للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) أَنْ (يُؤَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَيُقَامُ فِي الْيُسْرَى وَيُحَنَّكَ بِتَمْرٍ فَحُلْوٍ حِينَ يُولَدُ) فِيهِمَا أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ أَيْ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِيَكُونَ إعْلَامُهُ بِالتَّوْحِيدِ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ إلَى الدُّنْيَا كَمَا يُلَقَّنُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ تَحْنِيكُهُ بِتَمْرٍ بِأَنْ يُمْضَغَ وَيُدَلَّكَ بِهِ حَنَكُهُ دَاخِلَ الْفَمِ حَتَّى يَنْزِلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنْهُ «فَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِابْنِ أَبِي طَلْحَةَ حِينَ وُلِدَ وَتَمَرَاتٍ فَلَاكَهُنَّ ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقِيسَ بِالتَّمْرِ الْحُلْوُ وَفِي مَعْنَى التَّمْرِ الرُّطَبُ، وَقَوْلِي الْيُمْنَى وَيُقَامُ فِي الْيُسْرَى مَعَ ذِكْرِ الْحُلْوِ وَتَقْيِيدِ التَّحْنِيكِ بِحِينِ الْوِلَادَةِ مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية الجمل]

إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ أَخَفُّ اهـ ز ي.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يُؤَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ الْأَذَانُ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظِيفَةِ الرِّجَالِ بَلْ الْمَقْصُودُ بِهِ مُجَرَّدُ الذِّكْرِ لِلتَّبَرُّكِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِعْلُ الْأَذَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلُودُ كَافِرًا وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ ذِكْرُ اللَّهِ وَدَفْعُ الشَّيْطَانِ عَنْهُ وَرُبَّمَا يَكُونُ دَفْعُهُ عَنْهُ مُؤَدَّيَا لِبَقَائِهِ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِهِدَايَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُهُ حِينَئِذٍ فَشُرِعَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ؛ لِأَنَّهُ يُدْبِرُ عِنْدَ سَمَاعِهِمَا وَيُسِنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: ٣٦] عَلَى إرَادَةِ التَّسْمِيَةِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ الْإِخْلَاصَ» فَيُسَنُّ ذَلِكَ أَيْضًا وَيَكُونُ فِي الْيَمِينِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ) هَذَا تَرْكِيبٌ غَيْرُ مُحَرَّرٍ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ» وَهِيَ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ وَقِيلَ مَرَضٌ يَلْحَقُهُمْ فِي الصِّغَرِ اهـ (قَوْلُهُ وَيُدَلَّكَ بِهِ حَنَكُهُ) فِي الْمُخْتَارِ الْحَنَكُ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ اهـ فَلِهَذَا احْتَاجَ الشَّارِحُ لِقَوْلِهِ دَاخِلَ الْفَمِ (قَوْلُهُ فَلَاكَهُنَّ) فِي الْمِصْبَاحِ لَاكَ اللُّقْمَةَ يَلُوكُهَا مِنْ بَابِ قَالَ مَضَغَهَا وَلَاكَ الْفَرَسُ اللِّجَامَ عَضَّ عَلَيْهِ اهـ، وَفِيهِ أَيْضًا فَغَرَ الْفَمُ فَغْرًا مِنْ بَابِ نَفَعَ انْفَتَحَ وَفَغَرْتُهُ فَتَحْتُهُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَافْتَغَرَ النَّوْرُ تَفَتَّحَ اهـ، وَفِيهِ أَيْضًا مَجَّ الرَّجُلُ الْمَاءَ مِنْ فِيهِ مَجًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ رَمَى بِهِ اهـ

(قَوْلُهُ فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ) فِي الْمُخْتَارِ لَمَظَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَتَلَمَّظَ إذَا تَتَبَّعَ بِلِسَانِهِ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ فِي فَمِهِ أَوْ أَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَ بِهِ شَفَتَيْهِ وَاللُّمْظَةُ بِالضَّمِّ كَالنُّكْتَةِ مِنْ الْبَيَاضِ، وَفِي الْحَدِيثِ «الْإِيمَانُ يَبْدُو لُمْظَةً فِي الْقَلْبِ» اهـ (قَوْلُهُ حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا فَالْكَسْرُ بِمَعْنَى الْمَحْبُوبِ كَالذِّبْحِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ وَعَلَى هَذَا فَالْبَاءُ مَرْفُوعَةٌ أَيْ مَحْبُوبُ الْأَنْصَارِ التَّمْرُ، وَأَمَّا مِنْ ضَمِّ الْحَاءِ فَهُوَ مَصْدَرٌ، وَفِي الْبَاءِ وَجْهَانِ النَّصْبُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ فَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى تَقْدِيرِ اُنْظُرُوا حُبَّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ فَيُنْصَبُ التَّمْرُ أَيْضًا وَمَنْ رَفَعَ قَالَ هُوَ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ لَازِمٌ أَوْ هُوَ عَادَةٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ عَلَى كَسْرِ الْحَاءِ يُرْفَعُ التَّمْرُ وَعَلَى ضَمِّهَا يُنْصَبُ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالتَّمْرِ الْحُلْوُ) فَإِنْ قُلْت لِمَ أَلْحَقُوا غَيْرَ التَّمْرِ وَالرُّطَبِ بِهِمَا هُنَا دُونَ الصَّوْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ ثُمَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا فُقِدَ ذَلِكَ أَيْ الرُّطَبُ وَالتَّمْرُ فَالْمَاءُ مَعَ أَنَّ التَّمْرَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا (قُلْت) يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَّ عَقَّبَ التَّمْرَ بِالْمَاءِ فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَمَنْعُ قِيَاسِ التَّمْرِ عَلَيْهِ فَزِيَادَةُ وَاسِطَةٍ فِيهَا اسْتِدْرَاكٌ فَلِذَا قَاسُوا عَلَيْهِ هُنَا لَا ثَمَّ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ فُقِدَ تَمْرٌ فَحُلْوٌ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَنِّكُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لِيَحْصُلَ لِلْمَوْلُودِ بَرَكَةُ مُخَالَطَةِ رِيقِهِ لِجَوْفِهِ وَيُنْدَبُ تَهْنِئَةُ الْوَالِدِ وَنَحْوه عِنْدَ الْوِلَادَةِ بِبَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ وَشَكَرْت الْوَاهِبَ وَبَلَغَ أَشَدُّهُ وَرُزِقْت بِرَّهُ وَيُنْدَبُ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِنَحْوِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا وَالْأَوْجَهُ امْتِدَادُ زَمَنِهَا ثَلَاثًا بَعْدَ الْعِلْمِ أَوْ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي التَّعْزِيَةِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى التَّمْرِ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الرُّطَبَ مُؤَخَّرٌ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّمْرِ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ التَّمْرِ عَلَى الْحَلْوَى اهـ ح ل.

(خَاتِمَةٌ)

يُنْدَبُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَدْهُنَ غِبًّا وَأَنْ يَكْتَحِلَ لِكُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثًا وَيُقَلِّمَ ظُفْرَهُ وَيَنْتِفَ إبْطَهُ وَيَحْلِقَ عَانَتَهُ. وَيَجُوزُ الْعَكْسُ وَأَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ طَرَفَ الشَّفَةِ بَيَانًا ظَاهِرًا، وَيُكْرَهُ الْإِحْفَاءُ وَهُوَ حَلْقُ شَعْرِ الشَّارِبِ وَتَأْخِيرُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَنْ حَاجَتِهَا وَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَأَنْ يَغْسِلَ الْبَرَاجِمَ وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَعَاطِفَ الْأُذُنِ وَصِمَاخَهَا وَبَاطِنَ الْأَنْفِ تَيَامُنًا فِي الْكُلِّ وَأَنْ يَخْضِبَ الشَّيْبَ بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَيَحْرُمُ بِالسَّوَادِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَخِضَابُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ لِلرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حَرَامٌ بِلَا عُذْرٍ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُنْدَبُ فَرْقُ الشَّعْرِ وَتَرْجِيلُهُ وَتَسْرِيحُ اللِّحْيَةِ، وَيُكْرَهُ نَتْفُهَا وَحَلْقُهَا وَنَتْفُ الشَّيْبِ وَاسْتِعْجَالُهُ بِالْكِبْرِيتِ وَنَتْفُ جَانِبَيْ الْعَنْفَقَةِ وَتَصْفِيفُ اللِّحْيَةِ طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ وَالنَّظَرُ فِي سَوَادِهَا وَبَيَاضِهَا إعْجَابًا وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِذَارَيْنِ وَالنَّقْصُ مِنْهُمَا وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ سِبَالَيْهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>