للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» (أَرْكَانُهُ) ثَلَاثَةٌ (عَتِيقٌ وَصِيغَةٌ وَمُعْتَقٌ وَشُرِطَ فِيهِ مَا) مَرَّ (فِي وَاقِفٍ) مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَارًا أَهْلَ تَبَرُّعٍ (وَأَهْلِيَّةَ وَلَاءٍ) فَيَصِحُّ مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا لَا مِنْ مُكْرَهٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ أَوْ فَلْسٍ وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ وَمُكَاتَبٍ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَ) شُرِطَ (فِي الْعَتِيقِ

ــ

[حاشية الجمل]

يَشْتَرِي الْعَصَافِيرَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَيُرْسِلُهَا تُحْمَلُ إنْ صَحَّتْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ رَأْيٌ لَهُ وَبِقَيْدِ لَا إلَى مَالِكِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلَّهِ وَلِذَا يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَمَا بَعْدَهُ لِتَحْقِيقِ الْمَاهِيَّةِ لَا لِإِخْرَاجِ الْكَافِرِ لِصِحَّةِ إعْتَاقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً عَلَى أَنَّ قَصْدَ الْقُرْبَةِ يَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَهُ مَا قَصَدَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] صَدْرُ الْآيَةِ {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: ١١] أَيْ فَهَلَّا اقْتَحَمَ أَيْ الْإِنْسَانُ الْعَقَبَةَ جَاوَزَهَا وَمَا أَدْرَاك؟ أَعْلَمَك مَا الْعَقَبَةُ الَّتِي يَقْتَحِمُهَا؟ تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهَا وَالْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ وَبَيِّنَ سَبَبَ مُجَاوَزَتِهَا بِقَوْلِهِ فَكُّ رَقَبَةٍ مِنْ الرِّقِّ بِأَنْ أَعْتَقَهَا اهـ جَلَالٌ وَخَصَّ الرَّقَبَةَ بِالذِّكْرِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ كَالْحَبْلِ فِي الرَّقَبَةِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَهُ مِنْ الْحَبْلِ اهـ ز ي

(قَوْلُهُ «أَيُّمَا رَجُلٍ» ) أَيْ اسْمٌ مَوْصُولٌ مُبْتَدَأٌ وَمَا صِلَةٌ وَرَجُلٌ مُضَافٌ إلَيْهِ وَذِكْرُهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا لِلتَّخْصِيصِ وَجُمْلَةُ أَعْتَقَ إلَخْ فِي مَحَلِّ جَرِّ نَعْتٍ لِرَجُلٍ وَجُمْلَةُ اسْتَنْقَذَ إلَخْ فِي مَحَلِّ رَفْعِ، خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ اهـ ع ش وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَيْ اسْمُ شَرْطٍ جَازِمٍ مُبْتَدَأٌ وَمَا صِلَةٌ وَرَجُلٌ مُضَافٌ إلَيْهِ وَجُمْلَةُ أَعْتَقَ إلَخْ فِعْلُ الشَّرْطِ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ وَجُمْلَةُ اسْتَنْقَذَ إلَخْ جَوَابُ الشَّرْطِ فِي مَحَلِّ جَزْمِ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ جُمْلَةُ الشَّرْطِ أَوْ جُمْلَةُ الْجَوَابِ أَوْ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ إذَا كَانَ اسْمَ شَرْطٍ أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا وَإِعْرَابُ عِ ش مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ خُلُوُّ الْمَوْصُولِ عَلَيْهِ عَنْ الصِّلَةِ فَلَوْ أَعْرَبَ جُمْلَةَ أَعْتَقَ إلَخْ صِلَةً لَكَانَ أَوْلَى وَمَا يَرِدُ مِنْ أَنَّ الْجُمَلَ بَعْدَ النَّكِرَاتِ صِفَاتٌ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرْكِيبِ مَا هُوَ أَحْوَجُ إلَى الْجُمْلَةِ مِنْ النَّكِرَةِ وَالْمَوْصُولُ أَحْوَجُ إلَى الصِّلَةِ مِنْ النَّكِرَةِ إلَى الصِّفَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا التَّرْكِيبُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ يَجْرِي فِيهِ الْأَعَارِيبُ الَّتِي تَجْرِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّمَا أَمَةٍ إلَخْ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ تِسْعَةَ أَعَارِيبَ أَصْلُهَا الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْجَرُّ لِلْأَمَةِ وَسَيَأْتِي تَخْرِيجُ الرَّفْعِ عَلَى أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ وَالْجَرِّ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَالنَّصْبِ عَلَى وَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا) فِي الْمِصْبَاحِ عَتَقَ الْعَبْدُ عَتْقًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَتَاقًا وَعَتَاقَةً بِفَتْحِ الْأَوَائِلِ وَالْعِتْقُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْهُ فَهُوَ عَاتِقٌ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَعْتَقَهُ فَهُوَ مُعْتَقٌ عَلَى قِيَاسِ الْبَابِ وَلَا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ فَلَا يُقَالُ عَتَقْته وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَارِعِ لَا يُقَالُ: عُتِقَ الْعَبْدُ وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَلَا أَعْتَقَ هُوَ بِالْأَلِفِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ بَلْ الثُّلَاثِيُّ لَازِمٌ وَالرُّبَاعِيُّ مُتَعَدٍّ وَلَا يَجُوزُ عَبْدٌ مَعْتُوقٌ لِأَنَّ مَجِيءَ مَفْعُولٍ مِنْ أَفَعَلْت شَاذٌّ مَمْنُوعٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَتِيقٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَجَمْعُهُ عُتَقَاءُ مِثْلُ كُرَمَاءَ وَرُبَّمَا جَاءَ عِتَاقٌ مِثْلُ كِرَامٍ وَأَمَةٌ عَتِيقٌ أَيْضًا بِغَيْرِ هَاءٍ وَرُبَّمَا ثَبَتَتْ فَقِيلَ عَتِيقَةٌ وَجَمْعُهَا عَتَائِقُ اهـ

(قَوْلُهُ امْرَأً مُسْلِمًا) قُيِّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى بِإِزَالَةِ الرِّقِّ عَنْهُ لَكِنْ فِي التِّرْمِذِيِّ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا مُسْلِمًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ» وَقَالَ الْأُصُولِيُّونَ الشَّارِعُ إنَّمَا أَلْغَى اعْتِبَارَ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الْعِتْقِ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ لَا الْأُخْرَوِيَّةِ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ تَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ إلَخْ) وَلَوْ أَعْتَقَ جَمَاعَةٌ عَبْدًا مُشْتَرَكًا حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ هَذَا الثَّوَابُ الْمَخْصُوصُ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ «حَتَّى الْفَرْجُ بِالْفَرْجِ» ) نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ذَنْبَهُ أَقْبَحُ وَأَفْحَشُ اهـ ع ش أَوْ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ مِنْ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ وَهَذَا أَحْسَنُ وَالْأَوَّلُ مَنْقُوضٌ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْكُفْرُ مِنْ الْأَعْضَاءِ وَأَنَّ الْكُفْرَ أَفْحَشُ مِنْ الزِّنَا اهـ أَسْنَوِيٌّ اهـ ز ي.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ حَتَّى الْفَرْجُ بِالْفَرْجِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ هُنَا لِلْأَعْلَى وَالْأَدْنَى فَإِنَّ الْغَايَةَ تُسْتَعْمَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ الْأَدْنَى لِشَرَفِ أَعْضَاءِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ كَالْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ الْأَعْلَى فَإِنَّ حِفْظَهُ أَشَدُّ عَلَى النَّفْسِ قَالَهُ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ) نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِهِ السَّفِيهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ الْإِمَامُ قِنَّ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَا يَأْتِي أَوْ الْوَلِيُّ عَنْ الصَّبِيِّ فِي كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ رَاهِنٌ مُوسِرٌ مَرْهُونًا أَوْ وَارِثٌ مُوسِرٌ قِنُّ التَّرِكَةِ صَحَّ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِهِ السَّفِيهُ إلَخْ أَيْ أَوْ أَوْصَى الْمُبَعَّضُ بِعِتْقِ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَزُولُ عَنْهُ الرِّقُّ فَيَصِيرُ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَافِرٌ وَلَوْ حَرْبِيًّا) أَيْ وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقِهِ وَلَوْ مُسْلِمًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ لَا مِنْ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا إذَا كَانَ بِحَقٍّ كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَامْتَنَعَ مِنْهُ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>