تَعَدُّدٌ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ (وَ) ثَانِيهَا (بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) مَنْ عَيَّنَهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَانَ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ حِينَئِذٍ لِيَكُونَ خَلِيفَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي حَيَاتِهِ (كَجَعْلِهِ الْأَمْرَ) فِي الْخِلَافَةِ (شُورَى) أَيْ تَشَاوُرًا (بَيْنَ جَمْعٍ) فَإِنَّهُ كَالِاسْتِخْلَافِ لَكِنْ لِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ جَمْعٍ فَيَرْتَضُونَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ بِإِذْنِهِ أَحَدَهُمْ كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَمْرَ شُورَى
ــ
[حاشية الجمل]
عَقَدَهَا جَمَاعَةٌ كَمَا صَحَّحَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَأَصْلِهِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ إطْلَاقُ وَجْهَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ وَحَكَى بَعْدَ تَصْحِيحِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ أَصْحَابِنَا اشْتِرَاطَ حُضُورِ الشُّهُودِ لِئَلَّا يُدَّعَى عَقْدٌ سَابِقٌ وَلِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَيْسَتْ دُونَ النِّكَاحِ اهـ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّفْصِيلِ فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِشْهَادَ فِي الشِّقَّيْنِ أَوْ لَا يَشْتَرِطَ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا اهـ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَعِبَارَةِ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ شَاهِدَانِ إنْ اتَّحَدَ الْمُبَايَعُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَحْدَهُ فَرُبَّمَا اُدُّعِيَ عَقْدٌ سَابِقٌ وَطَالَ الْخِصَامُ لَا أَنْ تَعَدَّدُوا أَيْ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ بِهَا حِينَئِذٍ فَلَا مَحْذُورَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ) أَيْ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا مَعَ الْقَوْلِ بِكِفَايَةِ وَاحِدٍ قُلْت الْمَعْنَى إنَّ مَنْ اكْتَفَى فِي الْعَدَدِ بِوَاحِدٍ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ فَلَا يُشْتَرَطُ الِاجْتِهَادُ، وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ وَاحِدًا هَذَا مَا تَبَيَّنَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَوْضِعِ لَكِنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَيَّدَ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَاقِدُ وَاحِدًا لَا بُدَّ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِيهِ فَلَمْ يَجْعَلْهُ مُفَرَّعًا عَلَى ضَعِيفٍ وَعِبَارَتُهُ أَمَّا لَوْ عَقَدَ بِوَاحِدٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَكَذَا عِنْدَ اعْتِبَارِ الدَّمِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُجْتَهِدًا اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَثَانِيهَا بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إلَخْ) وَصُورَتُهُ أَنْ تُعْقَدَ لَهُ الْخِلَافَةُ فِي حَيَاتِهِ لِيَكُونَ هُوَ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ خَلِيفَةً فِي حَيَاتِهِ غَيْرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَوْتِهِ فَفِيهِ شَبَهٌ بِوَكَالَةٍ نُجِّزَتْ وَعُلِّقَ تَصَرُّفُهَا بِشَرْطٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ قَضِيَّةِ الْعَهْدِ وَعُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْوَكَالَةِ رَدُّ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ وَيَجُوزُ الْعَهْدُ لِجَمْعٍ مُرَتَّبِينَ نَعَمْ لِلْأَوَّلِ مَثَلًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُعَاهَدِ الْعَهْدُ بِهَا إلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَقَلَّ بِهَا صَارَ أَمْلَكَ لَهَا، وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَاحِدٍ جَازَ لَكِنَّ قَبُولَ الْمُوصَى لَهُ وَاجْتِمَاعَ الشُّرُوطِ فِيهِ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي اهـ شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأُمَرَاءِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ مَنْ يَكُونُ أَمِيرًا بَعْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(فَائِدَةٌ) يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ سم. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَثَانِيهَا بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ بِقِسْمَيْهِ يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ الْجَامِعِ لِلشُّرُوطِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي التَّوَارِيخِ وَالطَّبَقَاتِ مِنْ تَنْفِيذِ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ عُهُودَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مَعَ عَدَمِ اسْتِجْمَاعِهِمْ لِلشُّرُوطِ بَلْ نَفَّذَ السَّلَفُ عُهُودَ بَنِي أُمَيَّةَ مَعَ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذِهِ وَقَائِعُ مُحْتَمَلَةٌ أَنَّهُمْ إنَّمَا نَفَّذُوا ذَلِكَ لِلشَّوْكَةِ وَخَشْيَةَ الْفِتْنَةِ لَا لِلْعَهْدِ بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْخِلَافَةِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِعُمَرَ وَثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِبَكْرٍ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ عَلَى مَا «رَتَّبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَرَاءَ جَيْشِ مُؤْتَةَ» فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مُتَرَتِّبِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يُشَاوِرْ أَحَدًا وَصَحَّ اسْتِخْلَافُ غَائِبٍ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا جُهِلَتْ وَيُسْتَقْدَمُ أَيْ يُطْلَبُ قُدُومُهُ بِأَنْ يَطْلُبَهُ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ فَإِنَّ بَعْدَ قُدُومِهِ بِأَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَتَضَرَّرُوا أَيْ الْمُسْلِمُونَ بِتَأْخِيرِ النَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ عُقِدَتْ الْخِلَافَةُ أَيْ عَقَدَهَا أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِنَائِبٍ عَنْهُ بِأَنْ يُبَايِعُوهُ بِالنِّيَابَةِ دُونَ الْخِلَافَةِ وَيَنْعَزِلُ بِقُدُومِهِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ إلَخْ) الَّذِي كَتَبَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ أَنِّي اسْتَعْمَلْت عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنْ بَرَّ وَعَدَلَ فَذَاكَ عِلْمِي وَرَأْيِي فِيهِ وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ فَلَا عِلْمَ لِي بِالْغَيْبِ وَالْخَيْرَ أَرَدْت وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَهُ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧] اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي حَيَاتِهِ) الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَيَرْتَضُونَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُمْ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاخْتِيَارُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الِاخْتِيَارِ لَمْ يُجْبَرُوا، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمْ يَخْتَارُونَ أَحَدَهُمْ ظَاهِرٌ إنْ فُوِّضَ لَهُمْ الِاخْتِيَارُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَمْرَ إلَخْ) فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اجْتَمَعُوا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute