للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّحَيُّرِ فِي صُورَتِهِ (، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْكَعْبَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا (كَأَعْمَى) الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ (قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) بِأَدِلَّتِهَا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّقْلِيدِ (وَمَنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا لَزِمَهُ) تَعَلُّمُهَا كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ تَعَلُّمُهَا (فَرْضُ عَيْنٍ لِسَفَرٍ) فَلَا يُقَلِّدُ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِهَا صَلَّى كَيْفَ كَانَ وَأَعَادَ وُجُوبًا (وَ) فَرْضُ (كِفَايَةٍ لِحَضَرٍ) وَإِطْلَاقُ الْأَصْلِ أَنَّهُ وَاجِبٌ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ السَّفَرَ

ــ

[حاشية الجمل]

أَلْبَتَّةَ بِخِلَافِ هَذَا اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ إتْيَانِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ حَيْثُ يَأْتِي الْمَاءُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِأَنَّ الْمَاءَ هُنَاكَ مُحَقَّقُ الْحُصُولِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ هُنَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْأَدِلَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ إذْ الْعَالِمُ بِهَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ كَمَا مَرَّ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ بِتَأَمُّلٍ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْعَالِمَ بِالْفِعْلِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَغَيْرُ الْعَالِمِ بِالْفِعْلِ يُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَامْتَنَعَ التَّقْلِيدُ، فَإِنْ قَلَّدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ قَالَ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ اهـ رَشِيدِيٌّ.

(فَرْعٌ) فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم مَا نَصُّهُ يُؤْخَذُ مِنْ جَوَازِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَ وُجُودِ الْحَائِلِ الْمَذْكُورِ أَيْ لِلْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْ الشِّهَابِ حَجّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عُرْفًا أَنَّ الْأَعْمَى إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدًا مِحْرَابُهُ مُعْتَمَدٌ وَشَقَّ عَلَيْهِ لَمْسُ الْكَعْبَةِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الْمِحْرَابِ فِي الثَّانِي لِامْتِلَاءِ الْمَحَلِّ بِالنَّاسِ أَوْ لِامْتِدَادِ الصُّفُوفِ لِلصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ اللَّمْسِ وَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ قَالَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَفِي ذَلِكَ مَزِيدٌ فِي شَرْحِنَا لِأَبِي شُجَاعٍ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا) هَذَا إنَّمَا يَكُونُ قَيْدًا إذَا قُلْنَا إنَّ التَّعَلُّمَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ التَّعَلُّمَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيُقَلِّدُ مُطْلَقًا بَلْ قِيلَ إنَّ هَذَا مُدْرَجٌ مِنْ خَطِّ وَلَدِهِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ عَيْنًا وَكَتَبَ أَيْضًا يَتَعَيَّنُ إسْقَاطُ هَذَا وَقَدْ وُجِدَ بِخَطِّ وَلَدِهِ عَلَى الْهَامِشِ مُلْحَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ تَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ عَيْنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَيْنًا وَكَانَ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ كَانَ لَهُ تَقْلِيدُ الثِّقَةِ الْعَارِفِ بِالْأَدِلَّةِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ بِعَدَمِ التَّعَلُّمِ لَهَا اهـ (قَوْلُهُ: قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) وَيَجِبُ تَكْرِيرُ سُؤَالِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ تَحْضُرْ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ إخْبَارُهُ الثَّانِي عَنْ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ثِقَةً عَارِفًا فَهُوَ كَالْمُتَحَيِّرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ أَدَاتِهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ إذَا عَلِمَ تَعَلَّمَ وَالْمُرَادُ تَعَلَّمَ الظَّاهِرَ مِنْهَا دُونَ دَقَائِقِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَرْضُ عَيْنٍ لِسَفَرٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَقْصِدِ الْمُسَافِرِ بِلَادٌ مُتَقَارِبَةٌ فِيهَا مَحَارِيبُ مُعْتَمَدَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ.

(وَقَوْلُهُ كِفَايَةٍ لِحَضَرٍ) أَيْ إنْ كَثُرَ فِيهِ الْعَارِفُونَ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ اهـ حَجّ وم ر لَا يُقَالُ حَيْثُ اكْتَفَى بِتَعَلُّمِ وَاحِدٍ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْ الْبَاقِي لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُهُ فَرْضَ عَيْنٍ إذْ الْمُطَالَبُ بِهِ كُلُّ مُكَلَّفٍ طَلَبًا جَازِمًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ عَدَمُ جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مُخَاطَبٌ بِالتَّعَلُّمِ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لَهُ يُرْشَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يُقَلَّدُ إلَخْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِفَرْضِ الْعَيْنِ مَعْنَاهُ الْأُصُولِيُّ الْمَذْكُورُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْعَارِفِ أَنْ يُقَلِّدَ الْعَارِفَ وَلَا يُكَلَّفَ التَّعَلُّمَ لِيَجْتَهِدَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالتَّعَلُّمِ لِيَجْتَهِدَ اهـ شَيْخُنَا ح ف وَلَهُ تَقْرِيرٌ آخَرُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ نَصُّهُ قَوْلُهُ فَرْضُ عَيْنٍ لِسَفَرٍ إلَخْ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ وَالْحَضَرَ لَيْسَا بِقَيْدَيْنِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى قِلَّةِ الْعَارِفِ وَكَثْرَتِهِ وَمُرَادُهُمْ بِالْقِلَّةِ عَدَمُ الْعَارِفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَبِالْكَثْرَةِ وُجُودُهُ وَلَوْ وَاحِدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ.

وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا كَتَبَهُ الطَّبَلَاوِيُّ أَنَّ ضَابِطَ كَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ أَنْ لَا يُوجَدَ عَارِفٌ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا أَوْ وُجِدَ وَلَمْ تَسْهُلْ مُرَاجَعَتُهُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ بِالْأَدِلَّةِ أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّ ضَابِطَ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَنْ يُوجَدَ عَارِفٌ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ تَفْرِيعُ الشَّارِحِ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فَلَا يُقَلِّدُ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِهِ أَنْ يُوجَدَ الْعَارِفُ وَلَمْ تَسْهُلْ مُرَاجَعَتُهُ لِامْتِنَاعِهِ مَثَلًا لَكِنْ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْأَدِلَّةِ لَا مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْقِبْلَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَرْضَى بِالْإِخْبَارِ بِهَا دُونَ أَدِلَّتِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يُقَلِّدُهُ فِيهَا وَفِي هَذَا الْمَقَامِ وَقْفَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ هُوَ مَا خُوطِبَ بِهِ كُلُّ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْخِطَابُ وَيَأْثَمُ بِالتَّرْكِ فَعَلَى مَا قُلْتُمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ لَيْسَ فِيهِمْ عَارِفٌ فَمُقْتَضَى كَوْنِ التَّعَلُّمِ فَرْضَ عَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّمَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَسْقُطْ الْإِثْمُ عَلَى الْبَاقِينَ وَيَكُونُونَ مُكَلَّفِينَ بِالتَّعَلُّمِ مَعَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْطَبِقُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ضَابِطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الْعَارِفُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ الْبَاقُونَ فَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>