أَيْ بَصَرٌ لِقِلَّتِهِ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ (وَ) لَا بِمُلَاقَاةِ (نَحْوِ ذَلِكَ) كَقَلِيلٍ مِنْ شَعْرٍ نَجَسٍ وَمِنْ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَكَغُبَارِ سِرْجِينٍ وَحَيَوَانٍ مُتَنَجِّسِ الْمَنْفَذِ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَذَلِكَ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ
ــ
[حاشية الجمل]
الْعَفْوُ كَمَا فِي سَمَاعِ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ الْمُعْتَدِلُ فِي الظِّلِّ وَيُدْرِكُهُ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِدْرَاكِهِ لَهُ بِوَاسِطَتِهَا لِكَوْنِهَا تَزِيدُ فِي التَّجَلِّي فَأَشْبَهَتْ رُؤْيَتُهُ حِينَئِذٍ رُؤْيَةَ حَدِيدِ الْبَصَرِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ يَسِيرَ الدَّمِ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ إذَا وَقَعَ عَلَى ثَوْبٍ أَحْمَرَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَبْيَضُ رُئِيَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُرَ عَلَى الْأَحْمَرِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ رُؤْيَتِهِ اتِّحَادُ لَوْنِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِقِلَّتِهِ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ إدْرَاكِ الطَّرْفِ لَا لِعَدَمِ التَّنْجِيسِ لِأَنَّ عِلَّتَهُ سَتَأْتِي فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِإِخْرَاجِ مَا لَوْ كَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِنَحْوِ مُمَاثَلَتِهِ لِلَوْنِ الْمَحَلِّ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ) أَيْ أَوْ نُقَطٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَكِنْ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَتْ كَانَتْ قَدْرًا يَسِيرًا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ الْمُعْتَدِلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ أَيْ عَدَمَ التَّنَجُّسِ بِمَا ذُكِرَ مِمَّا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ وَمَا بَعْدَهُ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ أَيْ بَصَرٌ لِقِلَّتِهِ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ وَمَا يَعْلَقُ بِرِجْلِ الذُّبَابِ فَيُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ وَمَا مِنْ شَأْنِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَوُقُوعِهِ فِي مَحَالَّ وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْجِيلِيُّ: صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إشَارَةٌ إلَيْهِ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ غَرِيبٌ قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَمَا يَعْلَقُ بِرِجْلِ الذُّبَابِ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ تَخْصِيصُ الْعَفْوِ عَمَّا يَعْلَقُ بِرِجْلِ الذُّبَابِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْهُ الطَّرْفُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ وَنُقِلَ عَنْ حَجّ الْعَفْوُ مُطْلَقًا وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَقَلِيلٍ مِنْ شَعْرٍ نَجَسٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْقَصَّاصِ وَالرَّاكِبِ أَمَّا هُمَا فَيُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا مُطْلَقًا أَيْ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فِي حَقِّهِمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ز ي اهـ اج عَنْ سم.
وَنُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ الْقَلِيلِ وَدُخَانِ النَّجَسِ الْآتِي كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ أَيْضًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ دُخَانٍ نَجَسٍ) وَأَمَّا دُخَانُ الْمُتَنَجِّسِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِ النَّجَاسَةِ أَنَّ مِثْلَ نَجِسِ الْعَيْنِ الْمُتَنَجِّسُ حَرِّرْ اهـ ح ل وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْحَ يُقْرَأُ بِالْإِضَافَةِ وَلَوْ قُرِئَ بِالتَّنْوِينِ لَشَمَلَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَهِيَ دُخَانُ الشَّيْءِ الْمُتَنَجِّسِ فَإِنَّ دُخَانَهُ نَجَسٌ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَمِنْ دُخَانٍ نَجَسٍ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ وَعُفِيَ أَيْضًا عَنْ قَلِيلِ دُخَانٍ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ دُونَ الْمُتَنَجِّسِ فَإِنَّ دُخَانَهُ طَاهِرٌ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْأَشْرِبَةِ خِلَافُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ اهـ سم وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَمِنْ دُخَانٍ نَجَسٍ) أَيْضًا أَيْ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ اهـ شَرْحِ م ر أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وُصُولُهُ لِلْمَاءِ وَنَحْوِهِ بِفِعْلِهِ وَإِلَّا نَجَّسَ وَمِنْهُ الْبَخُورُ بِالنَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ رَأَى أَيَّ ذُبَابَةٍ عَلَى نَجَاسَةٍ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى أَلْصَقَهَا بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْبَخُورَ مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَيُغْتَفَرُ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الذُّبَابَةُ وَمِنْ الْبَخُورِ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَبْخِيرِ الْحَمَّامَاتِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَغُبَارِ سِرْجِينٍ) كَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْكَافِ لِإِيهَامِ زِيَادَتِهَا الْعَفْوَ عَنْ كَثِيرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْفَى إلَّا عَنْ قَلِيلِهِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَكَغُبَارِ سِرْجِينٍ قَضِيَّةُ إعَادَةِ الْكَافِ الْعَفْوُ عَنْ الْغُبَارِ مُطْلَقًا قَالَ سم وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُشْتَرَطُ قِلَّتُهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَحَيَوَانٍ مُتَنَجِّسِ الْمَنْفَذِ غَيْرِ آدَمِيٍّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَلْحَقُ بِمَا تَقَدَّمَ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا عَلَى مَنْفَذِ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَطَيْرٍ وَهِرَّةٍ وَمَا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ فِي بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ مِنْ النَّجَاسَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَا يَقَعُ مِنْ بَعْرِ الشَّاةِ فِي اللَّبَنِ فِي حَالِ الْحَلْبِ مَعَ مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فَلَوْ شَكَّ أَوْقَعَ فِي حَالِ الْحَلْبِ أَوْ لَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَنْجُسُ إذْ شَرَطَ الْعَفْوَ لَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَكَوْنُ الْأَصْلِ طَهَارَةً مَا وَقَعَ فِيهِ يُعَارِضُهُ كَوْنُ الْأَصْلِ فِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ يَنْجُسُ فَتَسَاقَطَا وَبَقِيَ الْعَمَلُ بِأَصْلِ عَدَمِ الْعَفْوِ وَيُعْفَى عَمَّا يُمَاسُّهُ الْعَسَلُ مِنْ الْكُوَّارَةِ الَّتِي تُجْعَلُ مِنْ رَوْثِ نَحْوِ الْبَقَرِ وَعَنْ رَوْثِ نَحْوِ سَمَكٍ لَمْ يَضَعْهُ فِي الْمَاءِ عَبَثًا وَلَمْ يُغَيِّرْهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي الْمَاءِ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ