لِلرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ بِقَصْدِ الْجِهَادِ (سُنَّةٌ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِآيَةِ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] «وَفَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُوَّةَ فِيهَا بِالرَّمْيِ» كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالسَّبَقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْعِوَضُ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ مَصْدَرًا (وَلَوْ بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَثًّا عَلَى الِاسْتِعْدَادِ لِلْجِهَادِ (وَلَازِمَةٌ فِي حَقِّ مُلْتَزَمِهِ) أَيْ الْعِوَضِ، وَلَوْ غَيْرَ الْمُتَسَابِقِينَ كَالْإِجَارَةِ (فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا وَلَا تَرْكُ عَمَلٍ) قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ سَابِقًا وَأَمْكَنَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْآخَرُ وَيَسْبِقَهُ وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّ نَفْسِهِ (وَلَا زِيَادَةَ وَ) لَا (نَقْصَ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَمَلِ (وَلَا فِي عِوَضٍ) وَتَعْبِيرِي بِالْعِوَضِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَحِينَئِذٍ فَالْمُتَّجَهُ كَلَامُهُمْ
وَ (قَوْلُهُ بِقَصْدِ الْجِهَادِ) إمَّا بِقَصْدٍ مُبَاحٍ فَمُبَاحَانِ أَوْ حَرَامٍ كَقَطْعِ طَرِيقٍ فَحَرَامَانِ أَوْ مَكْرُوهٍ فَمَكْرُوهَانِ، وَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً لِمَنْ عَرَفَ الرَّمْيَ وَتَرْكُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَوْ فَقَدْ عَصَى» وَالْمُنَاضَلَةُ آكَدُ مِنْ شَقِيقَتِهَا لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ السُّنَنِ «ارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا» وَلِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي الْمَضِيقِ وَالسَّعَةِ وَمَحَلُّ حِلِّ الرَّمْيِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ جِهَةِ الرَّامِي أَمَّا لَوْ رَمَى كُلٌّ إلَى صَاحِبِهِ فَحَرَامٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِي كَثِيرًا وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ الرَّمْيِ بِالْجَرِيدِ لِلْخَيَّالَةِ فَيَحْرُمُ نَعَمْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُمَا حِذْقٌ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمَا سَلَامَتُهُمَا مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ حَيْثُ لَا مَالَ وَيَحِلُّ اصْطِيَادُ الْحَيَّةِ لِحَاذِقٍ فِي صَنْعَتِهِ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَلَامَتُهُ مِنْهَا وَقَصَدَ تَرْغِيبَ النَّاسِ فِي اعْتِمَادِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيه فِي الْبَيْعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا حِلُّ أَنْوَاعِ اللَّعِبِ الْخَطِرَةِ مِنْ الْحَاذِقِ بِهَا حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ وَمِنْهُ الْمُسَمَّى بِالْبَهْلَوَانِ وَمَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا إذَا مَاتَ فَاعِلُهُ يَكُونُ عَاصِيًا إذْ الشَّرْطُ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِظَنٍّ يَتَبَيَّنُ خَطَؤُهُ وَيَحِلُّ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَالْأَقْرَبُ جَوَازُ الْتِقَافِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ حَيْثُ خَلَا عَنْ الْخِصَامِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ أَهْلِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر مَعَ زِيَادَةِ ل ع ش عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيْ م ر فِي شَرْحِهِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ لَوْ تَرَاهَنَ رَجُلَانِ عَلَى قُوَّةٍ يُخْتَبَرَانِ بِهَا أَنْفُسَهُمَا كَالْقُدْرَةِ عَلَى رُقِيِّ جَبَلٍ أَوْ إقْلَالِ صَخْرَةٍ أَوْ أَكْلِ كَذَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَكُلُّهُ حَرَامٌ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ مَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ فِي الرِّهَانِ عَلَى حَمْلِ كَذَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إلَى مَكَانِ كَذَا أَوْ إجْرَاءِ السَّاعِي مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ كُلُّ ذَلِكَ ضَلَالَةٌ وَجَهَالَةٌ عَلَى مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَفِعْلِ الْمُنْكَرَاتِ اهـ
(قَوْلُهُ لِلرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَلَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ كَمَا لَا تَجُوزُ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ قَالَ غَيْرُهُ، وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ وَمِمَّا يُنَازِعُهُ مَا سَيَأْتِي فِي مُسَابَقَةِ عَائِشَةَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْجَوَازُ بِلَا عِوَضٍ حَيْثُ لَمْ تَقْصِدْ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهَا لِلذِّمِّيِّينَ كَبَيْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ اهـ حَجّ وَأَطْلَقَ م ر جَوَازَهَا لِلنِّسَاءِ بِلَا عِوَضٍ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَالْخُنْثَى لِعَدَمِ تَأَهُّلِهِمَا لَهُ وَيُتَّجَهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا بِمَالٍ لَا بِغَيْرِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِلْإِجْمَاعِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَابَقَ عَلَى الْخَيْلِ الَّتِي ضُمِّرَتْ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَعَلَى الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَالْمَسَافَةُ الْأُولَى خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ وَالثَّانِيَةُ مِيلٌ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم وَالْحَفْيَاءُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٌ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ اهـ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُوَّةَ بِالرَّمْيِ) لَفْظُهُ الشَّرِيفُ «أَلَّا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ» اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «لَا سَبْقَ» إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ دَلَالَةِ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى السُّنِّيَّةِ وَ (قَوْلُهُ أَوْ نَصْلٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ هُوَ شَامِلٌ لَنَصْلِ السَّهْمِ وَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم
(قَوْلُهُ الْعِوَضُ) أَيْ الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْ السَّابِقِ كَالْقَبْضِ بِالتَّحْرِيكِ مَا قُبِضَ مِنْ الْمَالِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ مَصْدَرًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ يُرْوَى سَبْقٌ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرًا وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ إلَى السَّابِقِ انْتَهَتْ قَالَ الشِّهَابُ م ر وَالثَّانِيَةُ أَثْبَتُ انْتَهَى اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ) وَيُعْتَبَرُ فِي بَاذِلِهِ لَا قَابِلِهِ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ فِيهِ بِخِلَافِ تَعَلُّمِ نَحْوِ الْقُرْآنِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ صَنْعَةٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَا قَابِلُهُ أَيْ فَيَجُوزُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ مَعَهُ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ الْعِوَضِ أَيْ فِي دَفْعِهِ حَثًّا إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَازِمَةٌ فِي حَقِّ مُلْتَزَمِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَقْدَهَا الْمُشْتَمِلَ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ بِعِوَضٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ لَكِنْ مِنْ جِهَةِ بَاذِلِ الْعِوَضِ فَقَطْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) أَيْ بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَوَجْهُ إلْحَاقِهَا بِالْجَعَالَةِ النَّظَرُ إلَى أَنَّ الْعِوَضَ مَبْذُولٌ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا يُوثَقُ بِهِ فَكَانَ كَرَدِّ الْآبِقِ اهـ ز ي وَقَدْ تُخَالِفُ الْإِجَارَةُ فِي الِانْفِسَاخِ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَفِي الْبُدَاءَةِ بِالْعَمَلِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِخَطَرِ الْعَمَلِ هُنَا اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَا تَرْكُ عَمَلٍ) فَلَوْ امْتَنَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute