للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا عَطَفْته عَلَى يَسْتَرْعِيَهُ بِقَوْلِي (وَ) بِأَنْ (يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ) وَلَوْ مُحَكَّمًا أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ (أَوْ) بِأَنْ يَسْمَعَهُ (يُبَيِّنُ سَبَبَهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (كَأَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا قَرْضًا) فَلِسَامِعِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ حَاكِمٍ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ، وَالتَّسَاهُلِ مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ فَلَا يَكْفِي مَا لَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا أَوْ أُعْلِمُك أَوْ أُخْبِرُك بِكَذَا أَوْ أَنَا عَالِمٌ بِهِ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَأْتِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ قَدْ يُرِيدُ عِدَةً كَأَنْ قَدْ وَعَدَهَا أَوْ يُشِيرُ بِكَلِمَةِ عَلَى إلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَقَدْ يَتَسَاهَلُ بِإِطْلَاقِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الشَّهَادَةِ أَحْجَمَ (وَلْيُبَيِّنْ) وُجُوبًا (الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ) فَإِنْ اسْتَرْعَاهُ الْأَصْلُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ إلَى سَبَبِهِ (إلَّا أَنْ يَثِقَ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ) فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ.

(وَلَوْ حَدَثَ بِالْأَصْلِ عَدَاوَةٌ أَوْ فِسْقٌ) بِرِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يَشْهَدْ فَرْعٌ) لِأَنَّهَا لَا تَهْجُمُ غَالِبًا دُفْعَةً فَتُورِثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ لِمُدَّتِهَا الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ فَتَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ.

(وَصَحَّ أَدَاءُ كَامِلٍ تَحَمَّلَ) حَالَةَ كَوْنِهِ (نَاقِصًا) كَفَاسِقٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ تَحَمَّلَ ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيَكْفِي فَرْعَانِ لِأَصْلَيْنِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يُشْتَرَطُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَرْعَانِ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ لِهَذَا وَوَاحِدٌ لِلْآخَرِ.

(وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ (مَوْتُ أَصْلٍ أَوْ عُذْرُهُ بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) كَمَرَضٍ يَشُقُّ بِهِ حُضُورُهُ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَخَوْفٍ مِنْ غَرِيمٍ فَتَعْبِيرِي بِعُذْرِ الْجُمُعَةِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ نَعَمْ اسْتَثْنَى الْإِمَامُ الْإِغْمَاءَ.

ــ

[حاشية الجمل]

لَكِنْ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الثَّانِي نَوْعُ وَهْنٍ إذْ الْأَصْلُ يَجِبُ فِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ، وَالْفَرْعُ لَا يَجِبُ فِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنْ يَسْمَعَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ الشَّارِحُ يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وُجُوبَ أَدَائِهَا عِنْدَهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ بِنَاؤُهُ عَلَى وُجُوبِ أَدَائِهَا بَلْ يَأْتِي عَلَى جَوَازِهِ أَيْضًا اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ يُبَيِّنُ سَبَبَهَا) أَيْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمُحْتَرَزِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ) أَيْ لِأَنَّ إسْنَادَهُ إلَى السَّبَبِ يَمْنَعُ احْتِمَالَ التَّسَاهُلِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ أَيْضًا اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا) أَيْ وَإِنْ قَالَ شَهَادَةٌ جَازِمَةٌ لَا تَرَدُّدَ فِيهَا اهـ اهـ س ل (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَسَاهَلُ) أَيْ الشَّاهِدُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ بِإِطْلَاقِهِ أَيْ إطْلَاقِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ لَمْ يُسْنَدْ لِلسَّبَبِ وَقَوْلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَحَمْلِهِ عَلَى الْإِعْطَاءِ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقَوْلُهُ أَوْ فَاسِدٍ كَأَنْ كَانَ غَرَضُهُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ عَلَى قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَحْجَمَ) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ عَلَى الْجِيمِ وَبِالْعَكْسِ أَيْ امْتَنَعَ مِنْ الشَّهَادَةِ اهـ ع ش أَيْ وَادَّعَى أَنَّهُ وَعْدٌ لَا شَهَادَةٌ اهـ شَيْخُنَا حُ ف (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ. . . إلَخْ) أَيْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَثَ بِالْأَصْلِ عَدَاوَةٌ. إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ اهـ ح ل وَبِذَلِكَ يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهَا لِفِسْقِ غَيْرِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: عَدَاوَةٌ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَهْجُمُ غَالِبًا دُفْعَةً) أَيْ لَا تَظْهَرُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ تَكَرُّرِهَا لِأَنَّ عَادَةَ اللَّهِ جَرَتْ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَى شَخْصٍ مَعْصِيَةٌ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ سَبَقَتْ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ خُفْيَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سَتَّارٌ فَيَسْتُرُ أَوَّلًا وَثَانِيًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْضَبُ فَيُظْهِرَهَا لِيَنْتَقِمَ مِنْ الْفَاعِلِ بِسَبَبِهَا اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ هَجَمَتْ عَلَيْهِ هُجُومًا مِنْ بَابِ قَعَدَ دَخَلَتْ بَغْتَةً عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُ وَهَجَمْته عَلَى الْقَوْمِ جَعَلْته يَهْجُمُ عَلَيْهِمْ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَتَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ) الِانْعِطَافُ هُوَ السَّرَيَانُ مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ لِلْمَاضِي، وَالِاسْتِصْحَابُ عَكْسُهُ فَإِذَا كَانَ التَّحَمُّلُ فِي شَهْرِ مُحَرَّمٍ ثُمَّ إنَّ الْأَصْلَ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْعَدَاوَةِ فِي رَبِيعٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ حِينَئِذٍ لِأَنَّ حُصُولَ الْعَدَاوَةِ مِنْ الْأَصْلِ فِي رَبِيعٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ عَدَاوَةٌ سَابِقَةٌ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِحَالَةِ التَّحَمُّلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفِسْقِ اهـ عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّتِي هِيَ سَنَةٌ لِيَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ) أَيْ مِنْ الْفَرْعِ أَيْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْفَرْعِ يَتَحَمَّلُ تَحَمُّلًا جَدِيدًا لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى الْأَصْلِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ.

(قَوْلُهُ: كَالْأَصْلِ) أَيْ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا وَأَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) بِأَنْ يَقُولَا نَشْهَدُ أَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا شَهِدَا بِكَذَا وَأَشْهَدُ أَنَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَوْ عُذْرُهُ بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) أَيْ مِنْ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ دُونَ مَا يَعُمُّهُمَا كَوَحْلٍ وَمَطَرٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ فِي الْوَحْلِ وَحَضَرَ لَا يُقْبَلُ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ أَعْذَارًا هُنَا لِأَنَّ جَمِيعَهَا يَقْتَضِي تَعَسُّرَ الْحُضُورِ قَالَا وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ فَإِنْ عَمَّتْ الْفَرْعَ أَيْضًا كَالْمَطَرِ، وَالْوَحْلِ لَمْ يُقْبَلْ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُهُ فَقَدْ يَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ لِنَحْوِ صَدَاقَةٍ دُونَ الْأَصْلِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ وَلَوْ مَنْذُورًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ انْتَهَتْ وَمِنْ الْأَعْذَارِ فِي الْجُمُعَةِ الرِّيحُ الْكَرِيهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ عُذْرٌ هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَظَرَ هُنَا زَوَالُهُ لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ اهـ س ل (قَوْلُهُ: بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ لِأَنَّ الْعُذْرَ ثَمَّ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ لِلتَّخْدِيرِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ لِمَا لَا يَخْفَى اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجُنُونٍ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>