لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ فِي لَبْسٍ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَهْرِ مُطْلَقًا وَاشْتِرَاطُ التَّرْتِيبِ وَالْوَلَاءِ فِي الْإِقَامَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَدُخُولُ وَقْتٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِلْإِعْلَامِ بِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ (إلَّا أَذَانَ صُبْحٍ فَمِنْ نِصْفِ لَيْلٍ) يَصِحُّ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»
(وَ) شُرِطَ (فِي مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ إسْلَامٌ
ــ
[حاشية الجمل]
بَعْضَ الْكَلِمَةِ وَغَيْرُهُ بَاقِيَهَا وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ طُرُوُّ ذَلِكَ يُبْطِلُ خُصُوصَ الْأَذَانِ وَيَنْبَغِي كَوْنُهُ ذِكْرًا فَلَا يَحْرُمُ لَكِنَّ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِكَوْنِهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً خِلَافُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ فِي لَبْسٍ) أَيْ لَبْسِ الْأَذَانِ بِغَيْرِهِ فَلَا يُدْرَى أَهُوَ ذِكْرٌ مَحْضٌ أَمْ أَذَانٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَدُخُولُ وَقْتٍ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اُعْتُدَّ بِأَذَانِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَم اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ لِلْجُمُعَةِ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُطْبَةِ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ أَشْبَهَتْ الصَّلَاةَ وَقِيلَ: إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَدُخُولُ وَقْتٍ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا فَتَقْيِيدُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ نَعَمْ تَبْطُلُ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُصَلِّي فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِنِيَّتِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ) أَيْ وَيَكُونُ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ وَهُوَ صَغِيرَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَالَغَ الْعَلَّامَةِ م ر فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ كَبِيرَةٌ نَعَمْ إنْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ ثُمَّ لَا هُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَتُشْكِلُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْأَذَانِ لِنَحْوِ الْمَنْذُورَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَمَّا حَرُمَ إيقَاعُ الصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا بِأَنَّهُ لَمَّا طُلِبَ فِي وَقْتِهَا لَهَا كَانَ الْإِتْيَانُ بِهِ قَبْلَهُ كَالْإِتْيَانِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ الْمَنْذُورَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَذَانَ صُبْحٍ فَمِنْ نِصْفِ لَيْلٍ) أَيْ شِتَاءً وَصَيْفًا وَالْأَوْلَى كَوْنُ الْأَذَانِ فِي الشِّتَاءِ فِي نِصْفِ سُبْعِ اللَّيْلِ وَفِي الصَّيْفِ فِي سُبْعِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ أَنَّهُ إعْلَامٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَالْأَذَانُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَيْسَ إعْلَامًا بِالْوَقْتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِعْلَامَ بِالْوَقْتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إعْلَامًا بِأَنَّهُ دَخَلَ أَوْ قَارَبَ أَنْ يَدْخُلَ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الصُّبْحُ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا مَرْغُوبٌ فِيهَا وَالصُّبْحُ غَالِبًا عَقِبَ نَوْمٍ فَنَاسَبَ أَنْ يُوقِظَ النَّاسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَأَهَّبُوا وَيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِنِيَّتِهِ حَرُمَ أَنْ يُقَالَ هُنَا بِالتَّحْرِيمِ حَيْثُ أَذَّنَ بِنِيَّتِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ دَخَلَ نِصْفُ اللَّيْلِ وَأَذَّنَ لِلصُّبْحِ وَكَانَ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي هَذَا الْأَذَانُ لِلْعِشَاءِ وَهَلْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَذَانِ الْمَوْلُودِ وَنَحْوه، فَإِذَا أَتَى بِهِ الشَّخْصُ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا عَقِبَهُ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ أَذَانٌ آخَرُ أَوَّلًا وَأَقُولُ هَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَغْسَالٌ مَسْنُونَةٌ وَاغْتَسَلَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَكْفِي وَأَيْضًا الْأَذَانُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ) وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِالْأَذَانِ أَنَّهُ لَمَّا عُذِّبَ لِيَرْجِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ صَارَ يَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ فَجُوزِيَ بِوِلَايَةِ الْأَذَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ، قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَذَانَ الصُّبْحِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَزْيَدَ مِنْ كَوْنِهِ بِلَيْلٍ وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَتَوَقَّفَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ) وَكَانَ مَعَهُ بِلَالٌ يُعْلِمُهُ بِالْوَقْتِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ أَذَانَ الْأَعْمَى وَحْدَهُ مَكْرُوهٌ اهـ شَيْخُنَا وَكَانَ اسْمُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عُمَرَ وَقِيلَ الْحُصَيْنُ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ وَعَمِيَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاسْمُ أَبِيهِ قَيْسُ بْنُ زَائِدَةَ وَاسْمُ أُمِّهِ عَاتِكَةُ اهـ ق ل وَقَوْلُهُ وَعَمِيَ بَعْدَ بَدْرٍ إلَخْ كَلَامٌ سَاقِطٌ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ الصَّرِيحَ فِي أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى قَبْلَ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّ سُورَةَ عَبَسَ مَكِّيَّةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفَاسِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ إسْلَامٌ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُنَصِّبْهُ حَاكِمٌ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا أَمِينًا عَارِفًا بِالْوَقْتِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ مُوَقِّتٍ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ نَصْبُهُ، وَإِنْ صَحَّ أَذَانُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ، وَأَمَّا قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ مَنْ صَحَّ أَذَانُهُ صَحَّ نَصْبُهُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْإِمَامِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي عَنْهُ فِي نَصْبِ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute