بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ وَذِكْرُ سِنُّ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَكُرِهَ لِمَأْمُومٍ انْفِرَادٌ) عَنْ صَفٍّ مِنْ جِنْسِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ «أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ إنْ وَجَدَ سَعَةً» بِفَتْحِ السِّينِ وَلَوْ بِلَا خَلَاءٍ عَنْ صَفٍّ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ لَوَسِعَهُمْ بَلْ لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ الَّذِي يَلِيه فَمَا
ــ
[حاشية الجمل]
بُصَرَاءُ فِي ضَوْءٍ كُلٌّ مِنْهُمَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَإِذَا كَانُوا كُلُّهُمْ عُمْيَانًا أَوْ كَانُوا فِي ظُلْمَةٍ فَيَتَقَدَّمُ إمَامُهُمْ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا أَمْ عُرَاةٍ) هَذَا إذَا أَمْكَنَ وُقُوفُهُمْ صَفًّا، وَإِلَّا وَقَفُوا صُفُوفًا مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ وُجُوبًا اهـ. سُلْطَانٌ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْجَمِيعُ عُرَاةٌ لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ لَا فِي صَفٍّ، وَلَا فِي صَفَّيْنِ بَلْ يَتَنَحَّيْنَ وَيَجْلِسْنَ خَلْفَهُمْ، وَيَسْتَدْبِرْنَ الْقِبْلَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ الرِّجَالُ، وَكَذَا عَكْسُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَتَوَارَى كُلُّ طَائِفَةٍ بِمَكَانٍ حَتَّى تُصَلِّيَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُؤْمَرُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بِغَضِّ الْبَصَرِ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ أَفْضَلُ أَيْ مِنْ جُلُوسِهِنَّ خَلْفَ الرِّجَالِ، وَاسْتِدْبَارِهِنَّ الْقِبْلَةَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بُصَرَاءُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِيهِمْ بَصِيرٌ انْتَهَتْ، وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ سُنَّ الْمَذْكُورَاتُ) أَيْ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَاتُ، وَجُمْلَتُهَا عَشَرَةٌ أَوَّلُهَا قَوْلُهُ وَيَسْتَدِيرُوا حَوْلَهَا، وَآخِرُهَا قَوْلُهُ وَإِمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ لِمَأْمُومٍ انْفِرَادٌ) أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَكَرَاهَتُهُ لَا تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ بَلْ فَضِيلَةُ الصَّفِّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَلْيَنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ جَاءَ شَخْصٌ، وَوَقَفَ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ الِانْفِرَادَ عَنْ الصَّفِّ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْطِ السَّابِعِ مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ فِي هَذَا الشَّرْحِ نَقْلًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ سَائِرَ الْمَكْرُوهَاتِ الْمَفْعُولَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ إذْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ اهـ حَلَبِيٌّ.
(فَرْعٌ) وَقَفَ شَافِعِيٌّ بَيْنَ حَنَفِيَّيْنِ مَسَّا فَرْجَهُمَا كُرِهَ، وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ، وَنَظَرَ فِيهِ حَجّ فَلْيُرَاجَعْ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَهُمَا قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ لِكَوْنِهِ عَنْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ، وَالشَّافِعِيُّ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ، وَإِنَّمَا تَبْطُلُ بِالسَّلَامِ وَعَدَمِ التَّدَارُكِ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّافِعِيُّ يَرَى صِحَّةَ صَلَاةِ الْحَنَفِيِّ مَعَ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْفَضِيلَةُ لِعَدَمِ اعْتِقَادِ مَا يُنَافِيهَا بِخِلَافِهِ مَعَ الْمَسِّ فَإِنَّهُ، وَإِنْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ فَهُوَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ، وَسَهْوُهُ عِنْدَنَا فَكَانَ كَالْمُنْفَرِدِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ) خَرَجَ بِالْجِنْسِ غَيْرُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَا نِسَاءَ، أَوْ خُنْثَى وَلَا خَنَاثَى فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَنْ «أَبِي بَكْرَةَ) وَاسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ الثَّقَفِيُّ الصَّحَابِيُّ جَاءَ عَلَى نَاقَةٍ يَوْمَ حَصَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْرِكِينَ بِالطَّائِفِ فَأَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتَ أَبُو بَكْرَةَ» رُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا، وَرَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا، وَكَانَ مِنْ الْفُضَلَاءِ، وَاعْتَزَلَ يَوْمَ الْجَمَلِ الْمُتَوَفَّى بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ إحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْجَمَل عَسْكَرٌ، وَكَانَ الْقِتَالُ مِنْ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ يَوْمَ الْخَمِيسِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَقَطَعَ عَلَى خِطَامِ ذَلِكَ الْجَمَلِ سَبْعُونَ يَدًا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ، وَقِيلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَلَمَّا ظَهَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَاءَ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَقَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَك قَالَتْ وَلَك مَا أَرَدْت إلَّا الْإِصْلَاحَ ثُمَّ أَنْزَلَهَا بِدَارِ الْبَصْرَةِ وَأَكْرَمَهَا وَاحْتَرَمَهَا وَجَهَّزَهَا إلَى الْمَدِينَةَ فِي أَرْبَعِينَ امْرَأَةً مِنْ ذَوَاتِ الشَّرَفِ وَشَيَّعَهَا هُوَ وَأَوْلَادُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ اهـ. عَيْنِيٌّ فَكَانَتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ عَائِشَةَ وَمَنْ مَعَهَا وَبَيْنَ عَلِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى بَابِ الْبَصْرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، وَأُضِيفَتْ الْوَقْعَةُ إلَى الْجَمَلِ لِكَوْنِ عَائِشَةَ كَانَتْ حَالَ الْوَقْعَةِ رَاكِبَةً عَلَيْهِ، وَعُقِرَ مِنْ تَحْتِهَا، وَسَبَبُهَا أَنَّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ خَرَجُوا مَعَ عَائِشَةَ لِطَلَبِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ لَا لِقِتَالِ عَلِيٍّ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَكَانَ قَتَلَةُ عُثْمَانَ لَجَئُوا إلَى عَلِيٍّ فَرَأَى أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهُمْ لِلْقَتْلِ حَتَّى يَسْكُنَ حَالُ الْأُمَّةِ، وَيُجْرِيَ الْأُمُورَ عَلَى مَا أَوْجَبَ اللَّهُ فَكَانَ مَا قَدَّرَ اللَّهُ مِمَّا جَرَى بِهِ الْقَلَمُ اهـ قَسْطَلَّانِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَذَكَرَ لَهُ) يَحْتَمِلُ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِهَا فَلْتُرَاجِعْ الرِّوَايَةَ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ زَادَك اللَّهُ حِرْصًا الْفَتْحُ، وَقَوْلُهُ وَلَا تَعُدْ بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ، وَضَمِّ الْعَيْنِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ زَادَك اللَّهُ حِرْصًا) أَيْ عَلَى إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ الرَّكْعَةِ. اهـ. شَيْخُنَا