وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ هُنَا وَفِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ.
(بِقَلْبٍ) فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ مَعَ غَفْلَتِهِ وَلَا يَضُرُّ النُّطْقُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ كَأَنْ نَوَى الظُّهْرَ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهَا.
(لِفِعْلِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ وَلَوْ نَفْلًا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَهِيَ هُنَا مَا عَدَا النِّيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى.
(مَعَ تَعْيِينِ ذَاتِ وَقْتٍ أَوْ سَبَبٍ) كَصُبْحٍ وَسُنَّتِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
إنْتَاجِ الرُّكْنِيَّةِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ بِقَلْبِ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ قَوْلَهُ بِقَلْبٍ يَقْتَضِي أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ تَكُونُ بِالْقَلْبِ، وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَلْبِ؛ لِأَنَّهَا الْقَصْدُ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِقَلْبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ إذْ النِّيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُيُودِ بَيَانُ الْمَاهِيَّةِ وَأَيْضًا ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ اللَّفْظَ فِيهَا لَا يُقَالُ يُنَافِي هَذَا جَعْلَ قَوْلِهِ فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ إلَخْ. مُفَرَّعًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ مَعَ قَيْدِهِ وَتَفْرِيعُهُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا يَضُرُّ النُّطْقُ إلَخْ. مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَيْدِ وَحْدَهُ وَهُوَ بَيِّنٌ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهَا) أَيْ: أَوْ تَعَمَّدَ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي الْقَلْبِ وَمَا وَقَعَ قَبْلَ التَّحَرُّمِ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يُتَوَهَّمُ الْبُطْلَانُ بِذِكْرِهِ اهـ ع ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر قَوْلُهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الْعَصْرِ وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَهُ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ وَقَصَدَ مَا نَوَاهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لِفِعْلِهَا) لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا إلَخْ بَلْ هِيَ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى كُلِّهِ؛ إذْ الْفِعْلُ عِلَّةٌ مَادِّيَّةٌ لِلصَّلَاةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُرَكَّبَاتِ فَالْمُرَادُ إيقَاعُ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ وَتَحْصِيلُهَا فِي الْخَارِجِ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ يُوجَدُ خَارِجُهَا كَالْقِيَامِ أَوْ لَا؟ يُوجَدُ كَالرُّكُوعِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْوِي هَذَا الْفِعْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَلَاةٌ فَقَوْلُهُ بَعْدُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ فِعْلِهَا أَيْ عَنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهَا صَلَاةً وَإِنْ لَمْ يَغْفُلْ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ. هَذَا هُوَ الْمُرَادُ انْتَهَى شَيْخُنَا، فَإِنْ قُلْت النِّيَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِفِعْلِهَا وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ جَرَّدَ النِّيَّةَ عَنْ بَعْضِ مَعْنَاهَا وَهُوَ الْفِعْلُ اهـ شَيْخُنَا ح ف أَيْ: وَأَرَادَ بِهَا مُطْلَقَ الْقَصْدِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَفْلًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لَا مَحَلَّ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ أَصْلَ النِّيَّةِ فِي النَّفْلِ فِيهِ خِلَافٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ اهـ ز ي اهـ ع ش وَمُرَادُهُ بِالنَّفْلِ مَا يَشْمَلُ الْمُطْلَقَ وَغَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ السُّجُودِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُوجَدُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ إلَخْ) مِثْلُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَنَحْوُهُمَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفِعْلِ وَأَنَّثَهُ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا وَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ رَدٌّ لِمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ شَرْطٌ؛ إذْ الرُّكْنُ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَّةِ وَبِفَرَاغِ النِّيَّةِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَجَوَابُهُ أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِفَرَاغِهَا دُخُولَهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَتَكُونُ خَارِجَةً عَنْهَا وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا وَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى قَالَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ رُكْنِيَّتُهَا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَتَعَلَّقُ بِمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَرْكَانِ أَيْ: لَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ كُلُّ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ وَلَا تُؤَثِّرُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ وَالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فَتُحَصِّلُ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا انْتَهَتْ.
(فَائِدَةٌ) الْعِبَادَاتُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ تَنْقَسِمُ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إلَى أَقْسَامٍ مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالزَّكَاةُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ هُنَا فِي الزَّكَاةِ وَمِنْهَا مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَالْجُمُعَةُ مِنْهَا وَمِنْهَا عَكْسُهُ وَهُوَ الصَّوْمُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ ثَمَّ خِلَافَهُ، وَمِنْهَا عِبَادَةٌ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يَضُرُّ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ فَإِذَا نَوَى فَرْضَهُ لَمْ يَكْفِ اهـ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى) وَإِلَّا لَزِمَ التَّسَلْسُلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِيَّةٍ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَهَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَنْوِي كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: يَنْوِي الْمَجْمُوعَ أَيْ: يُلَاحِظُ مَجْمُوعَ الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُمْكِنُ أَنْ تُنْوَى بِأَنْ تُلَاحَظَ مِنْ جُمْلَةِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى أَيْ: لَا تَجِبُ نِيَّتُهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُلَاحِظَ النِّيَّةَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُلَاحِظَ أَنَّ النِّيَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ تَصِيرُ مُحَصِّلَةً لِنَفْسِهَا وَغَيْرِهَا كَالشَّاةِ مِنْ أَرْبَعِينَ تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ أَيْ: مُلَاحَظَةُ هَذَا الْقَدْرِ اهـ ح ل مَعَ إيضَاحٍ.
(قَوْلُهُ كَصُبْحٍ وَسُنَّتِهِ) هَذَانِ مِثَالَانِ