للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ تُسَمَّى أَرْكَانَهَا وَعَلَى سُنَنٍ يُسَمَّى مَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ مِنْهَا بَعْضًا

ــ

[حاشية الجمل]

هَذَا الْفَرْقِ لُغَةً أَيْضًا؛ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْوَصْفَ مَصْدَرُ وَصَفَهُ إذَا ذَكَرَ مَا فِيهِ وَالصِّفَةُ هِيَ مَا فِيهِ وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يُطْلَقَ الْوَصْفُ وَيُرَادَ بِهِ الصِّفَةُ وَبِهَذَا انْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ لِلْمُتَكَلِّمِينَ التَّخْصِيصُ؛ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرٌ يَصِحُّ أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ عَلَى أَنَّهُ لَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى الْكَيْفِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى فَرْضٍ وَسُنَّةٍ لِاشْتِمَالِ الْبَابِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ لَهَا وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْفِعْلِيَّةُ الصَّادِقَةُ عَلَى الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهَوِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ الْجُزْئِيِّ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَتَدَبَّرْ وَكَتَبَ أَيْضًا تُطْلَقُ الصِّفَةُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَعَلَى الْأَمْرِ الْقَائِمِ بِالذَّاتِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِانْفِكَاكَ وَعَلَى الَّذِي يَقْبَلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ اهـ. غَزِّيٌّ.

مِثَالُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَاَلَّذِي يَقْبَلُ كَالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ نَحْوَ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا الصِّفَةُ تُطْلَقُ بِمَعَانٍ مِنْهَا الْمُشْتَقُّ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّحْوِيِّينَ الصِّفَةُ مَا دَلَّ عَلَى ذَاتٍ مُبْهَمَةٍ بِاعْتِبَارِ حَدَثٍ مُعَيَّنٍ، وَمِنْهَا النَّعْتُ، وَمِنْهَا الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالذَّاتِ، وَمِنْهَا الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ فَلِهَذَا قَالَ أَيْ: كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ اسْمٌ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّيْءِ كَالْبَيَاضِ وَالْكَيْفِيَّةُ أَعَمُّ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ أَيْ كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا الْكَيْفِيَّةُ انْتَهَتْ اهـ عَمِيرَةُ. أَقُولُ غَرَضُهُ مِنْ سَوْقِهَا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ تَفْسِيرَهَا بِالْكَيْفِيَّةِ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِنَّمَا فَسَّرَهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ إمَّا مِنْ قَبِيلِ الْكَمِّ وَإِمَّا مِنْ قَبِيلِ الْكَيْفِ كَالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ فَاخْتَارَ كَالشَّارِحِ الثَّانِيَ، وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ عَمَّمَهَا الْمُصَنِّفُ فِي قِسْمَيْهَا فَقَالَ أَيْ: كَيْفِيَّتِهَا وَكَمِيَّتِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ؛ لِأَنَّهُ عَدَدُ أَرْكَانِهَا أَيْضًا وَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّوْطِئَةِ لِذِكْرِ الْعَدَدِ بِقَوْلِهِ وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ إلَخْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ اقْتَصَرَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الْمُعْظَمُ وَمَا عَدَاهَا فَذَكَرَهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَا الْقَصْدِ الذَّاتِيِّ وَفِيهِ بُعْدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: صِفَةُ الصَّلَاةِ قَالَ: الْأَكْمَلُ الصِّفَةُ وَالْوَصْفُ مُتَرَادِفَانِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنْ الْوَاوِ كَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ أَيْ: فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ صِفَةُ الصَّلَاةِ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ لِلصَّلَاةِ بِأَرْكَانِهَا وَعَوَارِضِهَا قَالَ شَيْخُنَا الْغُنَيْمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْإِضَافَةُ شِبْهُ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ كَالْجُزْءِ مِنْهَا كَحُمْرَةِ الْوَرْدِ وَعِنْدِي فِيهِ شُبْهَةٌ وَهِيَ أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِالذِّكْرِ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ لَا نَفْسَهَا مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ مَاهِيَّةُ الصَّلَاةِ وَمِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ أَعَمُّ فِي نَفْسِهَا مِنْ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِمْ شَجَرُ أَرَاكٍ وَرُبَّمَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْإِضَافَةِ أَنَّهَا إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْكَافِيَةِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ فِيهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ ثُمَّ رَأَيْت السُّيُوطِيّ ذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ لَيْسَتْ بَيَانِيَّةً وَلَا عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفٍ، وَلَا مَحْضَةً بَلْ هِيَ إمَّا غَيْرُ مَحْضَةٍ أَوْ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْمَحْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِضَافَةُ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى مُرَادِفِهِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَالْكَيْفِيَّةَ غَيْرُ الْمُكَيَّفِ اهـ مُلَخَّصًا وَفِيهِ بَحْثٌ لِشَيْخِنَا فَلْيُرَاجَعْ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا عج.

(قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْكَيْفِيَّةُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ حَقِيقَةً لِلْأَرْكَانِ خَاصَّةً وَلِهَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا كَفَاهُ وَكَانَتْ صَلَاةً حَقِيقَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَهِيَ تَشْتَمِلُ إلَخْ) يَشْكُلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَعَلَى شُرُوطٍ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَيْسَتْ جُزْءًا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ بِالِاشْتِمَالِ عَلَى التَّعَلُّقِ وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الرُّكْنُ وَالشَّرْطُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيَتَعَلَّقُ بِهَا أُمُورٌ بَعْضُهَا يُسَمَّى أَرْكَانًا إلَخْ أَوْ يُقَالُ: إنَّ هَيْئَةَ الشَّيْءِ قَدْ تُسَمَّى جُزْءًا مِنْهُ كَالتَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى جُزْءًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَبِهِ تَشْتَمِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى وَاجِبٍ وَيَنْقَسِمُ لِدَاخِلٍ فِي مَاهِيَّتِهَا وَيُسَمَّى رُكْنًا وَلِخَارِجٍ عَنْهَا وَيُسَمَّى شَرْطًا وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي، وَعَلَى مَنْدُوبٍ وَيَنْقَسِمُ أَيْضًا لِمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَيُسَمَّى بَعْضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهِ بِالْجَبْرِ لِشَبَهِهِ بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلِمَا لَا يُجْبَرُ وَيُسَمَّى هَيْئَةً وَهُوَ مَا عَدَا الْأَبْعَاضِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ أَيْ: عَنْ هَذَا التَّفْصِيلِ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَيُقَالُ مَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ إنْ وَجَبَ لَهَا فَشَرْطٌ أَوْ فِيهَا فَرُكْنٌ أَوْ سُنَّ وَجُبِرَ فَبَعْضٌ وَإِلَّا فَهَيْئَةٌ وَشُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ وَالْبَعْضُ كَأَعْضَائِهِ وَالْهَيْئَاتُ كَشَعْرِهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ وَشُبِّهَتْ الصَّلَاةُ إلَخْ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>