للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ بِالْأَوَّلِ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَبِالثَّانِي يَتَأَخَّرُ نَوْمُهُ فَيَخَافُ فَوْتَ صَلَاةِ اللَّيْلِ إنْ كَانَ لَهُ صَلَاةُ لَيْلٍ أَوْ فَوْتَ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ الْحَدِيثُ الْمُبَاحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ أَمَّا الْمَكْرُوهُ ثَمَّ فَهُوَ هُنَا أَشَدُّ كَرَاهَةً (إلَّا فِي خَيْرٍ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَمُذَاكَرَةِ عِلْمٍ وَإِينَاسِ ضَيْفٍ وَمُحَادَثَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لِحَاجَةٍ كَمُلَاطَفَةٍ فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلَا يَتْرُكُ الْمَفْسَدَةَ مُتَوَهَّمَةً وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُنَا عَامَّةَ لَيْلِهِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ» .

(وَسُنَّ تَعْجِيلُ صَلَاةٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَالْحَدِيثِ يَجْرِي فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ الْعِشَاءُ بِذِكْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْمِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ الْحَدِيثُ قَبْلَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ بَاعِثٌ عَلَى تَرْكِهِ بِطَلَبِ الْفِعْلِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَحَدِيثٌ بَعْدَهَا) وَأَلْحَقَ بِالْحَدِيثِ نَحْوَ الْخِيَاطَةِ وَلَعَلَّهُ لِغَيْرِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَمِثْلُ الْخِيَاطَةِ الْكِتَابَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ لِلْقُرْآنِ أَوْ لِعِلْمٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ بِالْأَوَّلِ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا) بَلْ رُبَّمَا اسْتَمَرَّ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْكُلِّيَّةِ (فَرْعٌ)

نَامَ فِي الْوَقْتِ وَجَوَّزَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ اسْتِيقَاظِهِ حَرُمَ كَذَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الِاسْتِيقَاظُ فِي الْوَقْتِ حَرُمَ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ الْمَذْكُورَ يُجَامِعُ تَجْوِيزَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ الِاسْتِيقَاطَ فِي الْوَقْتِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ فَيَحْرُمُ فِي صُورَةِ الِاسْتِوَاءِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَكْرُوهُ ثَمَّ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ وَكَذَا الْحَرَامُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ يَكُونُ أَشَدَّ حُرْمَةً فِي هَذَا الْوَقْتِ كَقِرَاءَةِ سِيرَةِ الْبَطَّالِ؛ لِأَنَّ كَذِبَهَا مُحَقَّقٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا فِي خَيْرٍ) أَيْ وَإِلَّا الْمُسَافِرُ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي خَيْرٍ أَوْ لِحَاجَةِ السَّفَرِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِينَاسِ ضَيْفٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَأَمَّا الْفُسَّاقُ فَيَحْرُمُ إينَاسُهُمْ اهـ وَذَكَرَ حَجّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَيُوَجَّهُ قَوْلُهُمْ بِحُرْمَةِ إينَاسِهِمْ بِالْجُلُوسِ مَعَهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» يَشْمَلُ الْفَاسِقَ وَيَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ رَدْعًا وَزَجْرًا، وَقَدْ قَيَّدَ الْحَلَبِيُّ وَع ش عَلَى م ر سُنَّ إينَاسُ الضَّيْفِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ فَاسِقٍ أَمَّا هُوَ فَلَا يُسَنُّ إينَاسُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَانْظُرْ هَلْ إينَاسُهُ حَرَامٌ رَدْعًا وَزَجْرًا أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ عَدَمَ سَنِّ إينَاسِهِ صَادِقٌ بِذَلِكَ حَرِّرْ هَذَا وَفِي ع ش عَلَى م ر أَنَّ إينَاسَهُ لِكَوْنِهِ فَاسِقًا حَرَامٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يُلَاحِظْ فِي إينَاسِهِ شَيْئًا.

وَأَمَّا إينَاسُهُ لِكَوْنِهِ شَيْخَهُ أَوْ مُعَلِّمَهُ فَيَجُوزُ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: وَمُحَادَثَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ فَاسِقَةً اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) هُوَ أَبُو نُجَيْبٍ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْجِيمِ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيُّ الصَّحَابِيُّ أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزَوَاتٍ وَبَعَثَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الْبَصْرَةِ لِيُفَقِّهَ أَهْلَهَا وَتَوَلَّى الْقَضَاءَ بِهَا أَيَّامًا رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةً وَثَمَانِينَ حَدِيثًا وَرَوَى عَنْهُ أَبُو رَجَاءٍ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ) أَيْ عَنْ عُبَّادِهِمْ وَزُهَّادِهِمْ لِيَحْمِلَ ذَلِكَ الصَّحَابَةَ عَلَى التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِمْ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَعْجِيلُ صَلَاةٍ إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨] وَقَوْلُهُ {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَفِي آخِرِهِ عَفْوُ اللَّهِ» قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِضْوَانُ اللَّهِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُحْسِنِينَ وَالْعَفْوُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُقَصِّرِينَ اهـ ح ل وَيُنْدَبُ التَّعْجِيلُ فِي النَّفْلِ ذِي الْوَقْتِ أَوْ السَّبَبِ وَرُبَّمَا يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: تَعْجِيلُ صَلَاةٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ مَعْنَى التَّعْجِيلِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ تَقْدِيمُ الشَّيْءِ عَلَى وَقْتِهِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمُبَادَرَةُ اهـ شَيْخُنَا.

(تَنْبِيهٌ) فَرَّقَ ابْنُ الْقَيِّمِ بَيْنَ الْمُبَادَرَةِ وَالْعَجَلَةِ بِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ انْتِهَازُ الْفُرْصَةِ فِي وَقْتِهَا فَلَا يَتْرُكُهَا حَتَّى إذَا فَاتَتْ طَلَبَهَا فَهُوَ لَا يَطْلُبُ الْأُمُورَ فِي أَدْبَارِهَا وَلَا قَبْلَ وَقْتِهَا بَلْ إذَا حَضَرَ وَقْتُهَا بَادَرَ إلَيْهَا وَوَثَبَ عَلَيْهَا وَالْعَجَلَةُ طَلَبُ أَخْذِ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ اهـ مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَادِرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» إلَخْ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ هُنَا بِالتَّعْجِيلِ لِلْمُبَالَغَةِ وَهُوَ مَجَازٌ عَنْ الْمُبَادَرَةِ لَكِنَّهُ لِشِدَّتِهَا كَأَنَّهُ طَلَبَ الصَّلَاةَ قَبْلَ وَقْتِهَا أَوْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ الِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَذَلِكَ كَالطَّلَبِ لَهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَالْفُرْصَةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَفَارُصِ الْقَوْمِ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَوْبَةٌ فَيُقَالُ يَا فُلَانُ جَاءَتْ فُرْصَتُك أَيْ نَوْبَتُك وَوَقْتُك الَّذِي تَسْتَقِي فِيهِ فَيُسَارِعُ لَهُ وَانْتَهَزَ الْفُرْصَةَ أَيْ شَمَّرَ لَهَا مُبَادِرًا وَالْجَمْعُ فُرَصٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ اهـ وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ الْحِرْصُ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَفِعْلِهِمْ لِأَسْبَابِهَا عَادَةً وَبَعْدَهُ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ، وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>