يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ رَفْعَهُ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَسَبَبُ عِتْقِهَا بِمَوْتِهِ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «رَبَّهَا» أَيْ سَيِّدَهَا فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ لَوْ (حَبِلَتْ مِنْ حُرٍّ)
ــ
[حاشية الجمل]
بِالْحَيَاةِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى مَا فِي الْأَوَّلِ وَزِيَادَةً لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَرْفُوعٌ اتِّفَاقًا وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا) خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَاذَا يَفْعَلُ بِهَا السَّيِّدُ اهـ شَيْخُنَا وَأَفْرَدَ فِي هَذَا وَجَمَعَ فِيمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ اهـ ح ل
وَقِيلَ إشَارَةً إلَى جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ فِي ضَمِيرِ الْجَمِيعِ لَكِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْكَثْرَةَ فَالْإِفْرَادُ أَوْلَى كَمَا هُنَا وَإِلَّا فَالْمُطَابَقَةُ اهـ ع ش وَلَمَّا كَانَ الْفِعْلُ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَهُوَ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ لَا يَعُمُّ فَيَصْدُقُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ نَصَّ عَلَى التَّعْمِيمِ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ مَادَامَ حَيًّا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا) أَيْ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهَا فَيَسْرِي الْعِتْقُ مِنْهُ إلَيْهَا اهـ شَيْخُنَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَسَبَبُ عِتْقِهَا بِمَوْتِهِ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا أَيْ وَالْوَلَدُ حُرٌّ فَاسْتَتْبَعَ الْبَاقِي كَمَا قَالَهُ م ر وَقَالَ غَيْرُهُ فَسَرَى إلَيْهَا وَاعْتُرِضَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ وَالثَّانِي بِأَنَّ السِّرَايَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَشْقَاصِ لَا فِي الْأَشْخَاصِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْحَمْلُ جُزْءًا مِنْهَا صَارَ شِقْصًا لَا شَخْصًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا) إنَّمَا كَانَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْفُتُوحَاتِ وَكَثْرَةِ الْجَوَارِي بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ
وَقِيلَ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ يَطَأُ أَمَتَهُ فَتَحْبَلُ مِنْهُ وَتَلِدُ ثُمَّ يَبِيعُهَا رَغْبَةً فِي ثَمَنِهَا فَإِذَا كَبِرَ وَلَدُهَا اشْتَرَاهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهَا أُمُّهُ فَيَصْدُقُ أَنَّهَا وَلَدَتْ سَيِّدَهَا الْمَالِكَ لَهَا صُورَةً اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ حَدِيثِ الْأَرْبَعِينَ مَعَ شَرْحِ ابْنِ حَجَرٍ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ أَشْرَاطِهَا وَعَلَامَاتِهَا الدَّالَّةِ عَلَى اقْتِرَابِهَا وَرُبَّمَا رَوَى أَمَارَاتِهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ أَيْ الْقِنَّةُ وَأَلْ فِيهَا لِلْمَاهِيَّةِ دُونَ الِاسْتِغْرَاقِ لِعَدَمِ اطِّرَادِ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ رَبَّتَهَا أَيْ سَيِّدَتَهَا وَفِي رِوَايَةٍ رَبَّهَا أَيْ سَيِّدَهَا وَفِي أُخْرَى بَعْلَهَا بِمَعْنَى رَبَّهَا وَهَذَا كِنَايَةٌ إمَّا عَنْ كَثْرَةِ السَّرَارِي اللَّازِمَةِ لِاسْتِيلَائِنَا عَلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ حَتَّى تَلِدَ السُّرِّيَّةُ بِنْتًا أَوْ ابْنًا لِسَيِّدِهَا فَيَكُونُ وَلَدُهَا سَيِّدَهَا كَأَبِيهِ فَالْعَلَامَةُ اسْتِيلَاؤُنَا عَلَى بِلَادِهِمْ وَكَثْرَةُ الْفُتُوحِ وَالتَّسَرِّي أَوْ عَنْ كَثْرَةِ بَيْعِ الْمُسْتَوْلَدَاتِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ حَتَّى تَشْتَرِيَ الْمَرْأَةُ أُمَّهَا وَتَسْتَرِقَّهَا جَاهِلَةً أَنَّهَا أُمُّهَا فَالْعَلَامَةُ غَلَبَةُ الْجَهْلِ النَّاشِئِ عَنْهَا بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إجْمَاعًا عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ وَيُتَصَوَّرُ هَذَا فِي غَيْرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِأَنْ تَلِدَ حُرًّا بِشُبْهَةٍ أَوْ قِنًّا بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ يُعْتَقُ ثُمَّ تُبَاعُ بَيْعًا صَحِيحًا وَتَدُورُ فِي الْأَيْدِي حَتَّى يَشْتَرِيَهَا وَلَدُهَا وَهَذَا أَكْثَرُ وَأَعَمُّ مِنْ تَقْدِيرِهِ أَيْ فَرْضِهِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَوْ عَنْ كَوْنِ الْإِمَاءِ يَلِدْنَ الْمُلُوكَ فَتَكُونُ أُمُّ الْمَلِكِ مِنْ جُمْلَةِ رَعِيَّتِهِ وَهُوَ سَيِّدُهَا وَسَيِّدُ غَيْرِهَا مِنْ رَعِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ رَبَّهَا لَا «رَبَّتَهَا» لِنُدْرَةِ كَوْنِ الْأُنْثَى مَلِكَةً أَوْ عَنْ كَثْرَةِ عُقُوقِ الْأَوْلَادِ لِأُمَّهَاتِهِمْ فَيُعَامِلُونَهُنَّ مُعَامَلَةَ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ مِنْ الْإِهَانَةِ وَالسَّبِّ وَيَسْتَأْنِسُ لَهُ بِرِوَايَةِ أَنْ تَلِدَ الْمَرْأَةُ وَخَبَرِ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ غَيْظًا» أَوْ عَنْ كَثْرَةٍ بَيْعِ السَّرَارِي حَتَّى يَتَزَوَّجَ الْإِنْسَانُ أُمَّهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي بِنَاءً عَلَى رِوَايَةِ بَعْلَهَا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ زَوْجُهَا وَلَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ بِمَنْعِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَلَا لِجَوَازِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ عَلَامَةً لِلسَّاعَةِ حُرْمَتُهُ وَلَا ذَمُّهُ لِمَا يَأْتِي فِي التَّطَاوُلِ فِي الْبُنْيَانِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ فَأَقَامَ الْوَلَدَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذِهِ الضَّمِيمَةِ إذْ الدَّلِيلُ عَلَى حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ حَصَلَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا فَسَمَّاهُ رَبًّا وَالرَّبُّ الْمَالِكُ وَلَا يَمْلِكُ إلَّا الْأَحْرَارُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَأَبُوهُ حُرٌّ قَدْ يَمْنَعُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قِنًّا وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَنْتِج الدَّلِيلَ الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا كَمَا لَا يَخْفَى اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى حُرِّيَّتِهِ. اهـ (قَوْلُهُ لَوْ حَبِلَتْ إلَخْ) لَوْ هُنَا لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ عَلَى الْقَلِيلِ بِمَعْنَى إنْ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ حَرْفَ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ عَلَى الْكَثِيرِ بَلْ هُوَ أَبْلَغُ فِي إفَادَةِ سَبَبِيَّةِ الْحَبَلِ لِلْعِتْقِ وَآثَرَ الْحَبَلَ عَلَى الْحَمْلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ خَاصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ وَالثَّانِي يَعُمُّهُنَّ وَالْبَهَائِمَ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ انْتَهَتْ قَالَ حَجّ آثَرَ إذَا عَلَى إنْ لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْمَشْكُوكِ وَالْمَوْهُومِ وَالنَّادِرِ بِخِلَافِ إذَا فَإِنَّهَا لِلْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ وَلَا شَكَّ أَنَّ إحْبَالَ الْإِمَاءِ كَثِيرٌ مَظْنُونٌ بَلْ مُتَيَقَّنٌ وَنَظِيرُهُ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا} [المائدة: ٦] خَصَّ الْوُضُوءَ بِإِذَا لِتَكَرُّرِهِ وَكَثْرَةِ أَسْبَابِهِ وَالْجَنَابَةَ بِإِنْ لِنُدْرَتِهَا وَلِكَثْرَةِ اللَّهْوِ عَنْ الْمَوْتِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ مَنْسِيٌّ مَشْكُوكٌ فِيهِ أَتَى بِإِنْ مَعَهُ فِي نَحْوِ {وَلَئِنْ مُتُّمْ} [آل عمران: ١٥٨] وَأَتَى بِإِذَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute