وَعِيَادَةٍ وَتَنَزُّهٍ فَإِنْ سَافَرَ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ كَأَنْ سَافَرَ لِمُجَرَّدِ التَّنَقُّلِ فِي الْبِلَادِ لَمْ يَقْصُرْ وَإِنْ عَدَلَ إلَى الطَّوِيلِ لَا لِغَرَضٍ أَوْ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ فَكَذَلِكَ كَمَا لَوْ سَلَكَ الْقَصِيرَ فَطَوَّلَهُ بِالذَّهَابِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَوْلِي أَوَّلًا لِغَرَضٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَهُوَ) أَيْ الطَّوِيلُ (ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً ذَهَابًا وَهِيَ مَرْحَلَتَانِ) أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الطَّوِيلَ، وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَا طَوِيلَيْنِ فَسَلَكَ أَطْوَلَهُمَا، وَلَوْ لِغَرَضِ الْقَصْرِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فِيهِ جَزْمًا اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ لِغَيْرِ الْقَصْرِ) أَيْ غَيْرِ الْقَصْرِ وَحْدَهُ فَالتَّشْرِيكُ بَيْنَ الْقَصْرِ وَغَيْرِهِ لَا يَضُرُّ، وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ قَصْدُ الْقَصْرِ وَحْدَهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَتَنَزُّهٌ) هُوَ إزَالَةُ الْكُدُرَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف هُوَ رُؤْيَةُ مَا تَنْبَسِطُ بِهِ النَّفْسُ لِإِزَالَةِ هُمُومِ الدُّنْيَا اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ النُّزْهَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَمَكَانٌ نَزِهٌ، وَقَدْ نَزِهَتْ الْأَرْضُ بِالْكَسْرِ تَنْزَهُ بِالْفَتْحِ نُزْهَةً أَيْ تَزَيَّنَتْ بِالنَّبَاتِ، وَخَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ فِي الرِّيَاضِ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْبُعْدِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ، وَمِمَّا يَضَعُهُ النَّاسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ قَوْلُهُمْ خَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ إذَا خَرَجُوا إلَى الْبَسَاتِينِ قَالَ وَإِنَّمَا التَّنَزُّهُ التَّبَاعُدُ عَنْ الْمِيَاهِ وَالْأَرْيَافِ، وَمِنْهُ قِيلَ فُلَانٌ يَتَنَزَّهُ عَنْ الْأَقْذَارِ، وَيُنَزِّهُ نَفْسَهُ عَنْهَا أَيْ يُبَاعِدُهَا عَنْهَا، وَالنَّزَاهَةُ الْبُعْدُ مِنْ الشَّرِّ، وَفُلَانٌ نَزِيهٌ كَرِيمٌ إذَا كَانَ بَعِيدًا مِنْ اللُّؤْمِ، وَهُوَ نَزِيهُ الْخُلُقِ، وَهَذَا مَكَانٌ نَزِيهٌ أَيْ خَلَاءٌ بَعِيدٌ مِنْ النَّاسِ لَيْسَ فِيهِ إحْدَاهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا حَامِلٌ عَلَى سُلُوكِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ، وَلَيْسَ حَامِلًا عَلَى أَصْلِ السَّفَرِ بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَالتِّجَارَةِ مَثَلًا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ غَرَضًا صَحِيحًا، وَلَيْسَ التَّنَزُّهُ مِنْهُ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَانَ غَرَضًا صَحِيحًا اهـ. ح ل وزي فَحِينَئِذٍ تَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِالتَّنَزُّهِ لَا يُنَافِي تَمْثِيلَهُ بَعْدُ بِالتَّنَقُّلِ، وَلَوْ فَسَّرَ بِالتَّنَزُّهِ كَمَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَمْثِيلَهُ بِالتَّنَزُّهِ إنَّمَا هُوَ لِلْغَرَضِ الْحَامِلِ عَلَى الْعُدُولِ إلَى الطَّوِيلِ، وَتَمْثِيلُهُ بِالتَّنَقُّلِ إنَّمَا هُوَ لِلْغَرَضِ الْحَامِلِ عَلَى أَصْلِ السَّفَرِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّنَزُّهَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضًا حَامِلًا عَلَى أَصْلِ السَّفَرِ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ غَرَضًا حَامِلًا عَلَى الْعُدُولِ إلَى الطَّوِيلِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ.
وَكَذَا لَوْ سَلَكَ الطَّوِيلَ لِمُجَرَّدِ تَنَزُّهٍ عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّهُ غَرَضٌ مَقْصُودٌ إذْ هُوَ إزَالَةُ الْكُدُورَةِ النَّفْسِيَّةِ بِرُؤْيَةِ مُسْتَحْسَنٍ يَشْغَلُهَا عَنْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَافَرَ لِأَجْلِهِ قَصَرَ أَيْضًا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ ابْتِدَاءً أَوْ عِنْدَ الْعُدُولِ لِأَنَّهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ لَهُ، وَلُزُومُ التَّنَزُّهِ لَهُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْغَرَضُ فِي الْعُدُولِ تَنَزُّهًا لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ انْضَمَّ لَهُ مَا ذُكِرَ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُفَرَّقَ أَيْ بَيْنَ التَّنَزُّهِ هُنَا وَالتَّنَقُّلِ الْآتِي بِأَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ، وَلَكِنَّهُ سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِلتَّنَزُّهِ فِيهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَامِلَ عَلَيْهِ كَانَ كَالتَّنَزُّهِ هُنَا أَوْ كَانَ التَّنَزُّهُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِي تِلْكَ انْتَهَى، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّنَزُّهَ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ طَبِيبٌ كَانَ غَرَضًا صَحِيحًا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَدَلَ إلَى الطَّوِيلِ لَا لِغَرَضٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ سَلَكَهُ غَلَطًا لَا عَنْ قَصْدٍ أَوْ جَهِلَ الْأَقْرَبَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْصُرُ، وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا. اهـ. م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ) أَيْ لِلْقَصْرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ غَرَضٍ آخَرَ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ فَتُفِيدُ الْعِبَارَةُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْقَصْرَ، وَغَيْرَهُ مَعًا لَا يَضُرُّ اهـ. شَيْخُنَا، وَيُفَارِقُ مَا هُنَا جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ يَقْصِدُ سُقُوطَ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَطْلُوبَةٌ لِذَاتِهَا فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ، وَبِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَشْرُوعَةٌ سَفَرًا، وَحَضَرًا بِخِلَافِ الْقَصْرِ فَكَانَتْ أَهَمَّ مِنْهُ، وَبِأَنَّ فِيهِ إسْقَاطَ شَطْرِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ الْمَذْكُورِ، وَأَيْضًا ذَلِكَ الْإِسْقَاطُ خَلَفَهُ تَحَمُّلُ الْإِمَامِ بِخِلَافِ هَذَا لَا خُلْفَ لَهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ هَاشِمِيَّةٌ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الثِّقْلُ وَاحِدُ الْأَثْقَالِ كَحِمْلِ وَأَحْمَالٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَعْطِهِ ثِقْلَهُ أَيْ وَزْنَهُ انْتَهَتْ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ تَجَوُّزٌ الْآنَ، الْمُرَادُ بِالْأَثْقَالِ الْإِبِلُ الْحَامِلَةُ لِلْأَثْقَالِ أَيْ الْأَحْمَالُ، وَكَأَنَّ الْعِلَاقَةَ الْمُجَاوَرَةُ فَسُمِّيَتْ الْإِبِلُ أَثْقَالًا بِاسْمِ أَحْمَالِهَا الَّتِي عَلَى ظُهُورِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْضًا بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ مِنْ النُّزُولِ لِاسْتِرَاحَةٍ وَأَكْلٍ وَصَلَاةٍ أَيْ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا، وَالْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْمُرَادَ سَيْرُ الْإِبِلِ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ، وَهِيَ الْإِبِلُ الْمُحَمَّلَةُ لِأَنَّ خُطْوَةَ الْبَعِيرِ أَوْسَعُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي كِتَابِ الزَّرِيعَةِ فِي بَابِ الِاثْنَيْنِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ) أَيْ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ، وَهَذَا وَجْهٌ فِي تَقْرِيرِ الدَّلَالَةِ غَيْرَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute