للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَلَفْظُ مُبَاشَرَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَطَلَاقٍ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِشَرْطِ تَحْرِيمِهِ الْآتِي فِي بَابِهِ مِنْ كَوْنِهَا مَوْطُوءَةً تَعْتَدُّ بِأَقْرَاءِ مُطَلَّقَةٍ بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَإِذَا انْقَطَعَ) مَا ذُكِرَ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ (لَمْ يَحِلَّ) مِمَّا حَرُمَ بِهِ (قَبْلَ طُهْرٍ) غُسْلًا كَانَ أَوْ تَيَمُّمًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ (غَيْرُ صَوْمٍ وَطَلَاقٍ وَطُهْرٍ) فَتَحِلُّ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إذَا زَادَ عَلَيْهَا فَلَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إنَّ أَكْثَرَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ وَيُسَنُّ لِلْوَاطِئِ فِي إقْبَالِ الدَّمِ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا دُونَ الْمَوْطُوءَةِ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ إسْلَامِيٍّ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَوْ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ وَفِي أَدْبَارِهِ بِنِصْفِ دِينَارٍ كَذَلِكَ وَلَوْ زَوْجًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَدْ أَبْدَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَعْنًى لَطِيفًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي أَوَّلِهِ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالْجِمَاعِ فَلَا يُعْذَرُ وَفِي آخِرِهِ قَدْ بَعُدَ عَهْدُهُ فَخَفَّفَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِإِدْبَارِهِ زَمَنُ ضَعْفِهِ وَتَنَاقُصِهِ وَبُعْدِهِ إلَى الْغُسْلِ وَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِلْإِيذَاءِ فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ كَاللِّوَاطِ وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا كَفَّارَةَ فِي وَطْئِهَا، وَإِنْ حَرُمَ وَالْوَطْءُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ إلَى الطُّهْرِ كَالْوَطْءِ فِي آخِرِهِ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ أَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَ الْغُسْلِ يُورِثُ الْجُذَامَ فِي الْوَلَدِ وَقِيلَ فِي الْوَاطِئِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَشَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِلَا عُذْرٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ وَعَمَّمَهُ بَعْضُهُمْ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْوَطْءُ لِدَفْعِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ يَرْتَكِبُ أَخَفَّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَشَدِّهِمَا بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ حِلُّ اسْتِمْنَائِهِ بِيَدِهِ إنْ تَعَيَّنَ لِذَلِكَ اهـ سم وَهَلْ قَوْلُهُ بِيَدِهِ قَيْدٌ فَيَحْرُمُ بِيَدِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ لَا فَيَجُوزُ بِنَحْوِ يَدِهَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِهِ تَقْدِيمُ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُبَاحُ فِعْلُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَوْلَا الْحَيْضُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَعَيُّنُ وَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الزِّنَا كَأَنْ انْسَدَّ قُبُلُهَا وَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِالْحَيْضِ فَكَذَّبَهَا لَمْ يَحْرُمْ الْوَطْءُ أَوْ صَدَّقَهَا حَرُمَ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهَا وَلَمْ يُكَذِّبْهَا فَالْأَوْجَهُ حِلُّهُ لِلشَّكِّ وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى الْحَيْضِ فَادَّعَتْ نَقَاءَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَطَلَاقٌ بِشَرْطِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحُكْمَيْنِ وَالْمَوْلَى بِخِلَافِهِ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ أَخْذُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ الشَّارِحُ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ مِنْ كَوْنِهَا مَوْطُوءَةً) سَيَأْتِي شَرْحُ هَذِهِ الْقُيُودِ وَمَفَاهِيمِهَا فِي مَبْحَثِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِمَّا حَرُمَ بِهِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ لَا عَدَمُ الْحِلِّ مُطْلَقًا الشَّامِلُ لِمَا حَرُمَ وَغَيْرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ طُهْرٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْوَصْفُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْبَدَنِ وَهُوَ التَّطْهِيرُ وَالْمُرَادُ بِالطُّهْرِ الثَّانِي الْفِعْلُ وَهُوَ التَّطْهِيرُ، فَإِنَّهُ الَّذِي يُوصَفُ بِالْحِلِّ أَوْ الْمُرَادُ بِالطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْخَاصُّ وَهُوَ الْغُسْلُ الْوَاجِبُ أَوْ بَدَلُهُ وَبِالثَّانِي الْعَامُّ فِي الْوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ فَانْدَفَعَ التَّهَافُتُ الَّذِي فِي الْعِبَارَةِ إذْ ظَاهِرُهَا حِلُّ الشَّيْءِ قَبْلَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الطُّهْرِ غَيْرُ الطُّهْرِ اهـ شَبْرَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَطَهُرَ أَيْ مُطْلَقًا مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ عَنْهَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ فَغَايَرَهُ أَوْ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْحُصُولُ وَبِالثَّانِي الْفِعْلُ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا اعْتِرَاضَ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ فِي عِبَارَتِهِ تَهَافُتًا تَأَمَّلْ انْتَهَى لِكَاتِبِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَوْمٍ إلَخْ) أَيْ وَغَيْرُ عُبُورِ مَسْجِدٍ فَتَحِلُّ الْأَرْبَعَةُ قَبْلَ الطُّهْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْعُبُورَ لِلْعِلْمِ بِجَوَازِهِ مِنْ انْتِفَاءِ شَرْطِ حُرْمَتِهِ الَّذِي قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ إنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ لَا تَلْوِيثَ يُخَافُ وَحِينَئِذٍ يَحِلُّ الْعُبُورُ فَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِهَذَا عَنْ ذِكْرِ الْعُبُورِ اهـ شَيْخُنَا وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَمَتُّعٍ وَمَسٍّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ وَنَحْوِهَا بَاقٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ تَتَيَمَّمَ أَمَّا غَيْرُ التَّمَتُّعِ فَلِبَقَاءِ حَدَثِهَا، وَأَمَّا التَّمَتُّعُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] ، فَإِنَّهُ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقِرَاءَتَانِ فِي السَّبْعِ فَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ فَصَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا الِاغْتِسَالَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ لِقَرِينَةٍ قَوْلُهُ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ انْقِطَاعَ الْحَيْضِ فَقَدْ ذُكِرَ بَعْدَهُ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ) وَهِيَ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ مُضْعِفٌ وَخُرُوجَ الدَّمِ مُضْعِفٌ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا مُضَعِّفَانِ وَقَدْ نَظَرَ الشَّارِعُ لِحِفْظِ الْأَبْدَانِ وَفِي الطَّلَاقِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ وَفِي الطُّهْرِ التَّلَاعُبُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>