للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشَرْطُ الْوُجُوبِ فِي الْبُضْعِ وَفِي نَفْسِ غَيْرِهِ أَنْ لَا يُخَافُ الدَّافِعُ عَلَى نَفْسِهِ (فَيَهْدُرُ) أَيْ الصَّائِلُ وَلَوْ بَهِيمَةً فِيمَا حَصَلَ فِيهِ بِالدَّفْعِ مِنْ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقِتَالِهِ وَفِي ذَلِكَ مَعَ ضَمَانِهِ مُنَافَاةٌ (لِأُجْرَةٍ سَاقِطَةٍ) عَلَيْهِ مَثَلًا كَسْرِهَا أَيْ لَا تَهْدُرُ وَإِنْ كَانَ دَفْعُهَا وَاجِبًا أَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهَا وَلَا اخْتِيَارَ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلٍّ أَوْ حَالِ تَضَمُّنٍ بِهِ كَأَنْ وَضَعَتْ بِرَوْشَنٍ وَعَلَى مُعْتَدِلٍ لَكِنَّهَا مَاثِلَةٌ هُدِرَتْ.

(وَلْيَدْفَعْ) الصَّائِلُ (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ (إنْ أَمْكَنَ كَهَرَبٍ فَزَجْرٍ فَاسْتِغَاثَةٍ فَضَرْبٍ بِيَدٍ فَبِسَوْطٍ فَبِعَصًا فَقَطْعٍ فَقَتْلٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَثْقَلِ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِالْأَخَفِّ نَعَمْ لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَفَائِدَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَعَدَلَ إلَى رُتْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا ضَمِنَ وَمَحَلُّ رِعَايَةِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ فَلَوْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْقَتْلِ وَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُوَاقِعٌ لَا يُسْتَدْرَكُ بِالْأَنَاةِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَعْصُومِ أَمَّا غَيْرُهُ كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَلَهُ قَتْلُهُ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الدَّفْعُ بِالْأَخَفِّ كَأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِكِّينًا فَيَدْفَعُ بِهَا.

ــ

[حاشية الجمل]

عِنْدَهُ دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْ الْكَافِرِ وَيَجُوزُ دَفْعُ الْحَامِلِ الصَّائِلَةِ مِنْ آدَمِيَّةٍ أَوْ هِرَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهَا وَقَتْلِ حَمْلِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَجُوزُ رَمْيُ الْكُفَّارِ الْمُتَتَرِّسِينَ بِمُسْلِمٍ وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَذَا قَرَّرَهُ م ر وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ دَفْعِهَا وَامْتِنَاعِ الِاقْتِصَاصِ مِنْهَا إذَا جَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بَلْ وَجَبَ الصَّبْرُ إلَى الْوَضْعِ وَغَيْرِهِ مِمَّا سَبَقَ قُلْت الْفَرْقُ جِنَايَتُهَا هُنَا قَائِمَةٌ وَهُنَاكَ انْقَطَعَتْ وَأَيْضًا التَّدَارُكُ هُنَاكَ مُمْكِنٌ بِالصَّبْرِ، وَالْحَبْسِ إلَى أَنْ تَضَعَ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ رُبَّمَا فَاتَتْ نَفْسُهُ وَنَحْوُهَا وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إلَى مَنْعِ دَفْعِ الْهِرَّةِ الصَّائِلَةِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا وَقَاسَهَا عَلَى مَا لَوْ حَمَلَتْ فَرَسٌ بِبَغْلٍ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِ الْبَغْلِ الْغَيْرِ الْمَأْكُولِ وَقَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ أَكْلِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ هُنَا إلَى الذَّبْحِ، وَالْحَاجَةُ هُنَا إلَى الدَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ مَسْأَلَةِ الْفَرَسِ هَلْ الذَّبْحُ مَنْقُولُ الْأَصْحَابِ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا.

(فَرْعٌ)

قَالَ م ر يَجِبُ الدَّفْعُ إذَا كَانَ الصَّائِلُ حَيَوَانًا، وَالْمَصُولُ عَلَيْهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا حَتَّى لَوْ صَالَ كَلْبٌ عَلَى كَلْبٍ مُحْتَرَمٍ وَجَبَ الدَّفْعُ اهـ (فَرْعٌ)

لَوْ صَالَ مُكْرَهًا عَلَى إتْلَافِ مَالِ وَكَانَ الْمُهَدِّدُ بِهِ نَحْوَ ضَرْبٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الْإِتْلَافُ وَأَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْمَالِكِ تَمْكِينُهُ

(فَرْعٌ)

صَالَ مُكْرَهًا عَلَى إتْلَافِ دِينَارٍ مَثَلًا وَكَانَ الْمُهَدِّدُ بِهِ إتْلَافَ أَلْفِ دِينَارٍ لَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ تَمْكِينُهُ الْوَجْهُ لَا وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْوُجُوبِ فِي الْبُضْعِ) أَيْ بُضْعِ الْغَيْرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فِيمَا حَصَلَ فِيهِ) فِي سَبَبِيَّةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِيُهْدَرُ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالدَّفْعِ سَبَبِيَّةٌ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: مِنْ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ بِقَوَدٍ. . . إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ الْمُضْطَرُّ إذَا قَتَلَهُ صَاحِبُ الطَّعَامِ دَفْعًا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ قَالَهُ الزَّبِيلِيُّ اهـ س ل (قَوْلُهُ: وَفِي ذَلِكَ مَعَ ضَمَانِهِ مُنَافَاةٌ) أَيْ غَالِبًا وَقَدْ لَا تَكُونُ مُنَافَاةً كَمَا يَأْتِي فِي الْجَرَّةِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا قَصْدَ لَهَا وَلَا اخْتِيَارَ) أَيْ مَعَ عَدَمِ تَقْصِيرِ الْوَاضِعِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَأْتِي فِي الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ فِيهِ تَقْصِيرًا (قَوْلُهُ: هُدِرَتْ. . . إلَخْ) أَيْ وَضَمِنَ وَاضِعُهَا مَا تَلِفَ بِهَا لِتَقْصِيرِهِ بِوَضْعِهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ صَدَقَ الْغَارِمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلْيَدْفَعْ الصَّائِلُ. . . إلَخْ) وَمِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ اهـ شَرْحُ م ر وَلَوْ صَالَ عَلَى مَالٍ وَبُضْعٍ وَنَفْسٍ قُدِّمَ الدَّفْعُ عَنْ النَّفْسِ ثُمَّ الْبُضْعِ ثُمَّ الْمَالِ الْأَخْطَرُ فَالْأَخْطَرُ أَوْ عَلَى بُضْعٍ وَلِوَاطٍ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْبُضْعِ لِكَثْرَةِ مَفَاسِدِهِ اهـ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْمَصُولِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ هُنَا الْعَضُّ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ قَطْعِ الْعُضْوِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: م يَجُوزُ الْعَضُّ إنْ تَعَيَّنَ لِلدَّفْعِ اهـ شَرْحُ م ر هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ بِكَفِّ شَرِّهِ عَنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِهَلَاكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْهَلَاكِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ شَرُّهُ إلَّا بِالسِّحْرِ وَكَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ يَعْرِفُ مَا يَمْنَعُ الصَّائِلَ عَنْ صِيَالِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ السِّحْرَ حَرَامٌ لِذَاتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَهَرَبٍ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ أَيْ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْهَرَبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ مَالِهِ وَلَا عَنْ حَرَمِهِ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ الْهَرَبُ بِهِنَّ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَاسْتِغَاثَةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ، وَالْمُثَلَّثَةِ لَا بِالْمُهْمَلَةِ، وَالنُّونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِشُمُولِهِ الِاسْتِعَانَةَ بِمَنْ يَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ مَثَلًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الِاسْتِغَاثَةُ مَعَ إمْكَانِ الدَّفْعِ بِالزَّجْرِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ إلْحَاقُ ضَرَرٍ بِهِ أَقْوَى مِنْ الزَّجْرِ اهـ س ل وَزِيَادِيٌّ.

(قَوْلُهُ: سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ صُدِّقَ الدَّافِعُ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا ز ي وَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ أَيْ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ رِعَايَةِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ. . إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ حَتَّى فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُحْصَنًا، وَقَوْلُهُ: بِالْأَنَاةِ عَلَى وَزْنِ قَنَاةٍ اهـ ح ل أَيْ بِالتَّأَنِّي، وَالتَّرَاخِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ لَتَأَنَّى اهـ شَيْخُنَا. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَتَأَنَّى فِي الْأَمْرِ تَمَكَّنَ، وَالِاسْمُ مِنْهُ أَنَاةٌ عَلَى وَزْنِ حَصَاةٍ

اهـ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ، وَالْغَالِبُ بَلْ الْمُطَّرِدُ أَنَّ انْتِفَاءَهَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ لِأَنَّ مِنْ الشُّبْهَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَاطِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>