(أَكْثَرَهُ فَهُوَ مَعَ نَقَاءٍ تَخَلَّلَهُ حَيْضٌ) مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً وَخَرَجَ بِزَمَنِ الْحَيْضِ مَا لَوْ بَقِيَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ طُهْرٍ كَأَنْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا ثُمَّ انْقَطَعَ فَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ دَمُ فَسَادٍ لَا حَيْضٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِسِنِّ الْحَيْضِ وَتَعْبِيرِي بِقَدْرِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَقَلِّهِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْبُرَ أَكْثَرَهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي لَا مَعَ طَلْقٍ الدَّمُ الْخَارِجُ مَعَ طَلْقِهَا فَلَيْسَ بِحَيْضٍ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِنِفَاسٍ (فَإِنْ عَبَرَهُ وَكَانَتْ) أَيْ
ــ
[حاشية الجمل]
الَّذِي هُوَ الدَّمُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ قَدْرَهُ فَسَقَطَ مَا قِيلَ، يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى أَصْلِهِ وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْضًا عَنْ أَصْلِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَبَابُهُ نَصَرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ دَخَلَ وَنَصَرَ اهـ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَعَ نَقَاءٍ تَخَلَّلَهُ حَيْضٌ) وَهَذَا الْقَوْلُ يُسَمَّى قَوْلُ السَّحْبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالثَّانِي أَنَّ النَّقَاءَ طُهْرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ الدَّمُ عَلَى الْحَيْضِ وَجَبَ أَنْ يَدُلَّ النَّقَاءُ عَلَى الطُّهْرِ وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلُ اللَّقْطِ وَقَوْلُ التَّلْفِيقِ وَمَحَلُّ التَّلْفِيقِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُجْعَلُ النَّقَاءُ طُهْرًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إجْمَاعًا اهـ شَرْحُ م ر وَظَهَرَ مِنْ عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَا يَظْهَرَانِ إلَّا فِي غَيْرِ الدَّوْرِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ أَمَّا فِيهِ فِي حَقِّهَا فَتَقَدَّمَ أَنَّهَا كُلَّمَا انْقَطَعَ الدَّمُ تُؤْمَرُ بِأَحْكَامِ الطَّاهِرِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ تَأَمَّلْ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ طُهْرٌ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ وَنَحْوِهِ دُونَ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَعَ نَقَاءٍ تَخَلَّلَهُ حَيْضٌ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ تَحَقَّقَتْ أَنَّ أَوْقَاتَ الدَّمِ لَا تَنْقُصُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَأَمَّا إذَا شَكَّتْ فِي أَنَّهُ يَبْلُغُ ذَلِكَ فَهَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا تَرَاهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَى مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ حَيْضٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ حَيْضٌ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا يَمْنَعُهُ فَلَا تَقْضِي مَا فَاتَهَا فِيهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَيُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِسَبَبِهِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ ثُمَّ رَأَيْت م ر صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَابِ الْعَدَدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَوْ مُعْتَادَةً وَقَعَ الدَّمُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ انْقَسَمَ إلَى قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ وَافَقَ ذَلِكَ عَادَتَهَا أَمْ خَالَفَهَا؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ قَدْ اجْتَمَعَتْ، وَاحْتِمَالُ تَغَيُّرِ الْعَادَةِ مُمْكِنٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ) فَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِمَا أَنَّ حَيْضَهَا السَّابِقَ فَقَطْ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فِي الْأُولَى، وَالِاثْنَا عَشَرَ فِي الثَّانِيَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ ثُمَّ إنَّ الْحُكْمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بِأَنَّهَا حَيْضٌ فَقَطْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مِنْ انْتِفَاءِ الْحَيْضِ فِيمَا لَوْ زَادَتْ أَوْقَاتُ الدِّمَاءِ مَعَ النَّقَاءِ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ مَا سَيَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَزِدْ أَوْقَاتُ الدَّمِ وَالنَّقَاءِ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْقَطَعَ) خَرَجَ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ، فَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَغَيْرَ مُمَيِّزَةٍ أَوْ مُعْتَادَةٍ عَلِمَتْ بِعَادَتِهَا كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ رَأَتْ خَمْسَتَهَا الْمَعْهُودَةَ أَوَّلَ الشَّهْرِ ثُمَّ نَقَاءَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ عَادَ الدَّمُ وَاسْتَمَرَّ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ الْعَائِدِ طُهْرٌ ثُمَّ تَحِيضُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْهُ وَيَسْتَمِرُّ دَوْرُهَا عِشْرِينَ يَوْمًا اهـ حَجّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِسِنِّ الْحَيْضِ) أَيْ فَزَمَنُ الْحَيْضِ أَخَصُّ مِنْ سِنِّ الْحَيْضِ فَهَذَا الدَّمُ يُقَالُ لَهُ إنَّهُ فِي سِنِّ الْحَيْضِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ لَا يَخْفَى عَدَمُ وُرُودِهِ لِمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَفِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يُوجَدْ أَقَلُّ الطُّهْرِ حَتَّى تَكُونَ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ حَيْضًا فَإِيرَادُهُ عَلَيْهِ غَفْلَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ وُرُودُهُ بِأَنَّ عِلْمَ كَوْنِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ لَيْسَتْ حَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ قَبْلُ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ إلَخْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَقَلَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْبُرَ أَكْثَرَهُ) بِخِلَافِ رُؤْيَةِ الْقَدْرِ، فَإِنَّهَا تَصْدُقُ بِمَا إذَا جَاءَ مَعَ الْقَدْرِ شَيْءٌ آخَرُ فَرُؤْيَةُ عِشْرِينَ مَثَلًا يَصْدُقُ عَلَيْهَا رُؤْيَةُ الْقَدْرِ لَا الْأَقَلِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَدْرَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْبُرَ أَكْثَرُهُ أَيْضًا، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْقَدْرَ لَمَّا صَدَقَ بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ بِخِلَافِ الْأَقَلِّ، فَإِنَّهُ لَا يُتَخَيَّلُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَزِيدَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ اهـ ع ش وَمَعَ ذَلِكَ فَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ صَحِيحٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْأَقَلِّ صَادِقَةٌ بِرُؤْيَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْبُرْ لِلْمَرْئِيِّ الصَّادِقِ بِالْأَقَلِّ وَالْأَعَمِّ مِنْهُ لَا لِنَفْسِ الْأَقَلِّ فَقَطْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِحَيْضٍ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ الْوِلَادَةِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِنِفَاسٍ أَيْ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى انْفِصَالِ الْوَلَدِ بَلْ هُوَ دَمُ فَسَادٍ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِدَمٍ قَبْلَهُ، فَإِنْ اتَّصَلَ بِحَيْضِهَا الْمُتَقَدِّمِ فَهُوَ حَيْضٌ إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَجْمُوعُهُمَا عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُمَا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَبَرَهُ إلَخْ) جَوَابُ الشَّرْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute