(وَلَا بِنَظْمِ قُرْآنٍ بِقَصْدِ تَفْهِيمٍ وَقِرَاءَةٍ) كَيَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ أَنْ يَأْخُذَهُ كَمَا لَوْ قَصْدُهُ الْقِرَاءَةُ فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ أَتَى بِكَلِمَاتٍ مِنْهُ مُتَوَالِيَةٍ مُفْرَدَاتُهَا فِيهِ دُونَ نَظْمِهَا كَقَوْلِهِ يَا إبْرَاهِيمُ
ــ
[حاشية الجمل]
فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ إذَا اشْتَمَلَا عَلَى خِطَابٍ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَالْمُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ الْخِطَابُ فِيهِمَا لِلَّهِ أَوْ لِرَسُولِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْ مِنْ كَوْنِ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْخِطَابِ يُبْطِلُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا دُعَاءٌ فِيهِ خِطَابٌ لِمَا لَا يُعْقَلُ كَقَوْلِهِ يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك وَكَقَوْلِهِ إذَا رَأَى الْهِلَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَك رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، ثَانِيهَا: إذَا أَحَسَّ بِالشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِقَوْلِهِ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ ثَالِثُهَا: لَوْ خَاطَبَ الْمَيِّتَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ رَحِمَك عَافَاك اللَّهُ غَفَرَ اللَّهُ لَك؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ خِطَابًا وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ انْتَهَتْ. وَمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ فِيهَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر.
وَشَمِلَ ذَلِكَ أَيْ: الْخِطَابُ الْمُبْطِلُ خِطَابَ مَا لَا يَعْقِلُ كَرَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك لِلْأَرْضِ آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك لِلْهِلَالِ أَوْ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ وَرَحِمَك اللَّهُ لِلْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَا بِنَظْمِ قُرْآنٍ) أَيْ: بِصُورَةِ قُرْآنٍ عَلَى نَظْمِهِ الْمَعْرُوفِ أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِقَصْدِ تَفْهِيمٍ وَقِرَاءَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي نَحْوِ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: ١٢] مُقَارَنَةً قَصْدُ نَحْوِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ بِجَمِيعِ اللَّفْظِ إذْ عَرَّوْهُ عَنْ بَعْضِهِ يَصِيرُ اللَّفْظُ أَجْنَبِيًّا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً وَإِنْ كَانَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ الِاكْتِفَاءُ بِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِبَعْضِهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ كَيَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ) وَكَقَوْلِهِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: ٤٦] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ أَوْ {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: ٢٩] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَنْهَاهُ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَسَوَاءٌ أَكَانَ انْتَهَى فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ إلَى تِلْكَ الْآيَةِ أَمْ أَنْشَأَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّهَا وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ الْفَرْقَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ وَإِلَّا فَيَضُرُّ وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلتَّخَاطُبِ وَمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ كَأَنْ ارْتَجَّ عَلَيْهِ كَلِمَةٌ فِي نَحْوِ التَّشَهُّدِ فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ وَالْجَهْرُ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُبَلِّغِ فَيَأْتِي فِيهِمَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ إلَخْ) وَتَأْتِي هَذِهِ الْأَرْبَعُ فِي الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الْجَهْرِ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُبَلِّغِ اهـ زي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) أَيْ: بِأَنْ أَطْلَقَ وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ مَتَى وُجِدَتْ صَرَفَتْهُ إلَيْهَا مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَهُ عَنْهَا وَفِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَأَثَّرَتْ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ إلَّا بِالْقَصْدِ وَإِلَّا فَهُوَ قُرْآنٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا وَالْمُرَادُ عِنْدَ الصَّارِفِ كَمَا هُنَا وَإِلَّا فَهُوَ قُرْآنٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عِنْدَ عَدَمِ الصَّارِفِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ وَهُوَ هُنَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ إلَخْ) وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ لَوْ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا كَفَرَ وَيَأْتِي مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا ثَمَّ سَكَتَ طَوِيلًا أَيْ: زَائِدًا عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ ابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ أَوْ النَّبِيُّ كَذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ دُونَ عَكْسِهِ، وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ أَوْ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ بَطَلَتْ أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَلِهَذَا