للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّقِيقُ كَالتَّدْبِيرِ وَلِئَلَّا يَتَعَطَّلَ أَثَرُ الْمِلْكِ وَيَتَحَكَّمَ الْمَمَالِيكُ عَلَى الْمُلَّاكِ (بِطَلَبِ أَمِينٍ مُكْتَسِبٍ) أَيْ قَوِيٍّ عَلَى الْكَسْبِ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ وَاعْتُبِرَتْ الْأَمَانَةُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ فَلَا يُعْتَقُ وَالطَّلَبُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ لِيُوثِقَ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ (وَإِلَّا) بِأَنْ فُقِدَتْ الشُّرُوطُ أَوْ أَحَدُهَا (فَمُبَاحَةٌ) إذْ لَا يَقْوَى رَجَاءُ الْعِتْقِ بِهَا وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ لِأَنَّهَا عِنْدَ فَقْدِ مَا ذُكِرَ قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ (وَأَرْكَانُهَا) أَرْبَعَةٌ (رَقِيقٌ وَصِيغَةٌ وَعِوَضٌ وَسَيِّدٌ وَشُرِطَ فِيهِ مَا مَرَّ فِي مُعْتِقٍ) مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَارًا أَهْلَ تَبَرُّعٍ وَوَلَاءٍ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَآيِلَةٌ لِلْوَلَاءِ فَتَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وَسَكْرَانَ لَا مِنْ مُكْرَهٍ وَمُكَاتَبٍ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَأَوْلِيَائِهِمْ وَلَا مِنْ مَحْجُورِ فَلْسٍ وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ لِأَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ وَالْعُقُودُ لَا تُوقَفُ عَلَى الْجَدِيدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الرِّدَّةِ وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَذِكْرُ حُكْمِهِ مَعَ الْمُكْرَهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَكِتَابَةُ مَرِيضٍ) مَرَضَ الْمَوْتِ مَحْسُوبَةٌ (مِنْ الثُّلُثِ) وَإِنْ كَاتَبَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الجمل]

مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّقِيقُ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣] إلَخْ فَحُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ قَوِيَ عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ الَّذِي يَفِي بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ بِمَا تَضَمَّنَتَاهُ مِنْ الْأَمَانَةِ وَالْكَسْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُطْلَقُ الْخَيْرُ أَيْضًا عَلَى الْمَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨] وَعَلَى الْعَمَلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَضَمَّنَتَاهُ رَاجِعٌ لِلْكَلِمَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُ الْمَتْنِ أَمِينٌ مُكْتَسِبٌ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَبِهِمَا أَيْ الْكَسْبِ وَالْأَمَانَةِ (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ الْأَمَانَةُ إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ عِلَّةُ الْأَمَانَةِ وَاحِدَةً قَدَّمَهَا عَلَى عِلَّةِ الطَّلَبِ وَالْكَسْبِ لِاشْتِرَاكِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا فَكَانَ الْأَوَّلُ كَالْمُفْرَدِ وَالثَّانِي كَالْمُرَكَّبِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لِتَرْكِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ عَلَى الطَّاعَةِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُرْجَى عِتْقُهُ بِالْكِتَابَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ فَالْإِبَاحَةُ وَالنَّدْبُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَتْ الشُّرُوطُ أَوْ أَحَدُهَا) مِنْهَا الطَّلَبُ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا عِنْدَ عَدَمِ الطَّلَبِ مُبَاحَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ حَتَّى عِنْدَ عَدَمِ الطَّلَبِ وَيَتَأَكَّدُ بِهِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَضِيعُ كَسْبُهُ فِي الْفِسْقِ كُرِهَتْ مُكَاتَبَتُهُ قَالَ وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى التَّحْرِيمِ حَيْثُ كَانَتْ تُمَكِّنُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ وَاضِحٌ مُعْتَمَدٌ اهـ ح ل وَقَدْ تَجِبُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ إذَا تَوَقَّفَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى كِتَابَتِهِ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحُ م ر وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ وَإِنْ انْتَفَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ وَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ إذَا عُلِمَ مَنْ أَخَذَهُمَا صَرَفَهُمَا فِي مُحَرَّمٍ وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْهَا وَقَدْ طَلَبَهَا سَيِّدُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ وَسَيِّدٌ) أَيْ وَلَوْ بِنَائِبِهِ فَعَقْدُ الْكِتَابَةِ يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَمَا فِي سم وَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَاتَبَاهُ مَعًا صَحَّ حَيْثُ قَالَ بِنَفْسِهِمَا أَوْ نَائِبِهِمَا وَهَذَا بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهِ صَرِيحٌ مَقْصُودٌ وَالتَّعْلِيقَ فِي الْكِتَابَةِ ضِمْنِيٌّ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِلْإِيجَابِ فِيهَا أَمَّا الْقَبُولُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ فِيهِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِقَبُولِ وَكِيلِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْقَبُولِ انْتَهَتْ.

وَفِي سم قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ قَبُولُ الْكِتَابَةِ لِلنِّيَابَةِ وَلَا يُقَالُ فِيهَا تَعْلِيقٌ وَهُوَ لَا يَقْبَلُهَا لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ التَّعْلِيقُ مَقْصُودًا مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَقْصُودِهَا وَمَآلِهَا اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَهْلُ تَبَرُّعٍ وَقَوْلُهُ وَآيِلَةٌ لِلْوَلَاءِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَوَلَاءٌ (قَوْلُهُ لَا مِنْ مُكْرَهٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْ الْمُكْرَهِ مَا لَمْ يَنْذُرْ كِتَابَتَهُ فَإِنْ نَذَرَهَا فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالْفِعْلِ مَعَ الِاخْتِيَارِ ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ مَثَلًا وَأَخَّرَ الْكِتَابَةَ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَانٌ قَلِيلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَقْتًا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا وَلَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ لِلْعَبْدِ عَصَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَ الْكِتَابَةَ فِيهِ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ. اهـ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ وَالْعُقُودُ لَا تُوقَفُ) أَيْ الْعُقُودُ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّصَالُ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ. اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَكِتَابَةُ مَرِيضٍ مِنْ الثُّلُثِ) الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْمُكَاتَبُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مَحْسُوبَةً مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ إنَّمَا هُوَ الْمُكَاتَبُ لَا الْعَقْدُ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَمُتَعَلِّقُ كِتَابَةٍ إلَخْ أَوْ يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ مَحْسُوبَةً أَيْ مَحْسُوبٌ مُتَعَلِّقُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَاتَبَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ النُّجُومُ مِثْلَ قِيمَتِهِ إلَخْ وَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا وَقْتَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّيِّدَ يُضَيِّعُهَا فِي مَصَالِحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>