للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ كُلَّ عَامَ) فَلَا يَكْفِي إحْيَاؤُهَا بِأَحَدِهِمَا وَلَا بِالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا إذْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَكَانَ بِهِمَا إحْيَاؤُهَا وَتَعْبِيرِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالزِّيَارَةِ (وَدَفْعِ ضَرَرِ مَعْصُومٍ) مِنْ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ كَكُسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُمَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ وَنَذْرٍ وَوَقْفٍ وَزَكَاةٍ وَبَيْتِ مَالٍ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَعْصُومِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْلِمِينَ (وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) الَّذِي بِهِ قِوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَحِرَاثَةٍ.

(وَرَدِّ سَلَامٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَإِخْبَارِ ثِقَةٍ جَازَ لَهُ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّجَسُّسُ إنْ فَاتَ تَدَارُكُهَا كَقَتْلٍ وَزِنًا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ تَوَقَّفَ الْإِنْكَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَمْ يَجِبْ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ جَازَ انْتَهَتْ مَعَ بَعْضِ زِيَادَةٍ

(قَوْلُهُ وَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ عُرْفًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَاحِدٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ وَهُمَا حَاصِلَانِ بِهِ وَهُنَا الْإِحْيَاءُ وَإِظْهَارُ ذَلِكَ الشِّعَارِ الْأَعْظَمِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ عَدَدٌ يَظْهَرُ بِهِ ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفِينَ وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ هُنَا وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِيَامِ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ) عَدَدُ الْحُجَّاجِ فِي كُلِّ سَنَةٍ سِتُّونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كُمِّلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُمْ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ (قَوْلُهُ وَدَفْعِ ضَرَرِ مَعْصُومٍ) وَهَلْ الْمُرَادُ بِدَفْعِ ضَرَرِ مَنْ ذُكِرَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَمْ الْكِفَايَةُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا فَيَجِبُ فِي الْكُسْوَةِ مَا يَسْتُرُ كُلَّ الْبَدَنِ عَلَى حَسْبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ وَيَلْحَقُ بِالطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ وَخَادِمٍ مُنْقَطِعٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُهُمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ بَذْلُ طَعَامِهِ لِمُضْطَرٍّ إلَّا بِبَذْلِهِ لِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى غَيْرِ غَنِيٍّ تَلْزَمُهُ الْمُوَاسَاةُ وَمِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ فَكُّ أَسْرَاهُمْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْهُدْنَةِ وَعِمَارَةِ نَحْوِ سُوَرِ الْبَلَدِ وَكِفَايَةِ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْقَادِرِينَ الْمَذْكُورِينَ وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ خَصَّ بِهِ الْوَالِي مَنْ شَاءَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا أَيْ الْبَلَدِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجُنْدُ الْآنَ مِنْ الْجَوَامِكِ يَسْتَحِقُّونَهُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي إظْهَارِ شَوْكَتِهِمْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَأْخُذُهُ أُمَرَاؤُهُمْ مِنْ الْخُيُولِ وَالْمَمَالِيكِ الَّتِي لَا يَتِمُّ نِظَامُهُمْ أَوْ شَوْكَتُهُمْ إلَّا بِهَا لِقِيَامِهِمْ بِحِفْظِ حَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُمَا إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ قَادِرٌ فِي دَفْعِ الضَّرَرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَادِرٌ آخَرُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي لَهُ الِامْتِنَاعُ إذَا كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّفْسَ جُبِلَتْ عَلَى مَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَإِفَادَتِهِ فَالتَّوَاكُلُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا بِخِلَافِ الْمَالِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَبَيْتِ مَالٍ) أَيْ لِعَدَمِ شَيْءٍ فِيهِ أَوْ لِمَنْعِ مُتَوَلِّيهِ وَلَوْ ظُلْمًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ) وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُمْ وَلِمُمَوَّنِهِمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ اهـ شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَلِمُمَوَّنِهِ جَمِيعَ السَّنَةِ بَلْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَحْوُ وَظَائِفَ يَتَحَصَّلُ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ عَادَةً جَمِيعَ السَّنَةِ وَيَتَحَصَّلُ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مَا تُمْكِنُ الْمُوَاسَاةُ بِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَفَّارَةِ كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ إلَخْ) فِي الْحَدِيثِ «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» فَسَّرَهُ الْحَلِيمِيُّ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَنَفَى الْإِمَامُ وُجُوبَ هَذَا اسْتِغْنَاء بِالطَّبْعِ اهـ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ أَيْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْمَعَاشُ وَمَحَلُّهُ إذَا حَضَرَ الْمُحْتَمَلُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الطَّالِبُ قَاضِيًا أَوْ مَعْذُورًا اهـ بُرُلُّسِيٌّ وَكَذَا الطَّلَبُ وَزَادَ وَلَا يَجُوزُ لِامْتِنَاعِ هَذِهِ الْقُيُودِ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ إلَخْ) وَلَا يُحْتَاجُ لِأَمْرِ النَّاسِ بِهَا لِكَوْنِهِمْ جُبِلُوا عَلَى الْقِيَامِ بِهَا لَكِنْ لَوْ تَمَالَئُوا عَلَى تَرْكِهَا أَثِمُوا وَقُوتِلُوا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَرَدِّ سَلَامٍ) أَيْ مَطْلُوبِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ بِصِيغَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَخَرَجَ نَحْوُ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا أَوْ مَوْلَانَا أَوْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَوْ السَّلَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ لَا يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ صِيغَتَهُ الْمَطْلُوبَةَ ابْتِدَاءُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَصِيغَتُهُ كَذَلِكَ رَدًّا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ تَكْفِي فِي الِابْتِدَاءِ أَيْضًا فَلَوْ ذَكَرَهَا شَخْصَانِ مَعًا تَلَاقِيًا وَجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّدَّ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>