لَوْ بِصَحْرَاءَ (فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا كَزَرْعٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ضَمِنَهُ ذُو يَدٍ) إنْ (فَرَّطَ) فِي رَبْطِهَا أَوْ إرْسَالِهَا كَأَنْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ وَلَوْ وَاسِعًا أَوْ أَرْسَلَهَا وَلَوْ نَهَارًا لِمَرْعَى بِوَسَطِ مَزَارِعَ فَأَتْلَفَتْهَا فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ كَأَنْ أَرْسَلَهَا الْمَرْعَى لَمْ يَتَوَسَّطْهَا لَمْ يَضْمَنْ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَضْبَطُ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَقَوْلِي ذُو يَدٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِصَاحِبِ الدَّابَّةِ لِإِيهَامِ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِمَالِكِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ الْمُسْتَعِيرُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ، وَالْمُودَعُ، وَالْمُرْتَهِنُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ، وَالْغَاصِبُ كَالْمَالِكِ (لَا إنْ قَصَّرَ مَالِكُهُ) أَيْ الشَّيْءَ الَّذِي أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ فِي هَذِهِ وَتِلْكَ كَأَنْ عَرَّضَ الشَّيْءَ مَالِكُهُ لَهَا أَوْ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ فِيهِمَا أَوْ حَضَرَ وَتَرَكَ دَفْعَهَا أَوْ كَانَ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فِي هَذِهِ فَلَا ضَمَانَ لِتَفْرِيطِ مَالِكِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الدَّوَابِّ الطُّيُورَ كَحَمَامٍ أَرْسَلَهُ مَالِكُهُ فَكَسَرَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِرْسَالِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ.
(وَإِتْلَافُ) حَيَوَانٍ (عَادٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ ذُو يَدٍ) مِنْهُ تَعْلَمُ عَدَمَ تَضْمِينِ الْوَاقِفِ مَا أَتْلَفَهُ فَحَلَّ بَقَرُ وَقْفِهِ لِلضِّرَابِ وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لَا يُقَالُ قِيَاسُ تَضْمِينِ الْوَاقِفِ لِعَبْدٍ جِنَايَةَ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ تَضْمِينُهُ إتْلَافَ الْفَحْلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّا نَقُولُ جِنَايَةُ الْعَبْدِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَقَدْ فَوَّتَ هَذَا التَّعَلُّقَ الْوَاقِفَ بِوَقْفِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ جِنَايَتُهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا بَلْ بِذِي الْيَدِ عَلَيْهَا وَلَا يَدَ عَلَى الْفَحْلِ الْآنَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ ذُو يَدٍ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْبَهِيمَةِ كَالْعَبْدِ لِأَنَّ ضَمَانَ مَا تُتْلِفُهُ مُحَالٌ عَلَى تَقْصِيرِ صَاحِبِهَا فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَهِيَ كَالْآلَةِ، وَالْعَبْدُ مُلْتَزِمٌ وَأَقْرَبُ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ رَقَبَتُهُ فَتَعَلَّقَ بِهَا اهـ عَمِيرَةُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ وَلَوْ وَاسِعًا) نَعَمْ إنْ رَبَطَهَا فِي الْوَاسِعِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ بِئْرًا لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ اهـ س ل (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْسَلَهَا وَلَوْ نَهَارًا لِمَرْعًى بِوَسَطِ مَزَارِعَ فَأَتْلَفَتْهَا) وَلَوْ نَفَّرَ شَخْصُ دَابَّةً مُسَيَّبَةً عَنْ زَرْعِهِ فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ ضَمِنَهَا أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ أَوْ جَرَّ السَّيْلُ حَبًّا فَأَلْقَاهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَتَضْيِيعُهُ بَلْ يَدْفَعُهُ لِمَالِكِهِ فَيَنْبَغِي إذَا نَفَّرَهَا أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي إبْعَادِهَا بَلْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ مِنْهُ إلَى زَرْعِهِ.
قَالَ الْمَرْوَزِيِّ وَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ زَرْعِهِ إلَى زَرْعِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَتْهُ ضَمِنَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقِيَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا ذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمَزَارِعِ النَّاسِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا إلَّا بِإِدْخَالِهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ تَرَكَهَا فِي زَرْعِهِ وَغَرِمَ صَاحِبُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ فِي حِجْرِهِ ثَوْبًا مَثَلًا فَأَلْقَاهُ ضَمِنَهُ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَلْيُسَلِّمْهُ إلَى الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَالْحَاكِمُ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ رَدُّ دَابَّةٍ دَخَلَتْ مِلْكَهُ إلَى مَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ إلَّا إنْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الَّذِي سَيَّبَهَا فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُ: م فِيمَا مَرَّ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَرْعُهُ مَحْفُوفًا بِزَرْعِ غَيْرِهِ عَلَى مَا لَوْ سَيَّبَهَا الْمَالِكُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا فَيَضْمَنُهُ الْمُخْرِجُ لَهَا إذْ حَقُّهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ سَطْحِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ خَارِجَ مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ. . . إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَيْلًا لَا ضَمَانَ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَضْبَطُ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّفْرِيطِ لَا عَلَى اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ عَرَضَ الشَّيْءَ مَالِكُهُ لَهَا) أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارِ الْحَطَبِ يُرِيدُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فَمَزَّقَ الثَّوْبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى سَائِقِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُرُورِهِ عَلَيْهِ قَالَ وَكَذَا لَوْ وُضِعَ حَطَبٌ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ فَمَرَّ بِهِ آخَرُ فَتَمَزَّقَ بِهِ ثَوْبُهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ وَاسِعًا وَأَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ شَرْحُ م ر وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ إحْدَاثِ مَسَاطِبَ أَمَامَ الْحَوَانِيتِ بِالشَّوَارِعِ وَوَضْعِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا بَضَائِعَ لِلْبَيْعِ كَالْخُضَرِيَّةِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَضَرَ وَتَرَكَ دَفْعَهَا) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا لَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ مَثَلًا وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا عَنْهُ لِتَفْرِيطِهِ نَعَمْ إنْ احْتَفَّ مَحَلُّهُ بِالْمَزَارِعِ وَلَزِمَ مِنْ إخْرَاجِهَا دُخُولُهَا لَهَا لَزِمَهُ إبْقَاؤُهَا بِمَحَلِّهَا وَيَضْمَنُ صَاحِبُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ نَحْوِ رَبْطِ فَمِهَا كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُتْلِفُ لِمَالِهِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي يُجَنِّبُهُ زَرْعَ مَالِكِهَا اُتُّجِهَ عَدَمُ إخْرَاجِهَا لَهُ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا لِانْتِفَاءِ ضَرَرِهِ فِي إبْقَائِهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَتَهَاوَنَ جَوَازَ تَنْفِيرِهِ لَهَا عَنْ زَرْعِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ بِحَيْثُ يَأْمَنُ مِنْ عَوْدِهَا فَإِنْ زَادَ وَلَوْ دَاخِلَ مِلْكِهِ ضَمِنَ مَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مُسَيِّبَهَا كَمَا مَرَّ وَإِذَا أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ فَضَاعَتْ أَوْ رَمَى عَنْهَا مَتَاعًا حَمَلَ عَلَيْهَا تَعَدِّيًا لَا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ فَالْمُتَّجَهُ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْهُ إنْ خَافَ مِنْ بَقَائِهَا بِمِلْكِهِ إتْلَافَهَا الشَّيْءَ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا مَالِكُهَا فَالْأَوْجَهُ فِيهِ الضَّمَانُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا أَوْ إعْلَامُهُ بِهَا فَوْرًا اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ الدَّوَابِّ الطُّيُورَ) شَمِلَتْ النَّحْلَ وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ لِإِنْسَانٍ قَتَلَ جَمَلًا لِآخَرَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُهُ اهـ س ل.
(قَوْلُهُ: وَإِتْلَافُ حَيَوَانٍ عَادَ مُضَمَّنٌ) دَخَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute