للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِصُعُودِ حَائِلٍ أَوْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلْمَشَقَّةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ مَعَ وُجُودِ إخْبَارِ الثِّقَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ بِبَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ يَكْثُرُ طَارِقُوهُ، وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ غَيْرُهُ كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمِحْرَابِ، وَإِجْمَاعُ الْعُمْيَان عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ جَهْلٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الشبراملسي فِي ذَلِكَ وَهُوَ فُسْحَةٌ عَظِيمَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِصُعُودِ حَائِلٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَثَلَاثِ دَرَجٍ (وَقَوْلُهُ أَوْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ قَرُبَ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ.

وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ نَعَمْ إنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ ثِقَةٍ مُخْبِرٍ عَنْ عِلْمٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ إخْبَارِ الثِّقَةِ) وَيُكَلَّفُ الذَّهَابَ إلَى مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَسُؤَالَهُ، وَإِذَا سَأَلَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ إرْشَادَهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَمَنْ سُئِلَ شَيْئًا مِنْهَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ صُعُودَ السَّطْحِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الصُّعُودِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ فِي السُّؤَالِ مَشَقَّةٌ كَانَ كَذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ إخْبَارُهُ عَنْ عِلْمٍ أَوْ اجْتِهَادٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِمَادُ لَا مِنْ حَيْثُ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ اهـ عَزِيزِيٌّ قَالَ سم عَلَى حَجّ.

فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ قَبْلَ الْإِقْدَامِ أَيْ عَلَى اعْتِمَادِ الْمِحْرَابِ الْبَحْثُ عَنْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الطَّعْنِ، فَإِذَا صَلَّى قَبْلَهُ بِدُونِ اجْتِهَادٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ لَمْ يَكْثُرْ طَارِقُوهُ وَاحْتَمَلَ الطَّعْنَ فِيهِ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ اهـ ع ش عَلَى م ر (فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى وَكَذَا مَنْ فِي ظُلْمَةٍ الْمِحْرَابِ بِالْمَسِّ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى كَمَا يَعْتَمِدُهُ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ فِي ظُلْمَةٍ بِالْمُشَاهَدَةِ فَالْمِحْرَابُ الْمُعْتَمَدُ كَصَرِيحِ الْخَبَرِ فَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ لَمَسَهَا صَبَرَ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ وَأَعَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي ظُلْمَةٍ كِلَيْهِمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَلَا يُقَلِّدَانِ الْمُخْبِرَ عَنْ الْمِحْرَابِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْعُبَابِ نَصُّهَا وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ فِي ظُلْمَةٍ الْمِحْرَابَ بِالْمَسِّ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى، فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ قَلَّدَ بَصِيرًا، فَإِنْ فَقَدَهُ صَبَرَ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ صَلَّاهَا كَيْفَ شَاءَ وَأَعَادَ إذَا قَدَرَ اهـ اهـ سم (قَوْلُهُ: رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ) جَمْعُ مِحْرَابٍ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ صَدْرُ الْمَجْلِسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَارِبُ الشَّيْطَانَ فِيهِ وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَا بِمَنْ فِيهِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ.

(فَائِدَةٌ) لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْمِائَةِ الْأُولَى مِحْرَابٌ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ الْمَحَارِيبُ فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِهَا؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَلِأَنَّهَا مِنْ بِنَاءِ الْكَنَائِسِ وَاِتِّخَاذُهَا فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَة ع ش عَلَى م ر وَالْمِحْرَابُ الْمُجَوَّفُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ حَدَثَ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي طَاقَةِ الْمِحْرَابِ وَرَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ وَلَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي الطَّاقَةِ خِلَافًا لِلسُّيُوطِيِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرٍ يَكْثُرُ طَارِقُوهُ) أَيْ وَسَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ فِيهَا فَلَا يُجْتَهَدُ مَعَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ مَا يَنْدُرُ طَارِقُوهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَخْفَى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُمْتَنِعَ مَعَ وُجُودِ مَا ذُكِرَ الِاجْتِهَادُ فِي الْجِهَةِ، وَأَمَّا فِي الْيَمْنَةِ أَوْ الْيَسْرَةِ فَلَا يَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ مَوْقِفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَإٍ حَتَّى وَلَوْ تَخَيَّلَ حَاذِقٌ فِيهِ انْحِرَافًا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً كَانَ خَيَالًا بَاطِلًا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَخَرَجَ بِسَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ مَا لَمْ تَسْلَمْ مِنْهُ كَمَحَارِيبِ الْقَرَافَةِ وَأَرْيَافِ مِصْرَ فَلَا يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهَا بَلْ يَجِبُ لِامْتِنَاعِ اعْتِمَادِهَا وَيَكْفِي الطَّعْنُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ أَوْ ذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا قَالَ شَيْخُنَا وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى بَيْتِ الْإِبْرَةِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ لِإِفَادَتِهَا الظَّنَّ بِذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ الِاجْتِهَادُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهَا وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَحَارِيبِ وَقَدْ جَعَلُوهَا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ كَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَكَافِرٍ فَلَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ بِمَا ذُكِرَ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي خَبَرِ الدِّينِ، نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ تَعَلَّمَ مُسْلِمٌ مِنْ مُشْرِكٍ دَلَائِلَ الْقِبْلَةِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ وَاجْتَهَدَ لِنَفْسِهِ فِي جِهَاتِ الْقِبْلَةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ خَبَرُ الْمُشْرِكِ فِي غَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَظُنُّهُمْ يُوَافِقُونَهُ عَلَيْهِ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّاشِيُّ وَقَالَ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَدِلَّةِ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ وَسُكُونُ نَفْسِهِ إلَى خَبَرِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>