الثَّانِيَةُ بَلْ الِانْفِرَادُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي وَإِطْلَاقِي لِلْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ لَهُ بِالْقَرِيبِ إذَا الْبَعِيدُ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ لَا يُقَالُ لَيْسَ مِثْلَهُ لِأَنَّ لِلْقَرِيبِ حَقَّ الْجِوَارِ وَلِكَوْنِهِ مَدْعُوًّا مِنْهُ لِأَنَّا نَقُولُ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْبَعِيدَ مَدْعُوٌّ مِنْهُ أَيْضًا وَبِكَثْرَةِ الْأَجْرِ فِيهِ بِكَثْرَةِ الْخُطَى الدَّالِّ عَلَيْهَا الْإِخْبَارُ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَعْظَمُ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ أَجْرًا أَبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشًى» .
(وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ تَحَرُّمٍ) مَعَ الْإِمَامِ (بِحُضُورِهِ لَهُ) أَيْ بِحُضُورِ الْمَأْمُومِ التَّحَرُّمَ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَاشْتِغَالُهُ بِهِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْهُ وَكَذَا الْمُتَرَاخِي عَنْهُ إنْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ وَسْوَسَةٌ خَفِيفَةٌ (وَ) تُدْرَكُ فَضِيلَةُ (جَمَاعَةِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ الْإِمَامُ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ بِأَنَّ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
كَثِيرٌ أَوْ أَبْعَدُ إلَى وَطَنِهِ مِنْ الَّذِي جَمْعُهُ كَثِيرٌ، وَقَوْلُهُ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِتَعَطُّلٍ (قَوْلُهُ بَلْ الِانْفِرَادُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِتَمَامِهَا، وَإِنْ كُرِهَتْ الْجَمَاعَةُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقِيٌّ لِلْمَسْجِدِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَعَطَّلَ مَسْجِدٌ لِغَيْبَتِهِ أَيْ فَمَتَى كَانَ يَلْزَمُ عَلَى الذَّهَابِ لِكَثِيرِ الْجَمْعِ تَعْطِيلٌ قَلِيلِ الْجَمْعِ صَلَّى فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ بَعِيدًا اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ تَحَرُّمٍ إلَخْ) ، وَهِيَ غَيْرُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَهِيَ فَضِيلَةٌ أُخْرَى زَائِدَةٌ اهـ. شَيْخُنَا، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَرْعٌ) يُقَدَّمُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ عَلَى فَضِيلَةِ التَّحْرِيمِ، وَعَلَى إدْرَاكِ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ اهـ. (قَوْلُهُ عَقِبَ تَحْرُمُ إمَامَةُ) هَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ التَّحَرُّمِ، وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ قِيَامِهِ وَمَحِلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا بِأَنْ حَضَرَهُ وَأَخَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِمَا أَيْضًا، وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَسِيطِ، وَأَقَرَّهُ اهـ. شَرْحُ م ر قَوْلُهُ (إنْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ وَسْوَسَةٌ خَفِيفَةٌ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ زَمَنُهَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، وَلَوْ طَوِيلًا وَقَصِيرًا مِنْ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَإِلَّا كَانَتْ ظَاهِرَةً كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِمَامِ، وَلَوْ خَافَ فَوْتَ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ فِي الْمَشْيِ لَمْ يُسْرِعْ بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ فَإِنَّهُ يُسْرِعُ وُجُوبًا كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ اهـ. ح ل، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ أَيْ وَفِي فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَصَدَ امْتِثَالَ الشَّارِعِ بِالثَّانِي أَنْ يُثِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ أَوْ فَوْقَهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ فَيُدْرِكُ الْعَدَدُ كُلُّهُ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ أَوْ السَّبْعَ وَالْعِشْرِينَ، وَلَوْ اقْتَدَى فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَقَوْلُهُ لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ أَدْرَكَهَا أَيْ كَيْفًا لَا كَمًّا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ جَمَاعَةٍ مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهَا اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ فَلَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ صَحَّتْ قُدْوَتُهُ، وَحَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ وَصَلَّى ظُهْرًا فَقَوْلُهُ أَوَّلًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُدْرَكُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ قُبَيْلَ السَّلَامِ لَا أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي السَّلَامِ فَلَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ، وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ فِيهِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَقَالَ إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي.
قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَيُفْهِمُهُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ، وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا نَظَرًا إلَخْ أَيْ أَوَّلًا تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً بَلْ فُرَادَى كَمَا يُفِيدُهُ التَّرْدِيدُ بَيْنَ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ، وَعَدَمِ حُصُولِهَا، وَلَوْ أَرَادَ عَدَمَ انْعِقَادِهَا أَصْلًا لَقَالَ هَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا، هَذَا وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا ثُمَّ رَجَعَ، وَاعْتَمَدَ انْعِقَادَهَا فُرَادَى قَالَ الْخَطِيبُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي انْعِقَادِهَا فُرَادَى مَا لَوْ تَقَارَنَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ أَيْ يَشْرَعُ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ جَمَاعَةً، وَلَا فُرَادَى عِنْدَ شَيْخِنَا ز ي تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر، وَإِنْ كَانَ شَرْحُهُ لَا يُفِيدُ، وَعِنْدَ الْخَطِيبِ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ فُرَادَى، وَعِنْدَ حَجّ تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُسَلِّمْ) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ إنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقُعُودُ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ فَاتَتْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ، وَيَجِبُ الْقِيَامُ فَوْرًا إذَا عَلِمَ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ) فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَعَدَ الْمَأْمُومُ فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَامِدًا عَالِمًا بَلْ اسْتَمَرَّ قَائِمًا إلَى أَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا التَّخَلُّفُ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّ تَشَهُّدِهِ، وَمَا لَوْ جَلَسَ بَعْدَ الْهُوِيِّ تَأَمُّلٌ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُعْتَقِدًا إدْرَاكَ الْإِمَامِ فَتَبَيَّنَ