للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ سُنَّةُ الْوُضُوءِ عَلَى مَا يَأْتِي ثُمَّ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَتَأْخِيرِي سُنَّةَ الْوُضُوءِ عَمَّا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ تَبِعْت الْمَجْمُوعَ وَالْأَوْفَقُ بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهَا فِي رُتْبَتِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا تَعَلُّقٌ بِسَبَبٍ غَيْرِ فِعْلٍ كَصَلَاةِ الزَّوَالِ.

(وَسُنَّ قَضَاءُ نَفْلٍ مُؤَقَّتٍ) إذَا فَاتَ كَصَلَاتَيْ الْعِيدِ وَالضُّحَى وَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ» اهـ وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك أَيْ: أَطْلُبُ مِنْك مَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي عِلْمِك أَيْ: أَطْلُبُ مِنْك إلْهَامَ شَيْءٍ هُوَ خَيْرٌ لِي فِي عِلْمِك أَيْ: انْشِرَاحَ نَفْسِي لَهُ هَذَا عَلَى اعْتِبَارِ هَذَا، وَأَمَّا عَلَى عَدَمِهِ فَالْمَعْنَى أَطْلُبُ مِنْك فِعْلَ مَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي عِلْمِك وَذَلِكَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ بَعْدَ فِعْلِ الِاسْتِخَارَةِ هَلْ يَفْعَلُ مَا انْشَرَحَتْ لَهُ نَفْسُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ فَإِنَّهُ قَالَ ثُمَّ لِيَمْضِ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ لِمَا انْشَرَحَتْ لَهُ نَفْسُهُ وَعَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ هُوَ الْخَيْرُ وَإِنْ لَمْ تَنْشَرِحْ لَهُ نَفْسُهُ فَإِنَّ فِيهِ الْخَيْرَ قَالَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ اهـ.

وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَهَذَا الثَّانِي لِلسُّبْكِيِّ عَنْ الزَّمْلَكَانِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: كَانَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الزَّمْلَكَانِيُّ يَقُولُ: إذَا اسْتَخَارَ الْإِنْسَانُ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَفْعَلْ مَا بَدَا لَهُ سَوَاءٌ انْشَرَحَتْ لَهُ نَفْسُهُ أَمْ لَا فَإِنَّ فِيهِ الْخَيْرَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ اهـ وَقَوْلُهُ وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك أَيْ: أَطْلُبُ مِنْك أَنْ تَجْعَلَ لِي قُدْرَةً عَلَيْهِ وَالْبَاءُ فِي بِعِلْمِك وَقُدْرَتِك يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ وَأَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعْطَافِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} [القصص: ١٧] أَيْ بِحَقِّ عِلْمِك وَقُدْرَتِك الشَّامِلَيْنِ لَهُ قَالَهُ ك وَمُفَادُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهَا فِي بِعِلْمِك لِلظَّرْفِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَاقْدُرْهُ لِي يُقَالُ قَدَرْت الشَّيْءَ أَقْدُرُهُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ قَدَرًا مِنْ التَّقْدِيرِ قَالَ شِهَابُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي كِتَابِ أَنْوَارِ الْبُرُوقِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا التَّيْسِيرُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فِي الْمَحَلَّيْنِ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ أَيْ: اجْعَلْنِي رَاضِيًا بِهِ.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْحَطَّابُ الْمَالِكِيُّ مَحَلَّ نَظَرٍ فَقَالَ: هَلْ وَرَدَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ؟ لَمْ أَقِفْ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمَشَايِخِ يَفْعَلُهُ اهـ قُلْت قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ إنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ» اهـ وَقَوْلُهُ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ أَيْ فِي أَثْنَاءِ دُعَائِهِ عِنْدَ ذِكْرِهَا بِالْكِنَايَةِ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ إنَّ هَذَا الْأَمْرَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَيُسَمِّيهِ خَيْرٌ لِي إلَخْ وَيَقُولُ فِي الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَيُسَمِّيهِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ سُنَّةُ الْوُضُوءِ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ دُونَ الْإِعْرَاضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ م ر وَكَذَا رَكْعَتَا الزَّوَالِ بِطُولِ الْفَصْلِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) أَيْ: الصَّلَاةُ فِيهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَالْمُفَضَّلُ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ بِاللَّيْلِ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بِالنَّهَارِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ مَجْمُوعَهُمَا مُؤَخَّرٌ رُتْبَةً عَنْ بَقِيَّةِ النَّوَافِلِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ: فِي مَعْنَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسَبَبٍ هُوَ فِعْلُ مَا تَعَلَّقَ بِسَبَبٍ غَيْرِ فِعْلٍ كَصَلَاةِ الزَّوَالِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ بَعْدَهُ فَذَاتُ السَّبَبِ تَارَةً يَكُونُ سَبَبُهَا فِعْلًا وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَ فِعْلٍ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَهِيَ رَكْعَتَانِ إلَخْ عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَهِيَ رَكْعَتَانِ وَأَكْمَلُهَا أَرْبَعٌ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَسُنَّ قَضَاءُ نَفْلٍ مُؤَقَّتٍ) أَيْ: فِي الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلُهُ لَا يُسَنُّ كَغَيْرِ الْمُؤَقَّتِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ فَلَا تُقْضَى؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ خَارِجَ الْوَقْتِ فَكَذَا مَتْبُوعُهَا اهـ شَيْخُنَا أُشْبُولِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر فِي بَابِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَعَلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةٌ إلَخْ مَا نَصُّهُ هَلْ سُنَّتُهَا كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ وَتَرَكَ سُنَّتَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ تُقْضَ أَوَّلًا بَلْ يَقْضِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَرْضُهَا الْقَضَاءَ، فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: بَقِيَ مَسْأَلَتَانِ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا: إحْدَاهُمَا تَابِعَةُ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقْضَى أَيْ سُنَّةُ جُمُعَةٍ اهـ وَنُقِلَ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ مِثْلُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ وَدَاخِلَةٍ فِي عُمُومِ أَنَّ النَّفَلَ الْمُؤَقَّتَ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ اهـ.

(فَائِدَةٌ) اُنْظُرْ هَلْ يُقْضَى النَّفَلُ مِنْ الصَّوْمِ أَيْضًا إذَا فَاتَهُ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْدَبَ الْقَضَاءُ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ نَدْبِ قَضَاءِ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ هُنَا وَنُقِلَ عَنْ الشَّبْشِيرِيِّ خِلَافُهُ مُعَلَّلًا لَهُ بِأَنَّ لَهُ مَعَانِيَ، وَقَدْ فَاتَتْ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا وَقْفَةٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>