مُبَلِّغٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (وَ) سُنَّ (لِمُصَلٍّ) مِنْ إمَامٍ وَغَيْرِهِ (رَفْعُ كَفَّيْهِ) لِلْقِبْلَةِ مَكْشُوفَتَيْنِ مَنْشُورَتَيْ الْأَصَابِعِ مُفَرَّقَةً وَسَطًا (مَعَ) ابْتِدَاءِ تَكْبِيرٍ (تَحْرُمُ حَذْوَ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ: مُقَابِلٍ (مَنْكِبَيْهِ) بِأَنْ تُحَاذِيَ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ وَرَاحَتَاهُ مَنْكِبَيْهِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» أَمَّا الِانْتِهَاءُ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَشَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ إنْ فَرَغَ مِنْهُمَا مَعًا فَذَاكَ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ تَمَامِ الْآخَرِ أَتَمَّ الْآخَرَ، لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ وَالتَّحْقِيقِ اسْتِحْبَابُ انْتِهَائِهِمَا مَعًا.
(وَ) ثَالِثُهَا (قِيَامٌ
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ الْمَأْمُومِينَ حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي وَكَذَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ اهـ. نَقَلَهُ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ قَبْلَ بَابِ الْغُسْلِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ حِينَئِذٍ وَالتَّصْرِيحُ بِرَدِّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) تَقْيِيدُهُ فِي الْمَبْلَغِ بِالِاحْتِيَاجِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ يَطْلُبُ مِنْهُ الْجَهْرَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِي كُلِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالِاحْتِيَاجِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ أَيْ بِالرَّفْعِ فَلَوْ عَلِمُوهُ بِغَيْرِ الرَّفْعِ انْتَفَى الِاحْتِيَاجُ فَيَكُونُ الرَّفْعُ مَكْرُوهًا اهـ ع ش اهـ أطف. فَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ فَقَطْ أَوْ الذِّكْرَ وَالْإِعْلَامَ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَصْدُ الذِّكْرِ شَرْطٌ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْعَالِمِ، أَمَّا فِي الْعَامِّيِّ وَلَوْ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ فَلَا يَضُرُّهُ قَصْدُ الْإِعْلَامِ فَقَطْ وَلَا الْإِطْلَاقُ اهـ شَيْخُنَا بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ لِمُصَلٍّ) أَيْ وَلَوْ امْرَأَةً رَفْعَ كَفَّيْهِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اضْطِجَاعٍ اهـ شَرْحُ م ر وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إعْظَامُ إجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَجَاءُ ثَوَابِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِنَبِيِّهِ وَوَجْهُ الْإِعْظَامِ مَا تَضَمَّنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ مِنْ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ عَلَى كِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ وَالتَّرْجَمَةِ عَنْهُ بِاللِّسَانِ وَإِظْهَارِ مَا يُمْكِنُ إظْهَارُهُ بِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَقِيلَ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَوْحِيدِهِ وَقِيلَ لِيَرَاهُ مَنْ لَا يَسْمَعُ تَكْبِيرَهُ فَيَقْتَدِي بِهِ وَقِيلَ إشَارَةً إلَى طَرْحِ مَا سِوَاهُ وَالْإِقْبَالَ بِكُلِّهِ عَلَى صَلَاتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ.
قَوْلُهُ: وَلِمُصَلٍّ رَفْعُ كَفَّيْهِ لَوْ رَفَعَ وَاحِدَةً كُرِهَ وَكَتَبَ أَيْضًا قِيلَ حِكْمَتُهُ رَفْعُ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ وَيَسْمَعَهُ الْأَعْمَى وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إلَى طَرْحِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَقِيلَ إلَى الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ لِيُنَاسِبَ فِعْلُهُ قَوْلَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَقِيلَ إلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَقِيلَ إشَارَةً إلَى تَمَامِ الْقِيَامِ وَقِيلَ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَعْبُودِ وَقِيلَ لِيَسْتَقْبِلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا أَنْسَبُهَا وَتَعَقَّبَ وَقَالَ الرَّبِيعُ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ مَا مَعْنَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ قَالَ: تَعْظِيمُ اللَّهِ وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنْ زِينَةِ الصَّلَاةِ بِكُلِّ رَفْعٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِكُلِّ أُصْبُعٍ حَسَنَةٌ فَتْحُ الْبَارِي انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ رَفْعُ كَفَّيْهِ) أَيْ: ابْتِدَاءُ رَفْعِ كَفَّيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَحَرُّمِهِ إلَخْ فَيَكُونُ ذَاكِرًا لِلِابْتِدَاءِ فِيهِمَا مَعًا وَتَارِكًا لِانْتِهَائِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّارِحُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: مَنْهِيًّا لَهُمَا حَذْوَ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَرَاحَتَاهُ) أَيْ ظَهْرُهُمَا مَنْكِبَيْهِ قَالَ م ر وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَتَفْرِيقِ أَصَابِعِهِ وَكَوْنِهِ وَسَطًا وَإِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَسُنَّ رَفْعُ كَفَّيْهِ لِلْقِبْلَةِ وَكَوْنُهُمَا مَكْشُوفَتَيْنِ إلَخْ بِزِيَادَةِ الْعَاطِفِ فِي الْكُلِّ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ اهـ أَطْفِيحِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَمَّا الِانْتِهَاءُ) أَيْ: انْتِهَاءُ الرَّفْعِ مَعَ التَّكْبِيرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا الِانْتِهَاءُ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ اسْتِحْبَابُ انْتِهَائِهِمَا) أَيْ التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَمَّا حَطُّ الْيَدَيْنِ فَبَعْدَ انْتِهَاءِ التَّكْبِيرِ وَلَوْ تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ رَفْعُ إحْدَى يَدَيْهِ رَفَعَ الْأُخْرَى وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ رَفَعَ السَّاعِدَ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ رَفَعَ الْعَضُدَ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرَّفْعِ الْمَسْنُونِ بِأَنْ كَانَ إذَا رَفَعَ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَتَى بِالْمُمْكِنِ مِنْهُمَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَالْأَوْلَى الزِّيَادَةُ وَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ رَفَعَ أَثْنَاءَهُ لَا بَعْدَهُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَتَفْرِيقِ أَصَابِعِهِ وَكَوْنِهِ وَسَطًا وَإِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَإِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا أُثِيبَ عَلَيْهِ وَفَاتَهُ الْكَمَالُ فِيمَا تَرَكَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ قَبْلَ الرَّفْعِ وَالتَّكْبِيرِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَوْ نَحْوَ مَا يَمْنَعُهُ السُّجُودَ وَيَطْرُقُ رَأْسَهُ قَلِيلًا ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ لُعْ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَثَالِثُهَا قِيَامٌ) وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَفْضَلِ الْأَذْكَارِ وَهُوَ الْقُرْآنُ ثُمَّ السُّجُودُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ثُمَّ الرُّكُوعُ ثُمَّ بَاقِي الْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبُ مِنْهُ الَّذِي يُؤَدِّي بِهِ الرُّكْنَ قَدْرُ الطُّمَأْنِينَةِ كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ وَتَطْوِيلُهُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ لِضَرُورَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا وَكَذَا لِلسُّورَةِ، وَيُسَنُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ خِلَافًا لِقَوْلِ الْأَنْوَارِ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِالشِّبْرِ فِي تَفْرِيقِ رُكْبَتَيْهِ فِي السُّجُودِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا هُنَا، وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَأَنْ يُلْصِقَ قَدَمَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الذِّكْرَ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ وَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ