للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ مَالٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَالْعَافِيَةِ وَالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمْرِ (أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) كَنَجَاةٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَيَّدَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ النِّعْمَةَ وَالنِّقْمَةَ بِكَوْنِهِمَا ظَاهِرَتَيْنِ لِيُخْرِجَ الْبَاطِنَتَيْنِ كَالْمَعْرِفَةِ وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) كَزَمِنٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ (أَوْ فَاسِقٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مُعْلِنٍ) بِفِسْقِهِ؛ لِأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ أَشَدُّ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

ــ

[حاشية الجمل]

التَّصَدُّقِ أَوْ الصَّلَاةِ شُكْرًا أَنَّهُ يُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ مَعَ السُّجُودِ وَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ تِلْمِيذُ الْبَغَوِيّ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ كَحُدُوثِ وَلَدٍ) بِأَنْ يَأْتِيَ لَهُ فِي وَقْتٍ لَا يَتَيَقَّنُ وُجُودَهُ فِيهِ وَلَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ وَمِنْهُ السَّقْطُ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ وَكَذَا أَخٌ مَثَلًا نَعَمْ لَا تُسَنُّ لَهُ بِحَضْرَةِ عَقِيمٍ وَكَذَا كُلُّ نِعْمَةٍ بِحَضْرَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَمَّا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ؛ إذْ جَاءَهُ أَمْرٌ يُسَرُّ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا» وَرَوَاهُ فِي دَفْعِ النِّقْمَةِ ابْنُ حِبَّانَ وَلَمَّا رَوَى أَنَّهُ قَالَ «سَأَلْت رَبِّي وَشَفَعْت لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا ثُمَّ رَفَعْت رَأْسِي فَسَأَلْت رَبِّي فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الثَّانِيَ فَسَجَدْت شُكْرًا» وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَجَدَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْيَمَنِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ قَبِيلَةٍ مِنْ قَحْطَانَ وَلَمَّا أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ بِأَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ كَالْعَافِيَةِ) أَيْ: وَدَوَامِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى نِعْمَةٍ أَيْ: أَوْ هُجُومُ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ اهـ حَجّ وَالنِّقْمَةُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَمَا فِي النَّاصِرِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الْيُونِينِيَّةِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ شَرْحُ الْمَوَاهِبِ وَبِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ثُمَّ قَالَ: وَهِيَ الْمُكَافَأَةُ بِالْعُقُوبَةِ وَنَقَمَ مِنْهُ كَضَرَبَ وَعَلِمَ اهـ.

(قَوْلُهُ لِيُخْرِجَ الْبَاطِنَتَيْنِ) وَالْمُعْتَمَدُ طَلَبُ السُّجُودِ لِلْبَاطِنَتَيْنِ كَالظَّاهِرَتَيْنِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الظَّاهِرَةِ عَلَى الَّتِي لَهَا وَقْعٌ لِيَخْرُجَ الَّتِي لَا وَقْعَ لَهَا اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ كَالْمَعْرِفَةِ) مِثَالٌ لِلنِّعْمَةِ وَقَوْلُهُ وَسَتْرُ الْمَسَاوِئِ مِثَالٌ لِانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَبَدَتْ مُسَاوِيهِ أَيْ: نَقَائِصُهُ وَمَعَايِبُهُ وَالْمَسَاءَةُ ضِدُّ الْمَسَرَّةِ وَأَصْلُهَا مَسْوَأَةٌ عَلَى مِفْعَلَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَلِهَذَا تُرَدُّ الْوَاوُ فِي الْجَمْعِ فَيُقَالُ: هِيَ الْمَسَاوِئُ لَكِنْ اُسْتُعْمِلَ الْجَمْعُ مُخَفَّفًا اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ رُؤْيَةُ مُبْتَلًى) بِفَتْحِ اللَّامِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ رُؤْيَةُ مُبْتَلًى أَوْ فَاسِقٍ مُعْلِنٍ) الْمُرَادُ بِرُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ أَوْ ظَنُّهُ بِنَحْوِ سَمَاعِ كَلَامِهِ وَلَا يَلْزَمُ تَكَرُّرُ السُّجُودِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِإِزَائِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِهِ كَذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ أَهَمُّ مِنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ رُؤْيَةُ مُبْتَلًى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ السَّلَامَةُ مِنْ تِلْكَ الْآفَةِ لَكِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِهَامِشٍ بِمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْآفَةُ مِمَّا يَعْرِضُ مِثْلُهَا لِلْآدَمِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ أَيْ: وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ بَلَائِهِ حِينَئِذٍ بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ لِآدَمِيٍّ فِي الْعَادَةِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ انْتَهَتْ وَمُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ بَلَائِهِ إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا رُؤْيَةُ مُرْتَكِبٍ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ كَزَمِنٍ) أَيْ: أَوْ مَمْسُوخٍ لَكِنْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْمَمْسُوخِ وَكَذَا نَقْصُ عُضْوٍ وَلَوْ خِلْقَةً وَاخْتِلَالُ عَقْلٍ وَضَعْفُ حَرَكَةٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ مَرَّةً لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ وَأُخْرَى لِرُؤْيَةِ رَجُلٍ بِهِ قِصَرٌ بَالِغٌ وَضَعْفُ حَرَكَةٍ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ فَاسِقٍ مُعْلِنٍ) وَمِنْهُ الْكَافِرُ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: وَلَوْ تَكَرَّرَتْ رُؤْيَتُهُ أَمَّا لَوْ رَأَى جُمْلَةً مِنْ الْكُفَّارِ دَفْعَةً فَيَكْفِي لِرُؤْيَتِهِمْ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ فَاسِقٍ مُعْلِنٍ) يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَةُ الرَّائِي وَالْعَاصِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ بِعَقِيدَةِ الرَّائِي وَفِي إظْهَارِ السُّجُودِ لِلْعَاصِي بِعَقِيدَةِ الْمَرْئِيِّ فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْ إظْهَارِ السُّجُودِ لَهُ زَجْرُهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَا يَنْزَجِرُ بِذَلِكَ إلَّا حَيْثُ اعْتَقَدَ أَنَّ فِعْلَهُ مَعْصِيَةٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ مُعْلِنٍ بِفِسْقِهِ) وَمِنْ ذَلِكَ لُبْسُ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلرِّجَالِ لِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ الْحَرِيرَ وَلِلنِّسَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا مُعْلِنٍ بِفِسْقِهِ) الْمُعْتَمَدُ اسْتِحْبَابُ السُّجُودِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَعْلَنَ بِفَسَقَةِ أَمْ لَا، فَسَقَ أَوْ لَمْ يَفْسُقْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ إلَخْ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر اشْتِرَاطُ الْإِعْلَانِ كَالشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ أَوْ رُؤْيَةُ عَاصٍ مُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَتِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ انْتَهَتْ وَسَلَّمَهُ مُحَشِّيَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ أَشَدُّ) أَيْ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا فِي رُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى فَعَلَى السَّلَامَةِ مِنْ مُصِيبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>