فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ غَيْرِ نَقْدٍ كَحَدِيدٍ بِقُطْرٍ حَارٍّ كَالْحِجَازِ فِي بَدَنٍ وَلَمْ يَبْرُدْ خَوْفَ الْبَرَصِ لِأَنَّ الشَّمْسَ بِحِدَّتِهَا تَفْصِلُ مِنْ الْإِنَاءِ زُهُومَةً تَعْلُو الْمَاءَ فَإِذَا لَاقَتْ الْبَدَنَ بِسُخُونَتِهَا خِيفَ أَنْ تَقْبِضَ عَلَيْهِ فَتَحْبِسَ الدَّمَ فَيَحْصُلَ الْبَرَصُ فَلَا يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ كَمَا مَرَّ لِذَهَابِ الزُّهُومَةِ بِهَا وَلَا مُتَشَمِّسٌ فِي غَيْرِ مُنْطَبِعٍ كَالْخَزَفِ وَالْحِيَاضِ وَلَا مُتَشَمِّسٌ بِمُنْطَبِعِ نَقْدٍ لِصَفَاءِ جَوْهَرِهِ وَلَا مُتَشَمِّسٌ بِقَطْرٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ وَلَا اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ بَدَنٍ وَلَا إذَا بُرِّدَ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ عَدَمَ كَرَاهَةِ الْمُتَشَمِّسِ مُطْلَقًا وَتَعْبِيرِي بِمُتَشَمِّسٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُشَمَّسٍ وَقَوْلِي بِشُرُوطِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
السُّخُونَةُ بِحَيْثُ تَفْصِلُ مِنْ الْإِنَاءِ أَجْزَاءً سَمِينَةً تُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ لَا مُجَرَّدُ انْتِقَالِهِ مِنْ حَالَةٍ لِأُخْرَى بِسَبَبِهَا وَإِنْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ) أَيْ مَطْرُوقٍ بِالْمَطَارِقِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُطْرَقْ بِالْفِعْلِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ بِقَطْرٍ حَارٍّ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحَرِّ ثُمَّ إنَّ الْعِبْرَةَ بِالْبَلَدِ وَإِنْ خَالَفَتْ وَضْعَ قَطْرِهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالْقَطْرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ فِي الطَّائِفِ اهـ ح ل وَأَقَرَّهُ ح ف (قَوْلُهُ فِي بَدَنٍ) وَمِنْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْبَدَنِ غَسْلُ الثَّوْبِ بِهِ وَلُبْسُهُ حَالَ رُطُوبَتِهِ وَسُخُونَتِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْرُدْ) بِضَمِّ الرَّاءِ لَا غَيْرِ وَأَمَّا مَاضِيهِ فَفِيهِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش وَلَمْ يَبْرُدْ بِضَمِّ الرَّاءِ فِي الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سَهُلَ يَسْهُلُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ أَوْ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ انْتَهَتْ ثُمَّ وَجَدْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَعْزِيًّا لع ش مَا نَصُّهُ بَرُدَ مِنْ بَابِ سَهُلَ اهـ مُخْتَارٌ وَأَمَّا بَرَدَ بَرْدًا مِنْ بَابِ قَتَلَ فَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ بَرَدَ الْمَاءُ وَبَرَدْتُهُ فَهُوَ بَارِدٌ وَمَبْرُودٌ ثُمَّ قَالَ وَبَرَّدْتُهُ بِالتَّفْعِيلِ مُبَالَغَةٌ اهـ (قَوْلُهُ خَوْفَ الْبَرَصِ) أَيْ حُدُوثِهِ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ اسْتِحْكَامِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ تُفْصَلُ مِنْ الْإِنَاءِ زُهُومَةٌ تَعْلُو الْمَاءَ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ خُرِقَ الْإِنَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الزُّهُومَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَاءِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعْلُو الْمَاءَ تَظْهَرُ بِعُلُوِّهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا مُنْبَثَّةٌ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ اهـ م د عَلَى الْخَطِيبِ وَالزُّهُومَةُ أَجْزَاءٌ تَظْهَرُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ كَالرَّغْوَةِ.
وَفِي الْمُخْتَارِ الزُّهْمَةُ الرِّيحُ الْمُنْتِنَةُ وَالزَّهَمُ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ زَهِمَتْ يَدُهُ مِنْ الزُّهُومَةِ فَهِيَ زَهِمَةٌ أَيْ دَسِمَةٌ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَحْصُلُ الْبَرَصُ) فَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَعْرِفَتِهِ أَوْ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ إنْ فَقَدَ غَيْرَهُ أَيْ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَبْرُدَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَكَانَ قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يُسَخِّنُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ أَنَّهُ يَصْبِرُ وَلَا يَتَيَمَّمُ أَنَّهُ يُكَلَّفُ هَذَا الصَّبْرَ إلَى أَنْ يَبْرُدَ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَبْرِيدِهِ وَقَدْ شُمِّسَ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ أَيْ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمُشَمَّسِ إذَا سُخِّنَ بِالنَّارِ قَبْلَ تَبْرِيدِهِ فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ بَاقِيَةٌ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ وَهِيَ مَا لَوْ طُبِخَ بِهِ طَعَامٌ مَائِعٌ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ تَنَاوُلُهُ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ بِالتَّسْخِينِ بَعْدَ تَشْمِيسِهِ وَقَبْلَ تَبْرِيدِهِ وَأَمَّا إذَا بُرِّدَ ثُمَّ سُخِّنَ فَإِنَّهَا أَيْ الْكَرَاهَةَ تَزُولُ وَلَا تَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(فَرْعٌ) إذَا بُرِّدَ الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ فِي الْإِنَاءِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ تَشَمَّسَ ثَانِيًا فِي إنَاءٍ مِنْ خَزَفٍ مَثَلًا عَادَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ تَسْخِينِهِ بِالنَّارِ بَعْدَ تَبْرِيدِهِ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ الزُّهُومَةَ كَامِنَةٌ فِيهِ فَإِذَا شُمِّسَ ثَانِيًا ظَهَرَتْ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ لِصَفَاءِ جَوْهَرِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْشُوشًا بِنُحَاسٍ كَثِيرٍ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ اهـ ح ف.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُنْطَبِعُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِصَفَاءِ جَوْهَرِهِمَا فَلَا يَنْفَصِلُ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَلَا فَرْقَ فِيهِمَا وَفِي الْمُنْطَبِعِ مِنْ غَيْرِهِمَا بَيْنَ أَنْ يَصْدَأَ أَوْ لَا وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ بِأَحَدِهِمَا فَالْأَوْجَهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَثُرَ التَّمْوِيهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُ انْفِصَالَ شَيْءٍ مِنْ الْإِنَاءِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ حَيْثُ انْفَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ يُؤَثِّرُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْإِنَاءِ الْمَغْشُوشِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَا اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ بَدَنٍ) وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَرْضٍ أَوْ أَبْنِيَةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ طَعَامٍ جَامِدٍ كَخُبْزٍ عُجِنَ بِهِ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ السُّمِّيَّةَ تُسْتَهْلَكُ فِي الْجَامِدِ فَلَا يُخْشَى مِنْهَا ضَرَرٌ بِخِلَافِهَا فِي الْمَائِعِ وَإِنْ طُبِخَ بِالنَّارِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَوْ ثَوْبٌ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَبِسَهُ يَابِسًا فَإِنْ لَبِسَهُ رَطْبًا فَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ وَبِهِ قَالَ الشِّهَابُ حَجّ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ) أَيْ الدَّالِّ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَيْ مِنْ جِهَةِ ضَعْفِهِ فَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ قَدْ ضَعُفَ عِنْدَهُ فَنَظَرَ إلَى ضَعْفِهِ فَقَالَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَمَدُهُ الْكَرَاهَةَ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ اهـ شَيْخُنَا وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ قَدْ ذَكَرَهُ م ر بِقَوْلِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ عَائِشَةَ سَخَّنَتْ مَاءً فِي الشَّمْسِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ» وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ يَتَأَيَّدُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الِاغْتِسَالَ بِهِ وَقَالَ أَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ) أَيْ الطَّهَارَةُ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَدَثِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَلَى وَجْهِ الرَّفْعِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ فَشَمَلَتْ الْعِبَارَةُ قَوْلَهُ وَلَوْ مِنْ طُهْرِ صَاحِبِ ضَرُورَةٍ لَكِنَّهَا لَا تَشْمَلُ غُسْلَ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ طَهَارَةُ حَدَثٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ وَإِنْ مَاتَ الشَّخْصُ عَلَى طَهَارَةٍ فَحِينَئِذٍ يُزَادُ فِي عِبَارَتِهِ