(أَوْ) شَهِدْت (بِرِدَّتِهِ فَلَا تُقْبَلُ) أَيْ الْبَيِّنَةُ لِمَا مَرَّ وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ تُقْبَلُ وَلَا يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ بِلَا قَرِينَةٍ لِتَكْذِبِيهِ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا أَمَّا بِقَرِينَةٍ كَأَسْرِ كُفَّارٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا.
(وَلَوْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مَاتَ أَبِي مُرْتَدًّا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ رِدَّتِهِ) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (فَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ (اسْتُفْصِلَ) ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ رِدَّةٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرَهَا كَقَوْلِهِ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ صُرِفَ إلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ فَيْءٌ أَيْضًا ضَعِيفٌ.
(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ مُرْتَدٍّ) ذَكَرًا أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَرَمًا بِالْإِسْلَامِ وَرُبَّمَا عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَزُولُ وَالِاسْتِتَابَةُ تَكُونُ (حَالًا) ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا حَدٌّ فَلَا يُؤَخَّرُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ نَعَمْ إنْ كَانَ سَكْرَانَ سُنَّ التَّأْخِيرُ إلَى الصَّحْوِ (فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (أَوْ أَسْلَمَ صَحَّ) إسْلَامُهُ وَتُرِكَ (وَلَوْ) كَانَ (زِنْدِيقًا) أَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ لِآيَةِ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ١٢] وَخَبَرُ «، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقٍّ» وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُخْفِي الْكَفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَابَيْ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَالْفَرَائِضِ أَوْ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا كَمَا قَالَاهُ فِي اللِّعَانِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِّمَّاتِ ثُمَّ (وَفَرْعُهُ) أَيْ الْمُرْتَدُّ (إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ فِيهَا وَاحِدٌ أُصُولُهُ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) تَبَعًا وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو (أَوْ) أُصُولُهُ (مُرْتَدُّونَ فَمُرْتَدٌّ) تَبَعًا لَا مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَلَا يُسْتَرَقُّ وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُسْتَتَابَ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ
ــ
[حاشية الجمل]
بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ أَيْ الرَّأْيِ السَّدِيدِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَوْ بِرِدَّتِهِ) أَيْ فَلَا تُقْبَلُ أَيْ بَلْ هُوَ الَّذِي يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ أَوْ لَا وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ حَيْثُ قَالَ فِيمَا قَبْلَهُ حَلَفَ، وَقَالَ فِي هَذَا فَلَا تُقْبَلُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ فَاسِدَةٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ لِعَدَمِ التَّفْصِيلِ فَجَانِبُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ قَوِيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَصْلًا وَقَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَهَذَا أَيْ نَفْيُ قَبُولِهَا مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ تُقْبَلُ وَقَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ مَعْطُوفٌ عَلَى تُقْبَلُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ إمَّا بِقَرِينَةٍ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ بِلَا قَرِينَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَرَيْنَا عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ لَمْ تُقْبَلْ الْبَيِّنَةُ مُطْلَقًا وَإِنْ جَرَيْنَا عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ فَيُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ فَتُقْبَلَ الْبَيِّنَةُ وَأَنْ تَكُونَ فَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بَلْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ بِيَمِينِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ تَفْصِيلُ شَهَادَةٍ إلَخْ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ إلَخْ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ إلَخْ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ رِدَّةٌ إلَخْ) ، فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا التَّفْصِيلَ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَتَجِبُ اسْتِتَابَةِ مُرْتَدٍّ) فَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَفِي قَوْلٍ تُسْتَحَبُّ وَقَوْلُهُ حَالًا، وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ لِاحْتِرَامِهِمَا بِالْإِسْلَامِ، وَفِي قَوْلٍ تُسْتَحَبُّ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَهِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَالِ، وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِأَثَرٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ، فَإِنْ أَصَرَّا أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ قُتِلَا وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِ حَالًا وَعَلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ) بِأَنْ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرْتَبَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، وَقَالَ شَيْخُنَا لَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِرَافِهِ بِالرِّسَالَةِ إنْ كَانَ يُنْكِرُهَا أَوْ الْبَرَاءَةِ مِمَّا يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَكْرِيرِ لَفْظِ أَشْهَدُ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ إتْيَانِهِ بِالْوَاوِ بَدَلَهَا كَمَا فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ التَّنَاقُضِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ أَلْفَاظِ هَذِهِ الصِّيغَةِ فَلَا يُبْدَلُ لَفْظٌ مِنْهَا، وَلَوْ بِمُرَادِفِهِ فَلَا يَكْفِي لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا رَحْمَنَ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ، أَوْ أَعْلَمُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ أَحْمَدَ مَثَلًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الرَّحْمَنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ
وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ ضَمِيرَ أَسْلَمَ الرَّاجِعَ إلَى الْمُثَنَّى إمَّا بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ أَوْ كُلٍّ أَوْ عُمُومِ لَفْظِ الْمُرْتَدِّ لِلْأُنْثَى تَغْلِيبًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ، وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُمَا وَمُوَالَاتُهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ ثُمَّ الِاعْتِرَافُ بِرِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى غَيْرِ الْعَرَبِ مِمَّنْ يُنْكِرُهَا أَوْ الْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دَيْنَ الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ. وَلَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ تَابَ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ وَمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ رِدَّةٌ وَجَاءَنَا يَطْلُبُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَلَفُّظِهِ بِمَا نُسِبَ لَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكْرِيرِ لَفْظِ أَشْهَدُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ زِنْدِيقًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنَادِقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا وَالْبَاطِنِيُّ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِلْقُرْآنِ بَاطِنًا غَيْرَ ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الظَّاهِرِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُخْفِي الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ) ، وَهَذَا كَانَ يُعْرَفُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ بِالْمُنَافِقِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا) أَيْ مَنْ لَا يَنْتَسِبُ إلَى دِينٍ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَفُلَانٌ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ كَذَا أَوْ قَبِيلَةَ كَذَا أَيْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ انْتَهَى اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَأَحَدُ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ) قَيَّدَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَالْمُرَادُ بِأُصُولِهِ هُنَا