مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فَأَدَّى إلَى التَّلَفِ (لَمْ يَضْمَنْ) وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ.
(وَفِعْلُ جَلَّادٍ) مِنْ قَتْلٍ أَوْ جَلْدٍ (بِأَمْرِ إمَامٍ كَفِعْلِهِ) أَيْ الْإِمَامِ فَالضَّمَانُ قَوَدًا أَوْ مَالًا عَلَيْهِ دُونَ الْجَلَّادِ لِأَنَّهُ آلَتُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي السِّيَاسَةِ فَلَوْ ضَمِنَاهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْجَلْدَ أَحَدٌ (وَ) لَكِنْ (إنْ عَلِمَ خَطَأَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ إنْ لَمْ يُكْرِهْهُ وَإِلَّا) بِأَنْ أَكْرَهَهُ (فَعَلَيْهِمَا) .
(وَيَجِبُ خَتْنُ مُكَلَّفٍ) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ (مُطِيقٌ) لَهُ (رَجُلٌ بِقَطْعِ) جَمِيعِ (قُلْفَتِهِ) بِالضَّمِّ وَهِيَ مَا يُغَطِّي حَشَفَتَهُ (وَامْرَأَةٍ بِ) قَطْعِ (جُزْءٍ مِنْ بَظْرِهَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ لَحْمَةٌ بِأَعْلَى الْفَرْجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣]
ــ
[حاشية الجمل]
عَيْنٍ وَدُهْنٍ وَدُرُورٍ عَلَى جُرْحٍ لَا يُقَالُ هَذَا الشُّمُولُ يُنَافِيهِ قَصْرُ الشَّارِحِ لَهُ عَلَى نَحْوِ الْفَصْدِ لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُهُ بِنَحْوِ الْفَصْدِ كُلُّ نَافِعٍ فِي الدَّوَاءِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بِقَطْعِ نَحْوِ الْجِلْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمَنْ عَالَجَ بِإِذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ) هَذَا إنْ لَمْ يُخْطِئْ فَإِنْ أَخْطَأَ ضَمِنَ وَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْخَاتِنِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ لَمْ يَضْمَنْ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِذْقِ فِي صَنْعَتِهِ قَالَ حَجّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ الَّذِي اتَّفَقَ أَهْلُ فَنِّهِ عَلَى إحَاطَتِهِ بِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ خَطَؤُهُ فِيهِ نَادِرًا جِدًّا وَإِفْتَاءُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنَّ شَرْطَ عَدَمِ ضَمَانِهِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمَرِيضُ الدَّوَاءَ وَإِلَّا لَمْ يَتَنَاوَلْ إذْنُهُ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِتْلَافِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْحَاذِقِ اهـ س ل (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ) بِأَنْ كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَرِيحِ الْإِذْنِ وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ لِأَنَّهُ نَاطِقٌ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ أَوْ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ إمَامٍ اهـ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَ خَطَؤُهُ. . . إلَخْ) يُلْحَقُ بِعِلْمِ الْخَطَأِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِغَيْرِ مُعْتَقِدِهِ كَأَمْرِ الْحَنَفِيِّ شَافِعِيًّا بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِذِمِّيٍّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُكْرِهْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ الْإِمَامُ فَقَطْ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا) أَيْ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا قَوَدًا أَوْ مَالًا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ خَتْنُ مُكَلَّفٍ. . . إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ خَتْنُهُ وَلَا يَجُوزُ خَتْنُ الْمَيِّتِ وَإِنْ تَعَدَّى بِتَرْكِهِ لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ وَعُلِمَ مِنْ وُجُوبِهِ أَنَّهُ يُجْبِرُهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ وَأَنَّهُ لَا ضَمَانَ لَوْ مَاتَ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ فِي نَحْوِ حُرٍّ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(فَرْعٌ)
لَوْ وُلِدَ مَخْتُونًا فَلَا خِتَانَ أَيْ لَا إيجَابًا وَلَا اسْتِحْبَابًا قَالَ بَعْضُهُمْ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ أَيْ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ التَّشْبِيهَ بِالْحَالِقِينَ أَمْرٌ يَظْهَرُ فَتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (فَرْعٌ) يَجِبُ أَيْضًا قَطْعُ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ وَبَعْدَ نَحْوِ رَبْطِهَا لِتَوَقُّفِ إمْسَاكِ الطَّعَامِ عَلَيْهِ، وَالْمُخَاطَبُ بِهِ هُنَا الْوَلِيُّ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَمَنْ عَلِمَ بِهِ عَيْنًا تَارَةً وَكِفَايَةً أُخْرَى كَإِرْضَاعِهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ فَإِنْ فَرَّطَ فَلَمْ يَحْكُمْ الْقَطْعُ أَوْ نَحْوُ الرَّبْطِ ضَمِنَ وَكَذَا الْوَلِيُّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ) وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ، وَالْقَابِلَةُ مَثَلًا فِي أَنَّهُ هَلْ مَاتَ لِعَدَمِ الرَّبْطِ وَإِحْكَامِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ صُدِّقَ مُدَّعِي الرَّبْطَ وَإِحْكَامَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ أَيْ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ جَمِيعِ قُلَفَتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ جَمِيعِ الْحَشَفَةِ فِي الْخِتَانِ لِلرَّجُلِ بِقَطْعِ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّيهَا فَلَا يَكْفِي قَطْعُ بَعْضِهَا وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْجِلْدَةِ الْقُلْفَةُ انْتَهَتْ.
وَفِي شَرْحِ م ر وَلَوْ تَقَلَّصَتْ حَتَّى انْكَشَفَ الْحَشَفَةُ كُلُّهَا فَإِنْ أَمْكَنَ قَطْعُ شَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُهُ فِي الْخِتَانِ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهَا وَجَبَ وَلَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ التَّقَلُّصُ لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ فَتَسْتَتِرُ الْحَشَفَةُ وَإِلَّا سَقَطَ الْوُجُوبُ كَمَا لَوْ وُلِدَ مَخْتُونًا اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا عَادَتْ الْقُلْفَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ إزَالَتُهَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِمَا فُعِلَ أَوَّلًا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ جُزْءٍ مِنْ بَظْرِهَا) وَتَقْلِيلُهُ أَفْضَلُ وَقَوْلُهُ: بِأَعْلَى الْفَرْجِ أَيْ فَوْقَ ثُقْبَةِ الْبَوْلِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] فَإِنْ قِيلَ لَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الْخِتَانِ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِالتَّدَيُّنِ بِدِينِهِ فَمَا فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا وُجُوبَهُ فَعَلْنَاهُ مُعْتَقِدِينَ وُجُوبَهُ وَمَا فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا نَدْبَهُ فَعَلْنَاهُ مُعْتَقِدِينَ نَدْبَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُهُ وَاجِبًا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ صَرِيحَةٌ فِي اتِّبَاعِهِ فِيمَا فَعَلَهُ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي حَقِّنَا كَالسِّوَاكِ وَنَحْوِهِ.
وَقَدْ نَقَلَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ خِصَالَ الْفِطْرَةِ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اهـ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ الْخِصَالُ الْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: ١٢٤] الْآيَةَ وَهِيَ الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ، وَالسِّوَاكُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَفَرْقُ الرَّأْسِ وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَالِاسْتِنْجَاءُ، وَالْخِتَانُ اهـ جِلَالَيْنِ.
(فَائِدَةٌ)
رُوِيَ «أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُلِدَ مَخْتُونًا كَثَلَاثَةَ عَشَرَ نَبِيًّا» وَأَنَّ جِبْرِيلَ خَتَنَهُ حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ «وَأَنَّ» عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْحُفَّاظِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِقَوْلِ الْحَاكِمِ أَنَّ الَّذِي تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ أَنَّهُ وُلِدَ مَخْتُونًا وَمِمَّنْ أَطَالَ فِي رَدِّهِ الذَّهَبِيُّ وَلَا لِتَصْحِيحِ الضِّيَاءِ حَدِيثَ وِلَادَتِهِ مَخْتُونًا لِأَنَّهُ يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ ضَعْفُهُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ هُنَاكَ نَوْعُ تَقَلُّصٍ فِي الْحَشَفَةِ