وَبِالْمُلْقِي أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِهِ وَبِأَحَدِهِمَا أَوْ عَمَّ الثَّلَاثَةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ وَلَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ لِأَنَّهُ الْتِمَاسُ إتْلَافٍ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِعِوَضٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَإِنْ لَمْ يَخَفْ غَرَقًا أَوْ اخْتَصَّ النَّفْعُ بِالْمُلْقِي كَأَنْ قَالَ: مَنْ بِالشَّطِّ أَوْ بِزَوْرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ بِقُرْبِ السَّفِينَةِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَأَلْقَاهُ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى شَبِيهٌ بِمَنْ الْتَمَسَ هَدْمَ دَارِ غَيْرِهِ فَفَعَلَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَمَرَ الْمَالِكَ بِفِعْلٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَفَعَلَهُ لِغَرَضِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ عِوَضٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِمُضْطَرٍّ: كُلْ طَعَامَك وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَأَكَلَهُ وَفِي الثَّالِثَةِ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ حَيْثُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَنْفَعُهُ قَطْعًا وَالْإِلْقَاءَ قَدْ لَا يَنْفَعُهُ.
(وَلَوْ قَتَلَ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ فِي الْأَشْهَرِ (أَحَدَ رُمَاتِهِ) كَأَنْ عَادَ عَلَيْهِ (هُدِرَ قِسْطُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي) مِنْ دِيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِهِمْ خَطَأً فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ سَقَطَ عُشْرُ دِيَتِهِ وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا (أَوْ) قَتَلَ (غَيْرَهُمْ بِلَا قَصْدٍ) مِنْ الرُّمَاةِ (فَخَطَأٌ) قَتَلَهُ لِعَدَمِ قَصْدِهِمْ لَهُ (أَوْ بِهِ) أَيْ بِقَصْدٍ مِنْهُمْ (فَعَمْدٌ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) مِنْهُمْ بِحَذْفِهِمْ لِقَصْدِهِمْ مُعَيَّنًا بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنْ غَلَبَ عَدَمُهَا أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَشِبْهُ عَمْدٍ.
ــ
[حاشية الجمل]
أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ فَيَضْمَنُ الْآمِرُ لِأَنَّ ذَلِكَ آلَةٌ لَهُ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ عَدَمُ مِلْكِ الْمُلْتَمِسِ لِلْمُلْقَى فَلَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ فَهُوَ لِمَالِكِهِ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ بِعَيْنِهِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبَدَلَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُنْقِصْهُ الْبَحْرُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْمُلْتَمِسُ نَقْصَهُ لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ قَالَ: أَلْقِ مَتَاعَك وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَضْمَنُهُ أَنَا وَرُكَّابُهَا أَوْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ وَهُمْ ضَامِنُونَ أَوْ أَنَا وَرُكَّابُهَا ضَامِنُونَ لَهُ كُلٌّ مِنَّا عَلَى الْكَمَالِ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَكُلٌّ مِنْهُمْ ضَامِنٌ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ أَوْ أَنَا وَرُكَّابُهَا ضَامِنُونَ لَهُ لَزِمَهُ قِسْطُهُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ ضَمَانٍ سَبَقَ مِنْهُمْ وَصَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ وَإِنْ أَنْكَرَ وَأَصْدَقُوا وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَإِنْ قَالَ: أَنْشَأْت عَلَيْهِمْ الضَّمَانَ ثِقَةً بِرِضَاهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ وَإِنْ رَضُوا أَوْ أَنَا وَهُمْ ضُمَنَاءُ وَضَمِنْت عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ
فَإِنْ أَنْكَرُوا الْإِذْنَ صُدِّقُوا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ أَوْ أَنَا وَهُمْ ضَامِنُونَ وَأُخَلِّصُهُ مِنْ مَالِهِمْ أَوْ مِنْ مَالِي لَزِمَهُ الْجَمِيعُ أَوْ أَنَا وَهُمْ ضَامِنُونَ ثُمَّ بَاشَرَ الْإِلْقَاءَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ ضَمِنَ الْقِسْطَ لَا الْجَمِيعَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ أَيْ مِمَّا أَلْقَاهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ مَا أَلْقَاهُ قَبْلَهُ كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي رَمْيِ أَحْمَالٍ عَيَّنَهَا فَأَلْقَى وَاحِدًا ثُمَّ رَجَعَ الضَّامِنُ ضَمِنَ ذَلِكَ الْوَاحِدَ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الرُّجُوعِ أَوْ فِي وَقْتِهِ صُدِّقَ الْمُلْقِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رُجُوعِ الْمُلْتَمِسِ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ قِسْطُهُ أَيْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الضَّمَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْغَيْرِ فَيَلْزَمُ مَا الْتَزَمَ دُونَ غَيْرِهِ وَفِيمَا قَبْلَهَا جَعَلَ نَفْسَهُ ضَامِنًا لِلْجَمِيعِ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَأَلْغَى مَا نَسَبَهُ لِغَيْرِهِ انْتَهَى ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِهِ وَبِأَحَدِهِمَا) فِيهِ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَمَّ الثَّلَاثَةَ وَاحِدَةً فَالصُّوَرُ سِتَّةٌ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مَا لَمْ يَجِبْ لِمَنْ رُوعِيَ فِيهِ أَنَّهُ اقْتِدَاءٌ فَلَيْسَ ضَمَانًا حَقِيقِيًّا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِقَدْرِ الْمُلْقَى وَالضَّمَانُ فِيهِ بِالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك إلَخْ) أَيْ أَوْ أَطْلِقْ الْأَسِيرَ عَلَى كَذَا أَوْ اُعْفُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيَّ وَكَذَا أَوْ أَطْعِمْ هَذَا الْجَائِعَ وَلَك عَلَيَّ كَذَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ غَرَقًا) مُحْتَرَزُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَوْ اخْتَصَّ مُحْتَرَزُ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ أَوْ اقْتَصَرَ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَصَّ النَّفْعُ بِالْمُلْقِي) أَيْ أَوْ خَافَ غَرَقًا وَاخْتَصَّ إلَخْ فَانْظُرْ صُورَتَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ: لَوْ قَالَ لِرَقِيقِهِ فِي سَفَرٍ مَثَلًا خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُمَا: أَلْقِ مَتَاعَك وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ ضَمِنَهُ كَمَا هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَمِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الشُّرُوطِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ غَرَقًا وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ اخْتَصَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ اقْتَصَرَ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَخْ) وَإِنَّمَا أَتَى بِالثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْ الثَّانِيَةِ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيهَا أَيْ الثَّالِثَةِ بِالْأُولَى تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَفَارَقَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مَنْجَنِيقٍ) يَذَّكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ لِأَنَّ الْجِيمَ وَالْقَافَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ عَرَبِيَّةٍ اهـ شَرْحُ م ر وَهُوَ آلَةٌ تُرْمَى بِهَا الْحِجَارَةُ اهـ ز ي (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ فِي الْأَشْهَرِ) وَمُقَابِلُ الْأَشْهَرِ كَسْرُ الْمِيمِ اهـ خ ط اهـ ع ش عَلَى م ر أَيْ مَعَ فَتْحِ الْجِيمِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمَنْجَنِيقُ فَنْعَلِيلٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالتَّأْنِيثُ أَكْثَرُ مِنْ التَّذْكِيرِ فَيُقَالُ: هِيَ الْمَنْجَنِيقُ وَهُوَ الْمَنْجَنِيقُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمِيمُ زَائِدَةٌ وَوَزْنُهُ مَنْفَعِيلُ فَأُصُولُهُ جَنَقَ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ: مَنْجَنِيقٌ وَمَنْجَنُوقٌ وَرُبَّمَا قِيلَ: مَنْجَنِيقٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ لِأَنَّهُ آلَةٌ وَالْجَمْعُ مَنْجَنِيقَاتٌ وَمَجَانِيقُ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُقَالُ: مَنْجَلِيقٌ بِاللَّامِ وَمَنْجَنُوقٌ بِالْوَاوِ اهـ (قَوْلُهُ هَدَرَ قِسْطُهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ حَصَلَ عَوْدُهُ عَلَى بَعْضِهِمْ بِأَمْرٍ صَنَعَهُ الْبَاقُونَ وَقَصَدُوهُ وَبِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ وَغَلَبَتْ إصَابَتُهُ فَهُوَ عَمْدٌ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بَلْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُخْطِئٍ وَكَأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُمْ وَنَحْنُ صَوَّرْنَاهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي) وَالضَّمَانُ يَخْتَصُّ بِمَنْ مَدَّ الْحِبَالَ وَرَمَى الْحَجَرَ لِمُبَاشَرَتِهِمْ لَهُ دُونَ وَاضِعِهِ وَمَاسِك الْخَشَبِ إذْ لَا دَخْلَ لَهُمْ فِي الرَّمْيِ أَصْلًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمْ دَخْلٌ فِيهِ ضَمِنُوا أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَعَمْدٌ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْغَلَبَةَ تُعْتَبَرُ فِي الْآلَةِ مِنْ كَوْنِهَا الْغَالِبُ فِيهَا الْهَلَاكُ أَوْ لَا أَيْ إلَّا فِي الْمَنْجَنِيقِ فَالْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ غَلَبَةُ الْإِصَابَةِ مِنْ الرُّمَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute