كَخِيَاطَةٍ وَصَوْتِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ سَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى وَلَهُ كَالْبَصِيرِ الْعَاجِزِ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ لِعَجْزِهِ فِي الْجُمْلَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي الْغَيْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا فِي الْوَقْتِ أَمَّا فِي الصَّحْوِ فَكَالْمُخْبَرِ عَنْ عِلْمٍ
(، فَإِنْ عَلِمَ) أَنَّ (صَلَاتَهُ) بِالِاجْتِهَادِ وَقَعَتْ (قَبْلَ وَقْتِهَا) وَعَلِمَ بِذَلِكَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (أَعَادَ) وُجُوبًا، فَإِنْ عَلِمَ وُقُوعَهَا فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْوِرْدُ مَا كَانَ بِنَحْوِ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَفْظُ نَحْوِ قَبْلُ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَهُ مِنْ الْوَرْدِ وَكَلَامِ الشَّارِحِ يُشِيرُ إلَى رَدِّهِ؛ لِأَنَّ الْوِرْدَ مَا كَانَ بِنَحْوِ ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ وَنَحْوِهِ مَا كَانَ بِنَحْوِ صِنَاعَةٍ وَمِنْهُ سَمَاعُ صَوْتِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ وَسَمَاعُ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ وَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ آذَانَهُ أَوْ خَبَرَهُ عَنْ عِلْمٍ وَسَمَاعِ آذَانِ ثِقَةٍ عَارِفٍ فِي الْغَيْمِ لَكِنَّ لَهُ فِي هَذِهِ تَقْلِيدَهُ اهـ (قَوْلُهُ: كَخِيَاطَةٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي الْخِيَاطَةِ الَّتِي فَعَلَهَا هَلْ أَسْرَعَ فِيهَا عَادَتَهُ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ وَصَوْتِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ أَيْ بِأَنْ يَتَأَمَّلَ هَلْ آذَانُهُ قَبْلَ عَادَتِهِ أَمْ لَا.
(فَائِدَةٌ) قَدْ اشْتَهَرَ أَنَّ الدِّيكَ يُؤَذِّنُ عِنْدَ آذَانِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَأَنَّهُ يَقُولُ فِي صِيَاحِهِ يَا غَافِلُونَ اُذْكُرُوا اللَّهَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مُجَرَّبٍ) أَيْ جُرِّبَتْ إصَابَتُهُ لِلْوَقْتِ اهـ ح ل أَيْ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ تَخَلُّفِهِ وَيَنْبَغِي ضَبْطُهُ كَمَا فِي جَارِحَةِ الصَّيْدِ، وَقَدْ نُقِلَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فَلْيُرَاجَعْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ كَالْبَصِيرِ الْعَاجِزِ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ الْأَعْمَى يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدَ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ لَا بُدَّ مِنْ عَجْزِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِذَا نَظَرْت إلَى هَذَا مَعَ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّمْلِيِّ السَّابِقِ عَلِمْت أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِي حَقِّ الْأَعْمَى إلَّا فِي الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ فَقَطْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَرَاتِبَ الْوَقْتِ ثَلَاثَةٌ الْعِلْمُ بِالنَّفْسِ وَإِخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ وَالْمُؤَذِّنُ الْعَارِفُ فِي الصَّحْوِ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهَا وَكَذَلِكَ الْمِزْوَلَةُ الصَّحِيحَةُ وَالسَّاعَةُ الصَّحِيحَةُ وَالْمَنَاكِبُ الصَّحِيحَةُ فَهَذِهِ كُلُّهَا فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الِاجْتِهَادُ وَالْمُؤَذِّنُ الْعَارِفُ فِي الْغَيْمِ وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ وَكَوْنُهَا ثَلَاثَةً فِي الْمُجْمَلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الرَّمْلِيِّ اجْتَهَدَ جَوَازًا إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي الْغَيْمِ) قَدْ يُقَالُ هُوَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ يَجْتَهِدُ فَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى تَقْلِيدٌ لِلْمُجْتَهِدِ وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ إلَّا لِعَاجِزٍ كَأَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ عَلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ الْمُجْتَهِدِ، وَقَدْ يَكُونُ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرٍ قَوِيٍّ كَانْكِشَافِ سَحَابَةٍ لَهُ فَيَكُونُ أَبْعَدَ عَنْ الْخَطَأِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ رُتْبَةٌ بَيْنَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَالْمُجْتَهِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ آذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ امْتَنَعَ تَقْلِيدُهُ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: الثِّقَةِ) خَرَجَ الْفَاسِقُ وَمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ وَلَوْ مَسْتُورًا وَالصَّبِيُّ وَلَوْ مَأْمُونًا عَارِفًا وَفِي صَحْوٍ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ صِحَّةِ قَبُولِ قَوْلِ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ كَرُؤْيَةِ النَّجَاسَةِ وَدَلَالَةِ الْأَعْمَى عَلَى قِبْلَةٍ وَخُلُوِّ الْمَوْضِعِ عَنْ الْمَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا لَا فِيمَا طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ كَالْإِفْتَاءِ لَمْ يَعْتَمِدْهُ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَكَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ آذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَهُ وَلِلْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ الْعَمَلُ بِمَعْرِفَتِهِمَا وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا تَقْلِيدُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا وَالْأَوَّلُ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ وَالثَّانِي مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْفَجْرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِمَا اهـ ح ل بِخِلَافِ الْمِيقَاتِيِّ، فَإِنَّهُ يُقَلَّدُ وَكَذَا الْمُؤَذِّنُ بِإِخْبَارِ الْمِيقَاتِيِّ يُقَلَّدُ أَيْضًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ الْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ جَازَ تَقْلِيدُهُمَا قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ع ش عَلَى م ر اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ صَلَاتَهُ قَبْلَ وَقْتِهَا) أَيْ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ وَمِثْلُ الْعِلْمِ إخْبَارُ عَدْلٍ لَهُ بِهِ عَنْ عِلْمٍ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَعَادَ وُجُوبًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فِيمَا إذَا عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ وَعَلَى الْأَظْهَرِ فِيمَا إذَا عَلِمَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يُعِيدُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي ظَنِّهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْ ظَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوَقْتِ هَلْ صَلَّى أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ لَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ التَّنَاقُضِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ شَكَّ فِي الْفِعْلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالثَّانِي شَكَّ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا وَلَوْ قَضَى صَلَاةً شَكَّ فِيهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ مَا فَعَلَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَفِيهِ بَحْثٌ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ الْحَالُ لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ، وَإِذَا شَكَّ فِي مِقْدَارِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَضَى مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ فِعْلَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ يَقْضِي مَا تَيَقَّنَ تَرْكَهُ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ. وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يُصَلِّي تَارَةً وَيَتْرُكُ أُخْرَى وَلَا يُعِيدُ فَهُوَ كَقَوْلِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ نَادِرًا فَهُوَ كَمُقَابِلِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute