للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلِي فِي ذِمَّةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنَسِيئَةٍ (وَلَا ثَمَنٍ إنْ لَمْ يَذْكُرْ) حَمْلًا عَلَى الْمُسَامَحَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الطَّعَامِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُضْطَرِّ (فَإِنْ مَنَعَ) غَيْرُ الْمُضْطَرِّ بَذْلَهُ بِالثَّمَنِ لِلْمُضْطَرِّ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ (قَهْرُهُ) وَأَخْذُ الطَّعَامِ (وَإِنْ قَتَلَهُ) وَلَا يَضْمَنُهُ بِقَتْلِهِ إلَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ كَافِرًا مَعْصُومًا فَيَضْمَنُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَاغْتَرَّ بِهِ بَعْضُهُمْ فَجَزَمَ بِهِ (أَوْ وَجَدَ) مُضْطَرٌّ (مَيْتَةً وَطَعَامَ غَيْرِهِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَمْ يَبْذُلْهُ) (أَوْ) مَيْتَةً (وَصَيْدًا حَرُمَ بِإِحْرَامٍ أَوْ حَرَمٍ تَعَيَّنَتْ) أَيْ الْمَيْتَةُ فِيهِمَا لِعَدَمِ ضَمَانِهَا وَاحْتِرَامِهَا، وَتَخْتَصُّ الْأُولَى بِأَنَّ إبَاحَةَ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا وَإِبَاحَةَ أَكْلِ مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ ثَابِتَةٌ بِالِاجْتِهَادِ، وَالثَّانِيَةُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَبْحِ الصَّيْدِ مَعَ أَنَّ مَذْبُوحَهُ مِنْهُ مَيْتَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ، وَالثَّالِثَةُ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي بِأَنَّ صَيْدَ الْحَرَمِ مَمْنُوعٌ مِنْ قَتْلِهِ أَمَّا إذَا بَذَلَهُ لَهُ غَيْرُهُ مَجَّانًا أَوْ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ بِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا وَمَعَ الْمُضْطَرِّ ثَمَنُهُ أَوْ رَضِيَ بِذِمَّتِهِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْمَيْتَةُ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُضْطَرُّ الْمُحْرِمُ إلَّا صَيْدًا أَوْ غَيْرَ الْمُحْرِمِ إلَّا صَيْدَ حَرَمٍ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ وَافْتَدَى.

(وَحَلَّ قَطْعُ جُزْئِهِ) أَيْ جُزْءِ نَفْسِهِ كَلَحْمَةٍ مِنْ فَخْذِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ نَارٍ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَى تَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَقْدِيرِهَا لَمْ يَجِبْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ فُرِضَ فِي تِلْكَ ضِيقُ الْوَقْتِ وَجَبَ الْبَذْلُ بِلَا عِوَضٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ الْوَجْهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَوَاخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَكِنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ نَقَلَهُ كَالْأَصْلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ قَطْعِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ فِي تِلْكَ إلَّا بِعِوَضٍ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ يَلْزَمُهُ تَخْلِيصُهُ بِلَا أُجْرَةٍ وَعَلَى هَذَا اخْتَصَرَ الْأَصْفَوَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ اهـ (أَقُولُ) يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا م ر اعْتَمَدَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَسْهَلُ مِنْ الْأَعْيَانِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَا ثَمَنَ إنْ لَمْ يَذْكُرْ) فِي النَّاشِرِيِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْعِوَضِ بِذِكْرِهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُضْطَرُّ صَبِيًّا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيضِ صَاحِبِ الطَّعَامِ عَلَى بَذْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ، وَلَوْ صَبِيًّا وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ اهـ سم.

وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْتِزَامِ الْعِوَضِ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ بَذْلِهِ اهـ س ل (قَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ لِلْمُضْطَرِّ قَهْرُهُ) اُنْظُرْ لَوْ عَجَزَ الْمُضْطَرُّ عَنْ قَهْرِهِ هَلْ لِلْغَيْرِ قَهْرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ ذِمِّيًّا وَإِنْ مُنِعَ مِنْ الْقَهْرِ لِنَفْسِهِ يَتَّجِهُ الْقَتْلُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الطَّعَامَ) وَلَا يَلْزَمُهُ التَّلَفُّظُ بِتَمَلُّكِهِ عِنْدَ أَخْذِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ إذَا تَمَلَّكَ مَا غَرَسَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ بَنَاهُ وَالْمُلْتَقِطِ إذَا تَمَلَّكَ اللُّقَطَةَ بِأَنَّ مَا هُنَا مُجَرَّدُ إتْلَافٍ وَاجِبٍ شَرْعًا فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ وَهُوَ التَّلَفُّظُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَهُ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُهْدَرًا فَلَوْ قَتَلَ الْمَالِكُ الْمُضْطَرَّ فِي الدَّفْعِ عَنْ طَعَامِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ الطَّعَامَ فَمَاتَ جَوْعًا فَلَا ضَمَانَ إذْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا مُهْلِكًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالْمُضْطَرُّ كَافِرًا مَعْصُومًا) يُفِيدُ أَنَّ لِلْمُضْطَرِّ الذِّمِّيِّ قَهْرُ الْمُسْلِمِ الْمَانِعِ وَإِنْ قَتَلَهُ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ سم.

(فَرْعٌ)

لَوْ اُضْطُرَّ الذِّمِّيُّ وَامْتَنَعَ الْمُسْلِمُ الَّذِي مَعَهُ طَعَامٌ مِنْ إطْعَامِهِ لَمْ يَكُنْ لِلذِّمِّيِّ مُقَاتَلَتُهُ وَقَهْرُهُ إذْ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهُ اهـ م ر انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَاغْتَرَّ بِهِ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ بُحِثَ وَلَا يَجْزِمَ بِهِ؛ لِأَنَّ جَزْمَهُ بِذَلِكَ يُوهِمُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ مَيْتَةً وَصَيْدًا حَرُمَ بِإِحْرَامٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر أَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مُحْرِمٌ أَوْ بِالْحَرَمِ مَيْتَةً وَصَيْدًا حَيًّا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَكْلُهَا لِعَدَمِ ضَمَانِهَا وَذَبْحُ الصَّيْدِ حَرَامٌ وَيُصَيِّرُهُ مَيْتَةً أَيْضًا وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَيَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ فَفِي الْأُولَى تَحْرِيمٌ وَاحِدٌ فَكَانَتْ أَخَفَّ أَوْ مَيْتَةً وَلَحْمَ صَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مُحْرِمٌ أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ إلَّا صَيْدًا ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ وَافْتَدَى أَوْ مَيْتَةً أَكَلَهَا وَلَا فَدِيَةَ أَوْ صَيْدًا وَطَعَامًا لِلْغَيْرِ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ فَطَعَامُ الْغَيْرِ حَلَالٌ وَالصَّيْدُ يَصِيرُ مَيْتَةً بِذَبْحِ الْمُحْرِمِ، وَلَوْ عَمّ الْحَرَامُ جَازَ الِاسْتِعْمَالُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ دُونَ مَا سِوَى ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ إذَا تَوَقَّعْنَا مَعْرِفَةَ أَرْبَابِهِ وَإِلَّا صَارَ مَالًا ضَائِعًا فَيَنْتَقِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فِيهِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا) خَرَجَ الزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَبْذُلْهُ فَلَا يُقَاتِلُهُ إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ نَفْسِ صَاحِبِ الطَّعَامِ بَلْ يَعْدِلُ إلَى الْمَيْتَةِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِ الْمَالِكِ فَكَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ انْتِزَاعُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكُلُّ هَذَا شَمِلَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا يُخَالِفُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ، وَكَذَا فِي التَّصْحِيحِ وَهَذَا كُلُّهُ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَنَقَلَا عَنْهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ فَرَاجِعْهُ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فِيمَا إذَا وَجَدَ مَيْتَةً وَطَعَامَ حَاضِرٍ لَمْ يَبْذُلْهُ إلَّا بِغَبْنٍ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ مَا نَصُّهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ شِرَاؤُهُ بِالْغَبْنِ وَيَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى وَلَا يُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ اهـ وَيُفَارِقُ الْمُقَاتِلَةَ فِيمَا سَبَقَ بِوُجُودِ الْمَيْتَةِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ ذَبَحَهُ) أَيْ لِئَلَّا تَعَافَهُ النَّفْسُ وَإِلَّا فَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ لِلصَّيْدِ مُطْلَقًا، وَالْحَلَالُ لِلصَّيْدِ الْحَرَمِيِّ حَرَامٌ وَمَيْتَةٌ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لَكِنْ إذَا ذَبَحَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا رُبَّمَا أَلِفَتْهُ النَّفْسُ أَكْثَرَ مِمَّا لَمْ يُذْبَحْ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ (قَوْلُهُ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ) وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ وَانْظُرْ قَوْلَهُ ذَبَحَهُ هَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ؟ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَافْتَدَى) أَيْ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ لِحِفْظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>