مِنْ مُثَقَّلٍ (كَبُنْدُقَةٍ) وَسَوْطٍ وَأُحْبُولَةٍ خَنَقَتْهُ وَهِيَ مَا تُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلِاصْطِيَادِ (و) مِنْ مُحَدَّدٍ مِثْلِ (مُدْيَةٍ كَآلَةٍ أَوْ) قَتَلَ (بِمُثَقَّلٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ (وَمُحَدَّدٍ كَبُنْدُقَةٍ وَسَهْمٍ) وَكَسَهْمٍ جَرَحَ صَيْدًا فَوَقَعَ بِجَبَلٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ وَمَاتَ (حَرُمَ) فِيهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: ٣] أَيْ الْمَقْتُولَةُ ضَرْبًا فِي الْأُولَى بِنَوْعَيْهَا أَمَّا الْمَقْتُولُ بِثِقْلِ الْجَارِحَةِ فَكَالْمَقْتُولِ بِجُرْحِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا (لَا إنْ جَرَحَهُ سَهْمٌ فِي هَوَاءٍ وَأَثَّرَ) فِيهِ (فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ
ــ
[حاشية الجمل]
إذْ لَمْ يَأْتِ فِي كَلَامِهِ وَلَا فِي كَلَامِ الْأَصْلِ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ إنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ كَوْنِهَا جَارِحَةَ سِبَاعٍ أَوْ طَيْرٍ إلَخْ حَيْثُ أَطْلَقَ فِيهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ تَقْتُلَهُ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ يَحِلُّ مَقْتُولُهَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ مِنْ مُثْقَلٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ كَبُنْدُقَةٍ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ سَابِقًا مُحَدَّدَةٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَمُدْيَةٍ كَالَّةٍ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ تَجْرَحُ فَقَوْلُهُ بِثِقَلِ غَيْرِ جَارِحَةٍ صَادِقٌ بِكَوْنِ هَذَا الْغَيْرِ مُثْقَلًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَوْ مُحَدَّدًا لَا يَجْرَحُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَبُنْدُقَةٍ) قَدْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحُرْمَةِ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ وَلَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِجَوَازِهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا كَالْإِوَزِّ فَإِنْ كَانَ يَمُوتُ غَالِبًا كَالْعَصَافِيرِ فَيَحْرُمُ فَإِنْ احْتَمَلَ وَاحْتَمَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ وَالْكَلَامُ فِي الْبُنْدُقِ الْمَصْنُوعِ مِنْ الطِّينِ أَمَّا الْبُنْدُقُ الْمَعْرُوفُ الْمُتَّخَذُ مِنْ الرَّصَاصِ فَيَحْرُمُ الرَّمْيُ بِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ أَصَابَتْهُ الْبُنْدُقَةُ فَذَبَحَتْهُ بِقُوَّتِهَا أَوْ قَطَعَتْ رَقَبَتَهُ حَرُمَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ ز ي وس ل وَقَوْلُهُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِلِاصْطِيَادِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقًا لِلِاصْطِيَادِ فَهُوَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ وَكَالرَّمْيِ بِالْبُنْدُقَةِ ضَرْبُ الْحَيَوَانِ بِالْعَصَا وَنَحْوِهَا لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَيْهِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ كَمَا يَقَعُ فِي إمْسَاكِ نَحْوِ الدَّجَاجِ فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ إمْسَاكُهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لَا ضَرْبُهَا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهَا وَفِيهِ تَعْذِيبٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَكُلُّ مَا حَرُمَ فِعْلُهُ عَلَى الْبَالِغِ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَأُحْبُولَةٍ) هِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَا يُنْصَبُ فَيَعْلَقُ بِهِ الصَّيْدُ مِنْ نَحْوِ شَبَكَةٍ أَوْ شَرَكٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَحِبَالَةُ الصَّائِدِ بِالْكَسْرِ وَالْأُحْبُولَةُ بِالضَّمِّ مِثْلُهُ وَهِيَ الشَّرَكُ وَنَحْوُهُ وَجَمْعُ الْأُولَى حَبَائِلُ وَجَمْعُ الثَّانِيَةِ أَحَابِيلُ اهـ (قَوْلُهُ مِثْلُ مُدْيَةٍ كَآلَةٍ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ إذَا ذُبِحَتْ بِالتَّحَامُلِ الْخَارِجِ عَنْ الْمُعْتَادِ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَصَلَ بِقُوَّتِهِ لَا بِهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَوَقَعَ بِجَبَلٍ) أَيْ أَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ اهـ عب اهـ سم وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ أَيْ كَشَجَرَةٍ وَأَرْضٍ عَالِيَةٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ سَقَطَ أَيْ وَكَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ اهـ قَالَ حَجّ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَدَحْرَجَ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ لِأَنَّ التَّدَحْرُجَ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ بِخِلَافِ السُّقُوطِ اهـ سم (قَوْلُهُ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ) أَيْ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ أَنْهَاهُ الْجُرْحُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ وَلَا أَثَرَ لِصَدْمَةِ الْجَبَلِ مَثَلًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ سَقَطَ عَمَّا إذَا تَدَحْرَجَ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ اهـ خ ط اهـ س ل (قَوْلُهُ تَغْليِبًا لِلْمُحَرَّمِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْمَيْتَاتِ فَرَجَحَ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلِأَنَّ السَّاقِطَ مِنْ الْجَبَلِ يُشْبِهُ الْمُتَرَدِّيَةَ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى بِنَوْعَيْهَا) وَهُمَا الْمُثَقَّلُ وَالْمُحَدَّدُ غَيْرُ الْجَارِحِ لَكِنَّ الْمُثَقَّلَ مَثَّلَ لَهُ بِأَمْثِلَةٍ ثَلَاثَةٍ وَالْمُحَدَّدَ الْمَذْكُورُ مَثَّلَ لَهُ بِوَاحِدٍ فَالْمُنْخَنِقَةُ يَرْجِعُ لِلثَّالِثَةِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُثَقَّلِ وَالْمَوْقُوذَةُ يَرْجِعُ لِلْأُولَيَيْنِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُثَقَّلِ وَلِمِثَالِ الْمُحَدَّدِ غَيْرِ الْجَارِحِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ أَمَّا الْمَقْتُولُ بِثِقَلِ الْجَارِحَةِ إلَخْ) فَلَوْ مَاتَ فَزَعًا مِنْ الْجَارِحَةِ أَوْ مِنْ شِدَّةِ الْعَدْوِ لَمْ يَحِلَّ قَطْعًا اهـ سم (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) اُنْظُرْ أَيْنَ يَأْتِي هَذَا الْمَبْحَثُ وَفِي شَرْحِ م ر مِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكِنَّهُ أَحَالَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ صَرِيحًا فِيمَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] وَلِأَنَّهُ يَعِزُّ تَعْلِيمُهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ إلَّا جَرْحًا وَلَيْسَ كَالْإِصَابَةِ بِعَرْضِ السَّهْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ آلَةٌ فَلَمْ يَحِلَّ بِثِقَلِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا جَوَارِحَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجْرَحَ وَالْأَوَّلُ قَالَ الْجَوَارِحُ الْكَوَاسِبُ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَجْرَحْ الْكَلْبُ الصَّيْدَ فَإِنْ جَرَحَهُ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ حَلَّ قَطْعًا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ أَيْضًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يَعْتَذِرَ عَنْ هَذِهِ الْإِحَالَةِ هُنَا بِمِثْلِ مَا اُعْتُذِرَ بِهِ فِي السَّابِقَةِ فَارْجِعْ إلَى مَا كَتَبْنَاهُ فِيهَا اهـ (قَوْلُهُ لَا إنْ جَرَحَهُ بِسَهْمٍ فِي هَوَاءٍ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَصَابَهُ أَيْ الصَّيْدَ سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ طَرَأَ هُبُوبُهَا بَعْدَ الْإِرْسَالِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَكَانَ يَقْصُرُ عَنْهُ لَوْلَا الرِّيحُ حَلَّ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ هُبُوبِهَا لَا يُمْكِنُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ حُكْمُ الْإِرْسَالِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَأَثَّرَ فِيهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ يَنْتَهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَإِلَّا حَلَّ مُطْلَقًا اهـ ح ل
(قَوْلُهُ فَسَقَطَ بِأَرْضٍ) عَبَّرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute