لَا حَدَّ لَهَا وَلَا كَفَّارَةَ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ كَمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَسَبٍّ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَتَزْوِيرٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ وَضَرْبٍ بِغَيْرِ حَقٍّ بِخِلَافِ الزِّنَا لِإِيجَابِهِ الْحَدَّ وَبِخِلَافِ التَّمَتُّعِ بِطِيبٍ وَنَحْوِهِ فِي الْإِحْرَامِ لِإِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ وَأَشَرْت بِزِيَادَتِي غَالِبًا إلَى أَنَّهُ قَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلَا مَعْصِيَةَ كَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ مَعَهُ وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ، وَالْكَفَّارَةِ كَمَا فِي صَغِيرَةٍ صَدَرَتْ مِنْ وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى وَكَمَا فِي قَطْعِ شَخْصٍ أَطْرَافَ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ
ــ
[حاشية الجمل]
بِأَنَّ الْقَامُوسَ كَثِيرًا مَا يَذْكُرُ الْمَجَازَاتِ اللُّغَوِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً بِوَضْعٍ شَرْعِيٍّ، وَالْمَجَازُ لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ شَخْصِهِ بَلْ يَكْفِي سَمَاعُ نَوْعِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ لَهَا)
الْأَحْسَنُ لَا عُقُوبَةَ لَهَا لِيَشْمَلَ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأَطْرَافِ بِقَطْعِهَا اهـ سم وَمِنْ ثَمَّ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَمُرَادُهُ بِالْحَدِّ مَا يَشْمَلُ الْقَوَدَ لِيَدْخُلَ نَحْوُ قَطْعِ الطَّرَفِ (قَوْلُهُ: وَتَزْوِيرٌ) أَيْ تَعْزِيرٌ كَمُحَاكَاةِ خَطِّ الْغَيْرِ وَتَلْطِيخِ ثِيَابِ الرَّقِيقِ بِالْمِدَادِ إيهَامًا لِكِتَابَتِهِ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْأَشْبُولِيِّ. وَفِي الْمُخْتَارِ التَّزْوِيرُ: تَزْيِينُ الْكَذِبِ وَزَوَّرَ الشَّيْءَ حَسَّنَهُ وَقَوَّمَهُ
اهـ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّهُ قَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلَا مَعْصِيَةَ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ يُوجَدُ حَيْثُ لَا مَعْصِيَةَ كَفِعْلِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ مَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ الْمُبَاحِ فَلِلْوَالِي تَعْزِيرُ الْآخِذِ، وَالدَّافِعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ
لِلْمَصْلَحَةِ
وَكَنَفَيْ الْمُخَنَّثِ لِلْمَصْلَحَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ قَوْلُهُ: لِمَعْصِيَةٍ الثَّانِي التَّعْزِيرُ لِلْمَعْصِيَةِ الَّتِي انْتَفَى فِيهَا الْحَدُّ، وَالْكَفَّارَةُ مَعًا الثَّالِثُ نَفْيُ الْحَدِّ وَحْدَهُ عَنْهَا الرَّابِعُ نَفْيُ الْكَفَّارَةِ وَحْدَهَا عَنْهَا فَبَيَّنَ مُحْتَرِزَ التَّقْيِيدِ بِالْغَلَبَةِ فِي الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلَا مَعْصِيَةَ. . . إلَخْ وَفِي الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ، وَالْكَفَّارَةِ. . . إلَخْ وَفِي الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ. . . إلَخْ.
وَفِي الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْكَفَّارَةِ. . . إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ مَعَهُ) أَيْ وَكَمَا فِي تَأْدِيبِ الطِّفْلِ، وَالْمَجْنُونِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم وَأَمَّا مَنْ يَكْتَسِبُ بِالْحَرَامِ فَالتَّعْزِيرُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ فِي الْحَرَامِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي مِصْرِنَا مِنْ اتِّخَاذِ مَنْ يَذْكُرُ حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةٍ وَأَكْثَرُهَا أَكَاذِيبُ فَيُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَا يَأْخُذُهُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى دَافِعِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ صُورَةُ الِاسْتِئْجَارِ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَاسِدٌ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ: كَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ. . . إلَخْ كَاللَّعِبِ بِالطَّارِ، وَالْغِنَاءِ فِي الْقَهَاوِي مَثَلًا وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى بِالْمُزَاحِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: صَدَرَتْ مِنْ وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى) لَوْ قَالَ كَصَغِيرَةٍ صَدَرَتْ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ بِالشَّرِّ لَكَانَ أَوْلَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ» وَعَرَّفَهُمْ الشَّافِعِيُّ بِمَنْ ذُكِرَ اهـ ز ي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ تَعْزِيرِهِمْ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ حَجّ.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ " قَالَ فِي الْخَادِمِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَلْ الْأَوْلِيَاءُ أَصْحَابُ الصَّغَائِرِ فَقَطْ أَوْ الْمُبَادِرُ بِالتَّوْبَةِ وَجْهَانِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِعَثَرَاتِهِمْ الصَّغَائِرُ فَقَطْ أَوْ أَوَّلُ مَعْصِيَةٍ وَجْهَانِ قَالَ الْفَارِقِيُّ هُمْ أَرْبَابُ الصِّيَانَةِ الظَّاهِرَةِ إذَا بَدَرَتْ مِنْهُمْ صَغِيرَةٌ فَالْمُسْتَحَبُّ إخْفَاؤُهَا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَّةٍ اهـ. وَقُرِّرَ م ر التَّقْيِيدُ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ.
وَفِي حَجّ مَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِوَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَنَّ الْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِذَوِي الْهَيْئَاتِ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُونَ بِالشَّرِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ تَعْزِيرِهِمْ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ.
وَفِي الْعُبَابِ فَيُقَالُ نَدْبًا لَكِنْ فِي تَجْرِيدِهِ لَمْ يَجُزْ تَعْزِيرُهُمْ اهـ بِحُرُوقِهِ.
وَعِبَارَةُ ح ل.
قَوْلُهُ: مِنْ وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ بِالشَّرِّ وَيَحْرُمُ تَعْزِيرُهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى حَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ الْمُوَاظِبُ عَلَى الطَّاعَاتِ الْمُعْرِضُ عَنْ الِانْهِمَاكِ فِي اللَّذَّاتِ، وَالشَّهَوَاتِ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْعِبَادِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَبَّرَ عَنْهُمْ بِذَوِي الْهَيْئَاتِ وَفَسَرَّهُمْ بِمَنْ لَا يُعْرَفُ بِالشَّرِّ وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَبَّرَ بِهِ فَزَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَوَلِيُّ اللَّهِ فِي عُرْفِ النَّاسِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الشَّرَّ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي قَطْع شَخْصٍ. . . إلَخْ) وَكَمَنْ رَأَى زَانِيًا بِأَهْلِهِ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَقَتَلَهُ لِعُذْرِهِ بِالْحَمِيَّةِ، وَالْغَيْظِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ مَا ذَكَر وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَتْلُهُ بَاطِنًا وَأُقَيِّدُ بِهِ ظَاهِرًا كَمَا فِي الْأُمِّ وَكَقَطْعِ الشَّخْصِ أَطْرَافَ نَفْسِهِ وَكَقَذْفِهِ مَنْ لَاعَنَهَا وَتَكْلِيفِ قِنِّهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَضَرْبِهِ حَلِيلَتَهُ تَعَدِّيًا وَوَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي الْأَخِيرَةَ تَعْزِيرُهُ عَلَى وَطْءِ الْحَائِضِ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ مَعَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ رَذِيلَةٌ يَنْبَغِي عَدَمُ إذَاعَتِهَا وَكَالْأَصْلِ لِحَقِّ فَرْعِهِ مَا سِوَى قَذْفِهِ كَمَا مَرَّ وَكَتَأْخِيرِ قَادِرٍ نَفَقَةَ زَوْجَةٍ طَلَبَتْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُوَكِّلُ بِهِ وَإِنْ أَثِمَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَكَمَنْ لَا يُفِيدُ فِيهِ إلَّا الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ فَلَا يُضْرَبُ أَصْلًا كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي ضَرْبُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ إقَامَةً لِصُورَةِ الْوَاجِبِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ اهـ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: