٍ) لِغَيْرِ أَبٍ (أَوْ خَالَةٍ) كَالْأُمِّ (وَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارٍ) لِأَحَدِهِمَا (تَحَوُّلٌ لِلْآخَرِ) وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ قِيلَ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ سَبَبَ تَكَرُّرِهِ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ تُرِكَ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّمْيِيزِ، وَقَوْلِي: أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاشِي أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ لَكِنْ قَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ التَّخْيِيرَ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ الْعَمِّ بِالذَّكَرِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُشْتَهَاةُ لَا تُسَلَّمُ لَهُ كَمَا مَرَّ (وَلِأَبٍ) مَثَلًا (إنْ اُخْتِيرَ مَنْعُ أُنْثَى لَا ذَكَرٍ زِيَارَةَ أُمٍّ) لِتَأْلَفَ الصِّيَانَةَ وَعَدَمَ الْبُرُوزِ، وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا بِخِلَافِ الذَّكَرِ لَا يَمْنَعُهُ زِيَارَتَهَا لِئَلَّا يَأْلَفَ الْعُقُوقَ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ، وَخَرَجَ بِزِيَارَةِ الْأُمِّ عِيَادَتُهَا فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا.

(وَلَا يَمْنَعُ أُمًّا زِيَارَتَهُمَا) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (عَلَى الْعَادَةِ) كَيَوْمٍ فِي أَيَّامٍ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دُخُولِهَا بَيْتَهُ، وَإِذَا زَارَتْ لَا تُطِيلُ الْمُكْثَ (وَهِيَ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا عِنْدَهُ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَيْهِ، هَذَا (إنْ رَضِيَ) بِهِ (وَإِلَّا فَعِنْدَهَا) وَيَعُودُهُمَا وَيُحْتَرَزُ فِي الْحَالَيْنِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا (وَإِنْ اخْتَارَهَا ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا لَيْلًا، وَعِنْدَهُ نَهَارًا) لِيُعَلِّمَهُ الْأُمُورَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الذُّكُورِ مِنْ الْعَصَبَاتِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بِجَامِعِ الْعُصُوبَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ) أَيْ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْحَوَاشِيَ كُلَّهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَرِّرْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: كَأَبٍ وَأُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى سَائِرِ الْحَوَاشِي، وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ الْأُخْتُ وَالْخَالَةُ فَالْأَبُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا، وَمُقْتَضَى مَا هُنَا أَنَّ الْمَحْضُونَ كَانَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ عِنْدَ الْأُخْتِ أَوْ الْخَالَةِ وَنُخَيِّرُهُ بَعْدَهَا بَيْنَ مَنْ كَانَ عِنْدَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الضَّعِيفِ الْمُتَقَدِّمِ الْقَائِلِ بِتَقْدِيمِهِمَا عَلَى الْأَبِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَخُيِّرَ مُمَيِّزٌ بَيْنَ مُسْتَحِقِّهِ وَأَحَقَّ قَالَ شَارِحُهُ: هُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَالَةِ قَالَ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ تَرْجِيحِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَالَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَهُوَ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الْأَبِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ أَبٍ) أَيْ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأُمٍّ بِخِلَافِ الَّتِي لِلْأَبِ فَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلِ بِالْأُمِّ اهـ سم وَهَذَا مُشْكِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأُخْتَ الَّتِي لِلْأَبِ فَقَطْ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الَّتِي لِلْأُمِّ فَقَطْ فَلَا حَقَّ فِي الْحَضَانَةِ لِلثَّانِيَةِ مَعَ وُجُودِ الْأُولَى فَكَيْفَ يَتَأَتَّى تَخْيِيرُ الْمَحْضُونِ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ الْأَبِ مَعَ وُجُودِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: تَحَوُّلُهُ لِلْآخَرِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَيْ الْآخَرُ بِخِلَافِ مَجْهُولِ النَّسَبِ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا تَحَوُّلٌ لِلْآخَرِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِالذَّكَرِ) أَيْ بِمَا إذَا كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا (قَوْلُهُ: وَلِأَبٍ إنْ اُخْتِيرَ مَنْعُ أُنْثَى) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُهُ زِيَارَتَهَا) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهَا) لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ تَمْكِينِهَا مِنْ الْخُرُوجِ عِنْدَ انْتِفَاءِ رِيبَةٍ قَوِيَّةٍ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ بَلْ الظَّاهِرُ حُرْمَةُ تَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ اهـ ع ش وَيَجْرِي هَذَا الْقَيْدُ فِي صُورَةِ جَوَازِ تَمْكِينِهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِلزِّيَارَةِ بِالْأَوْلَى اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهَا قَرِيبًا فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهَا كُلَّ يَوْمٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ شَرْحُ م ر، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَرِيبَةِ الْمَنْزِلِ وَبَعِيدَتِهِ فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ فِي حَقِّ الْبَعِيدَةِ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْأُمِّ فَإِذَا تَحَمَّلَتْهَا وَأَتَتْهُ كُلَّ يَوْمٍ لَمْ يَحْصُلْ لِلْبِنْتِ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهَا قَرِيبًا حَاصِلُ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ مَنْزِلَهَا إنْ كَانَ قَرِيبًا فَجَاءَتْ كُلَّ يَوْمٍ لَزِمَهُ تَمْكِينُهَا مِنْ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَجَاءَتْ كُلَّ يَوْمٍ فَلَهُ مَنْعُهَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَالْمَشَقَّةُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَنْعِ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ وَجْهَهُ النَّظَرُ إلَى الْعُرْفِ فَإِنَّ الْعُرْفَ أَنَّ قَرِيبَ الْمَنْزِلِ كَالْجَارِ يَتَرَدَّدُ كَثِيرًا بِخِلَافِ بَعِيدِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دُخُولِهَا بَيْتَهُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَدْخُلُهُ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَلَهَا أَنْ لَا تَكْتَفِيَ بِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ إلَيْهَا عَلَى الْبَابِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا عِنْدَهُ إلَخْ) وَلَا يَمْنَعُ الْأُمَّ مِنْ حُضُورِ تَجْهِيزِهِمَا فِي بَيْتِهِ إذَا مَاتَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِمَا إذَا دُفِنَا فِي مِلْكِهِ وَالْحُكْمُ فِي الْعَكْسِ كَذَلِكَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي دَفْنِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا فِي تُرْبَةِ أَحَدِهِمَا أُجِيبَ الْأَبُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فِي تُرْبَةِ أَحَدِهِمَا أَيْ التُّرْبَةِ الَّتِي اعْتَادَ أَحَدُهُمَا الدَّفْنَ فِيهَا وَلَوْ مُسْبَلَةً وَقَوْلُهُ أُجِيبَ الْأَبُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ نَقْلُ مَحْرَمٍ مَاتَ عِنْدَ أُمِّهِ وَالْأَبُ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: فِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ حَالَتَيْ تَمْرِيضِهِمَا عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَهُ اهـ شَيْخُنَا (بِقَوْلِهِ لِيُعَلِّمَهُ الْأُمُورَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَإِنْ اخْتَارَهَا ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا لَيْلًا، وَعِنْدَهُ نَهَارًا لِيُؤَدِّبَهُ وُجُوبًا بِتَعْلِيمِهِ طَهَارَةَ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ رَذِيلَةٍ وَتَحْلِيَتَهَا بِكُلِّ مَحْمُودٍ وَيُسَلِّمَهُ وُجُوبًا لِمَكْتَبٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُ التَّاءِ أَيْ مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَحَلِّ التَّعْلِيمِ وَسَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْكُتَّابِ كَمَا هُوَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَلَمْ يُبَالِ أَنَّهُ جَمْعُ كَاتِبٍ، وَحِرْفَةً يَتَعَلَّمُ مِنْ الْأَوَّلِ الْكِتَابَةَ، وَمِنْ الثَّانِي الْحِرْفَةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِ الْوَلَدِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبٍ شَرِيفٍ تَعْلِيمُ وَلَدِهِ صَنْعَةً تُزْرِي بِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رِعَايَةَ خَطِّهِ وَلَا يَكِلْهُ إلَى أُمِّهِ لِعَجْزِ النِّسَاءِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَأُجْرَةُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي سَاكِنٍ بِبَلَدٍ وَمُطَلَّقَتُهُ بِقُرْبِهِ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ مُقِيمٌ عِنْدَهَا فِي مَكْتَبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>