لِاحْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ فَيَكُونُ شُبْهَةً (وَلَا بِمَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ) وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَقًّا وَذَلِكَ شُبْهَةٌ وَلَا يُقْطَعُ بِمَا اتَّهَبَهُ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْمِلْكِ (وَلَوْ سَرَقَا) أَيْ اثْنَانِ (وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ) أَيْ الْمَسْرُوقَ (لَهُ أَوْ لَهُمَا فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ) وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ سَرِقَةٌ (قُطِعَ الْآخَرُ دُونَهُ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِمَا فَإِنْ صَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي لَمْ يُقْطَعْ كَالْمُدَّعِي لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ (وَكَوْنُهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) لِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» (فَيُقْطَعُ بِأُمِّ وَلَدٍ سَرَقَهَا مَعْذُورَةً) بِأَنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ كَنَائِمَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ أَعْجَمِيَّةٍ تَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ وَقَوْلِي مَعْذُورَةٌ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: نَائِمَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ (وَبِمَالِ زَوْجِهِ) الْمُحْرَزِ عَنْهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُبَاحَةِ اهـ سم (أَقُولُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ هُنَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الِاسْتِيلَادُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ
وَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِيهِ لَا يَتَوَقَّفُ أَصْلُهُ عَلَى بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ تَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ الشُّهُودِ وَعَدَالَتِهِمْ وَعَدَالَةِ الْوَلِيِّ فَكَانَ ثُبُوتُهُ أَبْعَدَ مِنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ مَعَ شِدَّةِ الْعَارِ اللَّاحِقِ لِفَاعِلِهِ بَلْ وَلَا يَخْتَصُّ الْعَارُ بِهِ بَلْ يَتَعَدَّى مِنْهُ إلَى الْمَزْنِيِّ بِهَا وَإِلَى أَهْلِهَا فَجَوَّزَ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ فِيهِ تَوَصُّلًا إلَى إسْقَاطِ الْحَدِّ وَإِلَى دَفْعِ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ لِغَيْرِ الزَّانِي بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِيهَا أَقْرَبُ مِنْ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ فَجَوَّزَ دَعْوَى الْمِلْكِ لِإِسْقَاطِ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا بِمَا إذَا ادَّعَى مِلْكَهُ) أَيْ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بَلْ أَوْ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ بِكَذِبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَوْ أَنْكَرَ السَّرِقَةَ الثَّابِتَةَ بِالْبَيِّنَةِ قُطِعَ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلْبَيِّنَةِ صَرِيحًا بِخِلَافِ دَعْوَى الْمِلْكِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ) خَرَجَ بِالْمُشْتَرَكِ مَا يَخُصُّ الشَّرِيكَ فَيُقْطَعُ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ لَكِنَّ الْأَوْجَهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ حِرْزُهُمَا لَمْ يُقْطَعْ أَيْ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ سَرِقَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْمَغْصُوبَ وَإِلَّا قُطِعَ اهـ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْطَعُ بِمَا اتَّهَبَهُ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ) بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْقَبُولِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ بِأُمِّ وَلَدٍ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقَالُ: إنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِلْعِتْقِ فَيَكُونُ شُبْهَةً اهـ شَيْخُنَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِيهَا، وَفِي اللَّذَيْنِ بَعْدَهَا خَصَّ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَصَحُّ قَطْعُهُ بِأُمِّ وَلَدٍ سَرَقَهَا نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَالثَّانِي يَقُولُ لَا لِضَعْفِ الْمِلْكِ فِيهَا، وَالْأَظْهَرُ قَطْعُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِسَرِقَةِ مَالِ الْآخَرِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا، وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ وَتَأْزِيره وَسِوَارَيْهِ وَسُقُوفِهِ وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ لِعَدَمِ إعْدَادِ ذَلِكَ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بَلْ لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ وَأُبَّهَتِهِ وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: لَا يَحْصُرُهُ وَقَنَادِيلُ تُسْرَجُ فِيهِ. . . إلَخْ خَصَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ عِبَارَةِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً. . . إلَخْ) أَيْ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَانَةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ عَمْيَاءَ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ الْمُخْتَارَةِ الْبَصِيرَةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَكَأُمِّ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ مَظِنَّةِ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يَشْكُلُ بِأُمِّ الْوَلَدِ وَيُقَالُ الْحُرِّيَّةُ فِيهَا أَقْوَى مِنْهَا فِي الْمُكَاتَبِ لِعَوْدِهِ لِلرِّقِّ بِأَدْنَى سَبَبٍ بِخِلَافِهَا لِأَنَّ اسْتِقْلَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ صَيَّرَ فِيهِ شَبَهًا بِالْحُرِّيَّةِ أَقْوَى مِمَّا فِيهَا لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ مُتَوَقَّعٌ وَقَدْ لَا يَقَعُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَبِمَالِ زَوْجَةِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ) الْمُرَادُ بِالْمُحْرَزِ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ فِي دَارٍ وَهَذَا فِي دَارٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ، وَالْآخَرُ بِبَيْتٍ مُغْلَقٍ وَكَانَا دَاخِلَ الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ كَمَا فِي الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ س ل.
قَوْلُهُ: الْمُحْرَزِ عَنْهُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِبَيْتٍ آخَرَ غَيْرَ الَّذِي هُمَا فِيهِ أَمَّا لَوْ كَانَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ مَثَلًا انْتَهَتْ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي نَعَمْ إنْ كَانَ السَّارِقُ فِي صُورَةٍ غَلَّقَ الْبَابَيْنِ أَحَدُ السُّكَّانِ. . . إلَخْ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ إحْرَازُ مَالِ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الْآخَرِ بِكَوْنِهِ بِبَيْتٍ آخَرَ غَيْرَ الَّذِي هُمَا فِيهِ بَلْ يَكْفِي فِي حِرْزِ مَالِ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ كَوْنُهُ بِصُنْدُوقٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي هُمَا فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ) وَشُبْهَةُ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجَةِ النَّفَقَةَ، وَالْكِسْوَةَ فِي مَالِ الزَّوْجِ لَا أَثَرَ لَهَا لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ وَمَحْدُودَةٌ وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُبَعَّضَ، وَالْقِنَّ وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ لَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَالَ السَّرِقَةِ وَأَخَذَتْهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تُقْطَعْ كَدَائِنٍ سَرَقَ مَالِ مَدِينِهِ بِقَصْدِ ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ أَوْ مُمَاطَلَتَهُ صُدِّقَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ بِسَرِقَتِهِ طَعَامًا زَمَنَ قَحْطٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَلَوْ بِثَمَنٍ عَالٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَأَخَذَتْهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ ظَاهِرُ سِيَاقِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ فِي الرَّقِيقِ، وَالْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ، وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ لَعَلَّهُ اسْتِحْقَاقَ نَحْوِ الْأَصْلِ، وَالرَّقِيقِ لِلْكِفَايَةِ بِلَا تَقْدِيرٍ فَكَانَ ذَلِكَ كَمِلْكِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَأْخُذُ بَدَلَ مَا اسْتَقَرَّ لَهَا مِنْ الدَّيْنِ فَلَمْ يُشْبِهْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute