للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ جَحْدٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا بِقَيْدَيْنِ زِدْتهمَا بِقَوْلِي (مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً بِلَا عُذْرٍ) كَرَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَكَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ بِخِلَافِ جَحْدٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْتِ وَبِخِلَافِ الْمَعْذُورِ كَمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذِرَةٍ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ الْغَزَالِيُّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ «أَنَّ اللَّهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ» وَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَارِدُ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ نَحْوُ {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: ٦٤] {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤] وَمَا فِي الْخَبَرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ فِي الصَّانِعِ بِأَلْ بِغَيْرِ إضَافَةٍ وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ» لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ أَنَّ الصَّاحِبَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَكَذَا هَذَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّانِعَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى

وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لِيَعْزِمَ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ الْمُضَافِ أَوْ الْمُقَيَّدِ نَعَمْ صَحَّ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ «اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ فَاتِحٌ لَكُمْ وَصَانِعٌ» وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ تَعَالَى مَا لَا يَشْعُرُ بِنَقْصٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الْغَزَالِيُّ أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُ الصِّفَاتِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ تَرِدْ، وَهَذَا حِكْمَةُ الْعَطْفِ بِأَوْ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَكْذِيبِهِ) أَيْ، وَلَوْ فِي غَيْرِ النُّبُوَّةِ، وَمِثْلُ تَكْذِيبِهِ مَا لَوْ قَصَدَ تَحْقِيرَهُ، وَلَوْ بِتَصْغِيرِ اسْمِهِ أَوْ سَبِّهِ أَوْ سَبِّ الْمَلَائِكَةِ أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ أَنْكَرَ غَيْرُ جَاهِلٍ مَعْذُورٍ الْبَعْثَ أَوْ مَكَّةَ أَوْ الْكَعْبَةَ أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ. وَالْوَجْهُ فِيمَنْ قَالَ عَلِمَ اللَّهُ أَوْ فِيمَا يَعْلَمُ اللَّهُ كَذَا، وَكَذَا وَكَانَ كَاذِبًا عَدَمُ الْكُفْرِ بِمُجَرَّدِهِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَذَبَ، فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ عِلْمِ اللَّهِ بِهِ أَوْ أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ أَوْ جَوَّزَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ.

(فَرْعٌ)

مَنْ صَلَّى خَوْفًا مِنْ الْعَذَابِ وَأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ عَصَى بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ، فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ كَفَرَ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَخَرَجَ بِتَكْذِيبِهِ الْكَذِبُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ رِدَّةً وَإِنْ كَانَ حَرَامًا اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ إثْبَاتًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ أَيْ مُجْمَعٌ عَلَى إثْبَاتِهِ أَوْ نَفْيِهِ فَقَوْلُهُ كَرَكْعَةٍ مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ مِثَالٌ لِلثَّانِي. (قَوْلُهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً) بِأَنْ يَعْرِفُهُ كُلٌّ مِنْ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ) قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَهُ وَيَجْحَدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَبَثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَهُ بَحْثًا اهـ سم.

وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَلَا يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ لِلْعُذْرِ بَلْ يُعْرَفُ الصَّوَابَ لِيَعْتَقِدَهُ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْرِفُهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ إذَا جَحَدَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ بِحُرُوفِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ أَوْ تَرَدُّدٍ فِي كُفْرٍ) أَيْ أَوْ رَضِيَ بِهِ وَمِنْهُ مَنْ قَالَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الْإِسْلَامِ اصْبِرْ سَاعَةً وَخَرَجَ بِهِ الْمُتَرَدِّدُ فِي فِعْلِ الْمُكَفِّرِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهِ بَلْ بِالْإِتْيَانِ بِالْكُفْرِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الصَّانِعِ لَا عَلَى كُفْرٍ إذْ لَوْ عُطِفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِلْقَاءِ كُفْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضِ أَقُولُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكُفْرِ بِهِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ أَوْ تَرَدُّدٍ فِي كُفْرٍ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِهِ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ لِمَا فُسِّرَ بِهِ الرِّدَّةُ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي الْكُفْرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ نَحْوُهُ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ مِنْ الْحَدِيثِ

قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَالْإِلْقَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مُمَاسَّتِهِ بِقَذَرٍ، وَلَوْ طَاهِرًا كَمُخَاطٍ وَبُصَاقٍ وَمَنِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ

وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ وَقْفَةٌ فَلَوْ قِيلَ تُعْتَبَرُ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مِنْ الْحَدِيثِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي إلْقَائِهِ اسْتِخْفَافًا بِمِنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَخَرَجَ بِالضَّعِيفِ الْمَوْضُوعُ وَقَوْلُهُ تُعْتَبَرُ قَرِينَةً دَالَّةً إلَخْ وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ بَلْ وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَتِهِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ نَحْوُهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَبَقِيَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْفَقِيهَ مَثَلًا يَضْرِبُ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا أَمْ لَا وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ بُعْدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ نَعَمْ تَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ رَوَّحَ بِالْكُرَّاسَةِ عَلَى وَجْهِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِرِجْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُبَهُ بِيَدَيْهِ لِمَانِعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>