لِسَمَاعِ الْحُجَّةِ فَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ مَشْهُورًا بِالْبَلَدِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَحْدِيدِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي وَصْفِ مَا يَعْسُرُ إحْضَارُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَيْنَ الْغَائِبَةَ عَنْ الْبَلَدِ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى كَاَلَّتِي فِي الْبَلَدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إيجَابِ الْإِحْضَارِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ (وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ) الْمُدَّعَاةَ (حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (لِلْمُدَّعِي دَعْوَى بَدَلِهَا) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِيمَةِ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ حُجَّةً) حِينَ أَنْكَرَ (كُلِّفَ الْإِحْضَارَ) لِلْعَيْنِ لِتَشْهَدَ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهَا (وَحُبِسَ عَلَيْهِ) حَيْثُ لَا عُذْرَ؛ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ حَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ، وَإِنْ نَاقَضَ نَفْسَهُ إذْ لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ لَخَلَّدَ عَلَيْهِ الْحَبْسَ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهَا وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ فِي التَّلَفِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَوْ غَصَبَهُ) غَيْرُهُ (عَيْنًا أَوْ دَفَعَهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا فَجَحَدَهَا وَشَكَّ أَبَاقِيَةٌ) هِيَ فَيَدَّعِيهَا (أَمْ لَا) فَبَدَلُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا فِي الثَّانِيَةِ (فَقَالَ ادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ أَوْ بَدَلُهُ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (إنْ تَلِفَ أَوْ ثَمَنُهُ إنْ بَاعَهُ سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً لِلْحَاجَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا بَدَلُهَا وَلَا ثَمَنُهَا، وَإِنْ نَكَلَ فَقِيلَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي كَمَا ادَّعَى وَقِيلَ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَتَعْبِيرِي بِالْبَدَلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِيمَةِ (وَإِذَا أُحْضِرَتْ الْعَيْنُ) الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمَجْلِسِ (فَثَبَتَتْ لِلْمُدَّعِي فَمُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ عَلَى خَصْمِهِ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ (فَهِيَ) أَيْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَيْنِ إلَى مَحَلِّهَا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعِي لِتَعَدِّيهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا أَيْضًا لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ إنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ.
ــ
[حاشية الجمل]
يُحْضِرُهُ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَيُوصَفُ وَيُحَدَّدُ فِي الدَّعْوَى وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِتِلْكَ الْحُدُودِ أَيْ وَيَحْكُمُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى أَنْ يُحْضِرَهُ وَقَدْ تَكْفِي شُهْرَتُهُ عَنْ تَحْدِيدِهِ وَيَحْكُمُ بِهِ لِلْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَشْهَدُ الْحُجَّةُ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَالصِّفَاتِ) فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ إنَّمَا نَعْرِفُ عَيْنَهُ فَقَطْ تَعَيَّنَ حُضُورُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ اهـ م ر اهـ س ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ الْعَيْنَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِلْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ وَعَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ فَقَالَ لَيْسَ بِيَدِي عَيْنٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَجِبَ إحْضَارُهَا كَعَبْدٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ اهـ سم
(قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَلَفَ لَا عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُدَّعِي إلَخْ كَمَا سَبَقَ إلَى بَعْضِ الْأَوْهَامِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كُلِّفَ الْإِحْضَارَ (قَوْلُهُ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ يَمِينَ الرَّدِّ عَلَى الْعَيْنِ اهـ ح ل أَيْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا (قَوْلُهُ وَحُبِسَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِحْضَارِ أَيْ لِأَجْلِهِ فَعَلَى لِلتَّعْلِيلِ وَلَا يُطْلَقُ إلَّا بِإِحْضَارِ الْعَيْنِ أَوْ بِادِّعَاءِ تَلَفِهَا مَعَ الْحَلِفِ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَأَمَّا أُجْرَةُ الْحَبْسِ فَهِيَ عَلَى الْمَحْبُوسِ نَفْسِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا حَلَفَ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْمُدَّعِي وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً اهـ ح ل وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ التَّلَفَ إلَى جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِهَا ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهَا كَالْوَدِيعِ اهـ عَنَانِيٌّ وس ل (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً كَالْعَارِيَّةِ أَوْ أَمَانَةً وَقَصَّرَ فِيهَا حَتَّى تَلِفَتْ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ بَدَلِهِ إنْ تَلِفَ) أَيْ بِإِتْلَافٍ أَوْ بِدُونِهِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ وَبِإِتْلَافٍ فَقَطْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ أَوْ دَفَعَ ثَوْبَهُ لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبُ الثَّمَنَ أَمْ أَتْلَفَهُ فَيَطْلُبُ قِيمَتَهُ أَمْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ أَوْ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ تَلَفًا لَا يَقْتَضِي تَضْمِينَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ جَامِعَةً لِذَلِكَ وَالْقَاضِي إنَّمَا يَسْمَعُ الْمَرْدُودَةَ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْإِلْزَامَ فِيهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مِنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ اهـ م ر
(قَوْلُهُ فَقِيلَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي كَمَا ادَّعَى) أَيْ يَحْلِفُ يَمِينًا مُرَدَّدَةً، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحِينَئِذٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الْعَيْنَ فَذَاكَ أَوْ غَيْرُهَا قَبْلَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي قَدْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنًا أَوْ بَدَلًا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ اهـ س ل (قَوْلُهُ وَإِذَا أُحْضِرَتْ الْعَيْنُ الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمَجْلِسِ) كَتَبَ شَيْخُنَا عِنْدَ ذِكْرِ الْمِنْهَاجِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَيْ الْغَائِبَةُ عَنْ الْمَجْلِسِ فَقَطْ مَا نَصُّهُ، وَلَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي الطَّرِيقِ بِانْهِدَامِ دَارٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ مُسْتَحَقِّهَا وَجُعِلَ هَذَا عِلَّةً لِعَدَمِ ضَمَانِ أُجْرَتِهَا أَيْضًا اهـ سم (قَوْلُهُ عَلَى خَصْمِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَيَرْجِعُ بِهَا هُوَ عَلَيْهِ إنْ تَحَمَّلَهَا اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى غَصْبًا كَانَ عَلَيْهِ يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ وَالنَّقْلِ إلَى دَارِ الْمُدَّعِي كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَيْ إذَا كَانَ الْغَصْبُ فِيهَا اهـ سم (قَوْلُهُ فَهِيَ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَذَا نَفَقَةُ نَحْوِ رَقِيقٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا إلَخْ أَيْ لَا أُجْرَةُ الْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كحج أَنَّ نَفَقَةَ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةَ الْخُصُومَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ) أَيْ حَيْلُولَةِ الْمُدَّعِي بَيْنَ الْعَيْنِ وَصَاحِبِهَا بِإِحْضَارِهَا لِلْقَاضِي وَرَدِّهَا وَقَوْلُهُ لَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَقَطْ أَيْ إنْ كَانَ هَذَا لِقِصَرِ الزَّمَنِ فَقَدْ تَكُونُ الْبَلَدُ وَاسِعَةً فَتَطُولُ الْمُدَّةُ وَأَيْضًا تَقَدَّمَ أَنَّ الْغَائِبَةَ عَنْ الْبَلَدِ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَالْغَائِبَةِ عَنْ الْمَجْلِسِ فَقَطْ فِي وُجُوبِ الْإِحْضَارِ فَهَلْ هِيَ مِثْلُهَا أَيْضًا فِي عَدَمِ الْأُجْرَةِ أَوْ لَا تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ لَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَقَطْ أَيْ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُتَسَامَحُ بِهِ تَوْقِيرًا لِمَجْلِسِ الْقَاضِي وَمُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِ الْمُضَايَقَةِ مَعَ عَدَمِ زِيَادَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَلَا يَجِبُ لِلْخَصْمِ أُجْرَةُ مَنْفَعَتِهِ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ لِلْمُسَامَحَةِ بِمِثْلِهِ؛ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ اهـ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute