الصَّوْتِ قَبْلَ إعَادَتِهِمَا بِرَفْعِهِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لِلثَّانِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَهُمَا وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ رَجَعَ إلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُ أَوْ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا (وَتَثْوِيبٌ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَّعَ (فِي) أَذَانَيْ (صُبْحٍ) لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ وَخَرَجَ بِالصُّبْحِ مَا عَدَاهَا فَيُكْرَهُ فِيهِ التَّثْوِيبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَقِيَامٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى عَالٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ وَوَضَعَ مُسَبِّحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ
ــ
[حاشية الجمل]
الصَّوْتِ) الْمُرَادُ بِخَفْضِهِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ بِقُرْبِهِ أَوْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ وَاقِفًا عَلَيْهِمْ وَالْمَسْجِدُ مُتَوَسِّطُ الْخُطَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذُكِرَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْإِسْرَارِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْجَهْرِ اهـ شَرْحُ م ر، وَإِذَا عَلِمْت الْمُرَادَ بِالسِّرِّ سَقَطَ مَا أَوْرَدَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الضَّعِيفَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَهْرِ أَوْ لِمَجْمُوعِ السِّرِّ وَالْجَهْرِ وَحَاصِلُ الْإِيرَادُ أَنَّ التَّرْجِيعَ سُنَّةٌ فِي الْأَذَانِ لَا مِنْهُ وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْجَهْرَ لَمْ يَبْطُلْ الْأَذَانُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الْتِزَامُ أَنَّهُ لَوْ أُسْقِطَ الْجَهْرُ لَمْ يَبْطُلْ الْأَذَانُ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ كَافٍ فِي صِحَّةِ الْأَذَانِ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْمُرَادِ بِالسِّرِّ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلتَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَةُ الْأَوَّلِ بِهِ مَجَازٌ مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ إذْ هُوَ سَبَبُ الرُّجُوعِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَثْوِيبٌ) بِيَاءٍ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ تَثُوب بِإِسْقَاطِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَابَ إذَا رَجَّعَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ فَدَعَا إلَيْهَا بِذَلِكَ وَأَصْلُهُ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مُسْتَصْرِخًا يُلَوِّحُ بِثَوْبٍ لِيُرَى فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ احْتِمَالٌ بِرُكْنِيَّتِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَخَصَّ التَّثْوِيبَ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنْ التَّكَاسُلِ بِسَبَبِ النَّوْمِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَذَانَيْ صُبْحٍ) أَيْ وَلَوْ فَائِتًا اهـ شَرْحُ م ر أَيْ فَيُثَوِّبُ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ الْفَائِتِ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ أَذَانَيْ الصُّبْحِ الْفَائِتِ وَيُوَالِي بَيْنَهُمَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ إلَخْ) وَلَا يَلْتَفِتَ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الِالْتِفَاتِ عَدَمُ سَمَاعِ بَعْضِهِمْ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) أَيْ الْيَقَظَةُ لَهَا خَيْرٌ مِنْ رَاحَةِ النَّوْمِ أَيْ لَذَّتِهِ وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ وَالنَّوْمُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقِيَامٌ فِيهِمَا) فَيُكْرَهُ لِلْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ أَشَدَّ كَرَاهَةً وَلِلرَّاكِبِ الْمُقِيمِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ لِلرُّكُوبِ لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يُؤَذِّنَ إلَّا بَعْدَ نُزُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِلْفَرِيضَةِ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ وَلَا الْمَشْيِ لِاحْتِمَالِهِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ فَفِي الْأَذَانِ أَوْلَى وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِيمَا ذُكِرَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُجْزِئُ مِنْ الْمَاشِي، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مِنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُمَا لِغَيْرِهِ كَأَنْ كَانَ ثَمَّ مَعَهُ مَنْ يَمْشِي وَفِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ غَيْرُهُ اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ وَإِلَّا لَمْ يُجِزْهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ كَمَا فِي الْمُقِيمِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ وَهُوَ يَمْشِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْإِقَامَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَذَانُ فَيُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَالٍ مُطْلَقًا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى عَالٍ كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ لِلِاتِّبَاعِ وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ إلَّا إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِكِبَرِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ مَنَارَةٌ سُنَّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى الْبَابِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَى سَطْحِهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى عَالٍ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَيَدُلُّ لَهُ قُوَّةٌ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَأَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ قَائِمًا وَعَلَى عَالٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ انْتَهَتْ.
وَظَاهِرُهُ رُجُوعُ الْقَيْدِ لِكُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ وَالْغَرَضُ بِهِ إظْهَارُ الشَّعَائِرِ وَكَوْنُهُ عَلَى عَالٍ أَظْهَرُ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ.
وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ م ر وَلَا يَدُورُ عَلَيْهِ، فَإِنْ دَارَ كَفَى إنْ سَمِعَ آخِرَ أَذَانِهِ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَوَضَعَ مِسْبَحَتَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ جَعْلُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِ بِلَالٍ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ أُنْمُلَتَا سَبَّابَتَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ الْأَصَمُّ أَوْ مَنْ هُوَ عَلَى بُعْدٍ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا فَيَكُونُ أَبْلَغَ فِي الْإِعْلَامِ فَيُجِيبُ إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ إحْدَى يَدَيْهِ لِعِلَّةِ جَعْلِ السَّلِيمَةِ فَقَطْ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْعَلِيلَةُ سَبَّابَتَيْهِ فَيَظْهَرُ جَعْلُ غَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ أَصَابِعِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ أَصَابِعِهِ قَضِيَّتُهُ اسْتِوَاؤُهَا فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِكُلٍّ مِنْهَا وَأَنَّهُ لَوْ فُقِدَتْ أَصَابِعُهُ الْكُلُّ لَمْ يَضَعْ الْكَفَّ وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute