لَمْ يُعْطِهِ.
(وَعَلَى مُضْطَرٍّ) بِأَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَحْذُورًا كَمَوْتٍ وَمَرَضٍ مَخُوفٍ وَزِيَادَتِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ وَانْقِطَاعِ رُفْقَةٍ مِنْ عَدَمِ التَّنَاوُلِ (سَدُّ رَمَقِهِ) أَيْ بَقِيَّةِ رُوحِهِ (مِنْ مُحَرَّمٍ) غَيْرِ مُسْكِرٍ كَآدَمِيٍّ مَيِّتٍ (وَجَدَهُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ حَلَالٍ (وَلَيْسَ نَبِيًّا) فَلَا يَشْبَعُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ حَلَالًا قَرِيبًا لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَخَافَ مَحْذُورًا) إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ (فَيَشْبَعَ) وُجُوبًا بِأَنْ يَأْكُلَ حَتَّى يَكْسِرَ سَوْرَةَ الْجُوعِ لَا بِأَنْ لَا يَبْقَى لِلطَّعَامِ مَسَاغٌ فَإِنَّهُ حَرَامٌ قَطْعًا، أَمَّا النَّبِيُّ فَلَا يَجُوزُ التَّنَاوُلُ مِنْهُ لِشَرَفِ النُّبُوَّةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ كَافِرًا وَلَيْسَ لِمُضْطَرٍّ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ أَكَلٌ مِنْ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ، وَكَذَا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ حَتَّى يَتُوبَ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَمِثْلُهُ مُرَاقُ الدَّمِ كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ، وَلَوْ وَجَدَ مَيْتَةَ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ قُدِّمَتْ مَيْتَةُ غَيْرِهِ وَمَيْتَةُ الْآدَمِيِّ الْمُحْتَرَمِ لَا يَجُوزُ طَبْخُهَا وَلَا شَيُّهَا لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ، وَقَوْلِي فَقَطْ وَلَيْسَ نَبِيًّا مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْمُضْطَرِّ وَالْمَحْذُورِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ (قَتْلُ غَيْرِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ) ، وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ
ــ
[حاشية الجمل]
حَرَامٌ وَلَا الْأَكْلُ مِنْهَا وَأَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ، وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْهَا بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْعَمَلَةِ ثُمَّ صِنَاعَةُ الْيَدِ ثُمَّ التِّجَارَةُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى مُضْطَرٍّ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِمَّا يُؤْكَلُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ شَرَعَ فِيمَا يُؤْكَلُ حَالَةَ الضَّرُورَةِ فَقَالَ وَعَلَى مُضْطَرٍّ إلَخْ اهـ عَنَانِيٌّ وَقَوْلُهُ مُضْطَرٍّ أَيْ مَعْصُومٍ غَيْرِ عَاصٍ بِسَفَرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْحِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ) وَيَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَلَوْ اسْتَوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ فَرَأَى الْإِمَامُ الْقَطْعَ بِالْحِلِّ لِوُجُودِ خَوْفِ الْهَلَاكِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الطَّاهِرِ بَعْدَ أَكْلِهِ نَجَسًا لَزِمَهُ تَقَايُؤُ مَا أَكَلَهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ أَكْلِ مُحَرَّمٍ لَزِمَهُ تَقَايُؤُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَرَضٍ مَخُوفٍ) أَيْ بَلْ أَوْ غَيْرِ مَخُوفٍ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَمَرَضٍ مَخُوفٍ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُ حُصُولِ الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ كَخَوْفِ طُولِ الْمَرَضِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَانْقِطَاعِ رُفْقَةٍ) أَيْ إنْ حَصَلَ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ لَا نَحْوُ وَحْشَةٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَكَذَا لَوْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ وَفَقَدَ صَبْرَهُ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي ذَلِكَ كَافِيَةٌ بَلْ لَوْ جَوَّزَ السَّلَامَةَ وَالتَّلَفَ عَلَى السَّوَاءِ حَلَّ لَهُ تَنَاوُلُ الْمُحَرَّمِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ سَدُّ رَمَقِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ الْمُلَائِمُ لِتَفْسِيرِ الرَّمَقِ بِبَقِيَّةِ الرُّوحِ أَنَّهُ يُقَالُ شَدُّ رَمَقِهِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ بَقِيَّةِ رُوحِهِ) أَيْ بَقِيَّةِ الْقُوَّةِ الَّتِي الرُّوحُ سَبَبٌ فِيهَا وَإِلَّا فَالرُّوحُ لَا تَتَجَزَّأُ حَتَّى يُقَالَ لِحِفْظِ بَقِيَّتِهَا اهـ ع ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّعْبِيرِ بِبَقِيَّةِ الرُّوحِ أَنَّهُ نَزَّلَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْجُوعِ مَنْزِلَةَ ذَهَابِ بَعْضِ رُوحِهِ الَّتِي بِهَا حَيَاتُهُ فَعَبَّرَ عَنْ حَالِهِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ بِبَقِيَّةِ الرُّوحِ مَجَازًا وَإِلَّا فَالرُّوحُ لَا تَتَجَزَّأُ انْتَهَتْ،.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الرَّمَقُ بِفَتْحَتَيْنِ بَقِيَّةُ الرُّوحِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقُوَّةِ وَيَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَيْ مَا يُمْسِكُ الْقُوَّةَ وَيَحْفَظُهَا وَعَيْشٌ رَمِقٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ يُمْسِكُ الرَّمَقَ اهـ (قَوْلُهُ مِنْ مُحَرَّمٍ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ غَيْرِ مُسْكِرٍ وَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْمُغَلَّظِ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ مَيْتَةِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْخَطِيبُ تَقْدِيمَ الْأُولَى وُجُوبًا.
(تَنْبِيهٌ)
يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الِاجْتِهَادِ فِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةٍ بِمُذَكَّاةٍ، وَفِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةِ آدَمِيٍّ بِغَيْرِهَا، وَفِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةٍ غَيْرِ مُغَلَّظَةٍ بِمَيْتَةٍ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِمَنْعِ الِاجْتِهَادِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْرِضِ التَّطَهُّرِ وَالْمِلْكِ وَمَا هُنَا فِي مَعْرِضِ التَّخْفِيفِ فِي النَّجَاسَةِ مَعَ أَنَّهُ رُبَّمَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا طُلِبَ مِنْهُ الَّذِي هُوَ الْأَكْلُ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ كَآدَمِيٍّ) وَلَوْ وَجَدَ مَيْتَةً يَحِلُّ مَذْبُوحُهَا وَوَجَدَ مِنْهُ مَيْتَةً لَا يَحِلُّ مَذْبُوحُهَا كَآدَمِيٍّ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ خُيِّرَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر.
الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَا يَأْكُلُهُ الْمُضْطَرُّ يُوصَفُ بِأَنَّهُ حَلَالٌ وَأَنَّ مَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْحَرَامَ فَأَكَلَ الْمَيْتَةَ لِلضَّرُورَةِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ يَحْنَثُ إلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ فِيهِ، ضَعِيفٌ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ مَحْذُورًا إلَخْ) وَعَلَيْهِ التَّزَوُّدُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ وُصُولَهُ لِحَلَالٍ وَإِلَّا جَازَ بَلْ صَرَّحَ الْقَفَّالُ بِعَدَمِ مَنْعِهِ مِنْ حَمْلِ مَيْتَةٍ حَيْثُ لَمْ تُلَوِّثَهُ وَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ سَوْرَةَ الْجُوعِ) أَيْ حِدَّتَهُ وَقُوَّتَهُ (قَوْلُهُ لِشَرَفِ النُّبُوَّةِ) عِبَارَةُ الْإِيعَابِ أَمَّا النَّبِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْأَكْلُ مِنْهُ لِكَمَالِ حُرْمَتِهِ وَمَزِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَوْ كَانَ نَبِيًّا حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُضْطَرُّ فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا وَإِنْ لَمْ نُفَصِّلْ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ عَلَى أَنَّ إبْدَاءَ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ أَصْلِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ لَيْسَ مُتَعَبِّدًا إلَّا بِمَا يُوحَى إلَيْهِ أَوْ بِاجْتِهَادٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ) بِأَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ تَقْضِي بِأَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَعِيشُ وَإِنْ أَكَلَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ طَبْخُهَا وَلَا شَيُّهَا) مَحَلُّهُ إذَا تَأَتَّى أَكْلُهَا بِدُونِهِمَا وَإِلَّا فَيَجُوزُ الطَّبْخُ أَوْ الشَّيُّ وَيَتَخَيَّرُ فِي مَيْتَةِ غَيْرِهِ بَيْنَ الطَّبْخِ أَوْ الشَّيِّ وَغَيْرِهِمَا اهـ عَنَانِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ) غَايَةٌ فِي النَّفْيِ لَا فِي الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ) أَيْ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ مُسْتَحَقٌّ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ تَأَدُّبًا مَعَهُ وَحَالُ الضَّرُورَةِ لَيْسَ فِيهَا رِعَايَةُ أَدَبٍ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute