الْمُكَاتَبُ كَإِبْرَاءٍ لَهُ وَأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنْهُ مُتَبَرِّعًا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْإِبْرَاءِ (و) فِي أَنَّ كِتَابَتَهُ (تَبْطُلُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) قَبْلَ الْأَدَاءِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ إلَى وَارِثِي بَعْدَ مَوْتِي لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِهِ (و) فِي أَنَّهُ (تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ و) فِي أَنَّهُ (لَا يُصْرَفُ لَهُ سَهْمُ الْمُكَاتَبِينَ) وَفِي صِحَّةِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَتَمْلِيكِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ وَجَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ. وَكُلٌّ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَكِنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ.
(وَتُخَالِفُهُمَا) أَيْ تُخَالِفُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ وَالتَّعْلِيقَ (فِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ فَسْخَهَا) بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ إذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ الْعِوَضُ كَمَا سَيَأْتِي فَكَانَ لَهُ فَسْخُهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ حَتَّى لَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمُسَمَّى بَعْدَ فَسْخِهَا لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا فَهُوَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ فَارْتَفَعَ وَقَيَّدَ الْفَسْخَ بِالسَّيِّدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ هُوَ الَّذِي خَالَفَتْ فِيهِ الْفَاسِدَةُ كُلًّا مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالتَّعْلِيقِ بِخِلَافِهِ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًا عَلَى اضْطِرَابٍ وَقَعَ لِلرَّافِعِ وَلَا يَأْتِي فِي التَّعْلِيقِ وَإِنْ كَانَ فَسْخُ السَّيِّدِ كَذَلِكَ.
(و) فِي (أَنَّهَا تَبْطُلُ بِنَحْوِ إغْمَاءِ السَّيِّدِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْخَطَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ لَا لِلسَّيِّدِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّعْلِيقِ لَا يَبْطُلَانِ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِالسَّيِّدِ الْمُكَاتَبُ
ــ
[حاشية الجمل]
مُكَاتَبَهُ لِحَاجَةٍ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اهـ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْفَاسِدَةَ كَذَلِكَ بَلْ قَدْ يُقَالُ بَلْ أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَا بِخِلَافِ فُطْرَتِهِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ انْتَهَتْ أَيْ فَلَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا عَلَيْهِ هُوَ
(قَوْلُهُ كَإِبْرَاءٍ لَهُ وَأَدَاءِ غَيْرِهِ إلَخْ) وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي الصَّحِيحَةِ لِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا الْمُعَاوَضَةَ وَالْأَدَاءَ وَالْإِبْرَاءَ فِيهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ اهـ شَرْحَ م ر (قَوْلُهُ مُتَبَرِّعًا) أَيْ أَوْ بِوَكَالَتِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِحُضُورِهِ. اهـ ح ل أَيْ أَوْ بِقَرْضٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِنَّ كِتَابَتَهُ تَبْطُلُ إلَخْ) وَإِنَّمَا بَطَلَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ. اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ إلَى وَارِثِي) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي بِأَنْ يَقُولَ إنْ أَدَّيْت إلَى وَارِثِي بَعْدَ مَوْتِي وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّارِحَ كَانَ جَرَى عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لِلتَّعْمِيمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْعَجْزِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ فِيهَا إلَّا إنْ قَيَّدَهُ بِالْعَجْزِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَفِي أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لَهُ سَهْمُ الْمُكَاتَبِينَ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ كِتَابَتِهِ وَدَفَعَهُ لِلسَّيِّدِ ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَهَا اسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَفِي صِحَّةِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ وَفِي أَنَّهُ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ وَتَمْلِيكِهِ؟ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَمْلِيكِهِ) مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ أَيْ وَفِي تَمْلِيكِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ الْمُكَاتَبَ لِلْغَيْرِ فَهُوَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَمَنْعِهِ كَذَلِكَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ فِي مَنْعِ السَّيِّدِ إيَّاهُ مِنْ السَّفَرِ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَمَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِلَا إذْنٍ مَا لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَجَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى السَّفَرِ فَيَكُونُ الْمَنْعُ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ لِيُوَافِقَ الْمَنْقُولَ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً حَرَامٌ لَكِنْ يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ إذْ لَا يُقَالُ مَنَعَ مِنْ الْجَوَازِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ وَمِنْ وَطْئِهِ الْجَائِزِ لَوْلَا الْكِتَابَةُ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا تَسْتَقِيمُ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ الْفَاسِدَةَ كَالتَّعْلِيقِ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ فِي الْمُعَلَّقَةِ فَالصَّوَابُ فِي فَهْمِ الْعِبَارَةِ بِنَاؤُهَا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ جَوَازُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَنْعِهِ فَالتَّقْدِيرُ وَكَالتَّعْلِيقِ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ سم وَجَوَازُ وَطْءِ الْأَمَةِ أَيْ وَطْءِ السَّيِّدِ الْأَمَةَ الْمُكَاتَبَةَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَطْءَ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً أَمَتَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ حَتَّى فِي الصَّحِيحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ سم (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَكَالتَّعْلِيقِ لِأَنَّهُمَا مُتَعَلِّقَانِ بِالْكَلَامِ عَلَى الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْهَا الْحَجُّ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَلَا يَمْضِي فِيهِ وَيَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ وَيَمْضِي فِيهِ وَأَتَى بِمِنْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَتَصَوَّرُ الْفَرْقَ فِي كُلِّ عَقْدٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهُمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُتَّهِبِ وَجَبَ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُمَا لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ وَالْعَارِيَّةُ وَصُورَتُهَا إعَارَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِغَيْرِ الزِّينَةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا بَاطِلَةٌ لَا ضَمَانَ وَإِنْ قُلْنَا فَاسِدَةٌ تَكُونُ مَضْمُونَةً لِقَاعِدَةِ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ وَالْخُلْعُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ بَاطِلَهُ لَا عِوَضَ فِيهِ بَلْ تَارَةً يَقَعُ رَجْعِيًّا وَتَارَةً لَا يَقَعُ أَصْلًا وَالْفَاسِدُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَتُخَالِفُهُمَا فِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ فَسْخَهَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تُخَالِفُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي نَحْوِ مِائَةِ مَوْضِعٍ أَوْ أَكْثَرَ وَذَكَرَهَا عَلَى تَرْتِيبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ ثُمَّ سَرَدَهَا فِي تَتِمَّةِ التَّدْرِيبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ) مَحَلُّ مُخَالَفَتِهَا لِلتَّعْلِيقِ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِهِمَا وَإِلَّا فَالتَّعْلِيقُ يَصِحُّ فَسْخُهُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ وَأَمَّا مُخَالَفَتُهَا لِلصَّحِيحَةِ فَبِالنَّظَرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إذْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ الصَّحِيحَةِ بِفِعْلٍ وَلَا قَوْلٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ بِالْقَوْلِ) وَلَا يُشْكِلُ بِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا التَّعْلِيقَ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فَسْخُ السَّيِّدِ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَأْتِي فِي التَّعْلِيقِ لَكِنَّ مَحِلَّهُ إنْ كَانَ بِالْقَوْلِ وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ فَسْخَ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ كَالْبَيْعِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَطَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ لَا لِلسَّيِّدِ كَمَا مَرَّ) أَيْ فَهِيَ تَبَرُّعٌ مِنْ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّفِيهِ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ اهـ ح ل أَيْ فَتَعْلِيلُ الشَّارِحِ