للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمْعُهُ) مِنْ مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ لِلْمُصَلِّي وَإِنْ بَعُدَ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا وَإِنْ قَلَّتْ بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنَّ الِانْفِرَادَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا (إلَّا لِنَحْوِ بِدْعَةِ إمَامِهِ)

ــ

[حاشية الجمل]

أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْإِمَامَةِ وَبَيْنَ الْأَذَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ تَعَارَضَ كَوْنُهُ إمَامًا مَعَ جَمْعٍ قَلِيلٍ، وَمَأْمُومًا مَعَ جَمْعٍ كَثِيرٍ فَهَلْ تَسْتَوِي الْفَضِيلَتَانِ وَتَجْبُرُ الْإِمَامَةُ فَضْلَ الْكَثْرَةِ فَيُصَلِّي إمَامًا أَوْ لَا فَيُصَلِّي مَأْمُومًا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْإِمَامَةِ مِنْ تَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ لَهُ، وَلِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ حَاصِلَةٌ بِغَيْرِهِ فَالْمَنْفَعَةُ فِي قُدْوَتِهِ عَائِدَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ يُدْرِكُ بَعْضَ الصَّلَاةِ فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، وَكُلَّهَا فِي عَدَدٍ قَلِيلٍ اتَّجَهَ مُرَاعَاةُ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، وَلَوْ كَانَ لَوْ بَادَرَ بِهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ حَصَّلَهَا فِي عَدَدٍ قَلِيلٍ، وَلَوْ أَخَّرَهَا حَصَّلَهَا فِي الْكَثِيرِ رَاعَى أَوَّلَ الْوَقْتِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ بِظَهْرِ نُسْخَتِهِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لَهُ، وَقَوْلُهُ اتَّجَهَ مُرَاعَاةُ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ انْتِظَارُ الْقَلِيلِ يُفَوِّتُ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَالْمُتَّجِهُ تَقْدِيمُ الْقَلِيلِ، وَالْمُتَّجِهُ أَيْضًا تَقْدِيمُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْخُشُوعِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ حَجّ، وَكَذَا تَقْدِيمُ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ مَعَ سَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ قَالَهُ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَتْ فَضِيلَةُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مِنْ الْإِمَامِ مَعَ قِلَّةِ الْجَمَاعَةِ، وَعَدَمِ سَمَاعِهِ مَعَ كَثْرَتِهَا كَانَ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ قَالَ فِي الْإِيعَابِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ اهـ. وَلَعَلَّ النَّظَرَ أَقْرَبُ كَذَا فِي الْفَيْضِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(فَرْعٌ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْخُشُوع شَرْطًا فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الرَّاجِحُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ اهـ. شَرْحُ م ر، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ جَرَى فِيهَا خِلَافٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ قِيلَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ قِيلَ هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ لَا وَالْخُشُوعُ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَيْضًا قِيلَ سُنَّةٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَسُنَّ إدَامَةُ نَظَرِ مَحِلِّ سُجُودِهِ وَخُشُوعٌ، وَقِيلَ رُكْنٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَرْكَانِ، وَقِيلَ شَرْطٌ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا رَأَيْت فَوَجْهُ تَقْدِيمِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْخُشُوعِ عِنْدَ التَّعَارُضِ ظَاهِرٌ لِكَوْنِ الْأَصَحِّ فِيهَا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.

وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلِكَوْنِ الْخِلَافِ فِيهَا فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ، وَكَوْنُهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي شَرْطِيَّةِ الْخُشُوعِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ م ر، وَحَجّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ رُكْنًا هَلْ هُوَ مُسَاوٍ لِلْخِلَافِ فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ شَرْطًا أَوْ دُونَهُ أَوْ أَقْوَى فَرَاجِعْ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَبُّ) خَبَرُ مَا كَانَ، وَدَخَلَتْ الْفَاءُ فِي خَبَرِهَا لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنَّ الِانْفِرَادَ فِيهَا إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُتَّجِهُ اهـ. شَرَحَ م ر، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ أَقُولُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي أَفْضَلِيَّةِ الِانْفِرَادِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ فِي الْأَقْصَى لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْأَقْصَى بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَفِي الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى فَالْجَمَاعَةُ فِي الْأَقْصَى تَزِيدُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الصَّلَوَاتِ الَّتِي ضُوعِفَتْ بِهَا الصَّلَاةُ فِي الْأَقْصَى مِنْ الصَّلَوَاتِ بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِيهِ نَظَرٌ أَوْ وَجْهُهُ أَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ لَهُ شَرَفٌ عَلَى الْأَقْصَى فَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ بِفَضَائِلَ تُوَازِي جَمَاعَةَ الْأَقْصَى أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ إلَّا لِنَحْوِ بِدْعَةِ إمَامِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ الَّتِي لَا يَكْفُرُ بِهَا كَمُعْتَزِلِيٍّ وَرَافِضِيٍّ وَقَدَرِيٍّ، وَمِثْلُهُ الْفَاسِقُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمُتَّهَمُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَكُلُّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا فِي التَّوَسُّط، وَالْخَادِمُ أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ أَوْ الشُّرُوطِ كَحَنَفِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا لِقَصْدِهِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ، وَهُوَ مُبْطِلٌ عِنْدَنَا، وَلِهَذَا مَنَعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَتَجْوِيزُ الْأَكْثَرِ لَهُ لِمُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ، وَاكْتِفَاءً بِوُجُودِ صُورَتِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِمُخَالِفٍ، وَتَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَاتُ فَالْأَقَلُّ جَمَاعَةً أَفْضَلُ، وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَلَا نَظَرَ لِإِدَامَةِ تَعْطِيلِهَا لِسُقُوطِ فَرْضِهَا حِينَئِذٍ.

وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>