عَنْ بَابِ دَارِهِ عُرْفًا بِحَيْثُ (يَتَأَذَّى بِذَلِكَ فِي طَرِيقِهِ) إلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ يَمْشِي إلَى الْمُصَلَّى فِي رُكْنٍ أَوْ كَانَ الْمُصَلَّى قَرِيبًا فَلَا يَجْمَعُ لِانْتِفَاءِ التَّأَذِّي وَبِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا بِمُصَلًّى لِانْتِفَاءِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَأَمَّا جَمْعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَطَرِ مَعَ أَنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ كَانَتْ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ بُيُوتَهُنَّ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً وَأَكْثَرُهَا كَانَ بَعِيدًا فَلَعَلَّهُ حِينَ جَمَعَ لَمْ يَكُنْ بِالْقَرِيبِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِالْمَأْمُومِينَ وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِالْمَطَرِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ (وَ) بِشَرْطِ (أَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ) أَيْ نَحْوُ الْمَطَرِ (عِنْدَ تَحَرُّمِهِ بِهِمَا) لِيُقَارِنَ الْجَمْعَ (وَ) عِنْدَ (تَحَلُّلِهِ مِنْ أَوْلَى) لِيَتَّصِلَ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ اعْتِبَارُ امْتِدَادِهِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَهُمَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلِمَنْ اتَّفَقَ لَهُ وُجُودُ الْمَطَرِ وَهُوَ
ــ
[حاشية الجمل]
لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى التَّبَاطُؤِ فِي الْجُمُعَةِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُحْرِمُوا، وَقَدْ بَقِيَ قِيلَ الرُّكُوعُ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ هُنَا إلَى الرُّكُوعِ بِخِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا وُقُوعُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى جَمِيعِهَا فِي جَمَاعَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَقَدْ بَقِيَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَيْ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ إذَا طَوَّلَهُ، وَأَدْرَكُوهُ فِيهِ، وَاطْمَأَنُّوا فِيهِ قَبْلَ رَفْعِهِ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ أَيُّ دَاعٍ لِاعْتِبَارِ إدْرَاكِ زَمَنٍ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ إلَى الرُّكُوعِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِجُزْءٍ فِي الْجَمَاعَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً) وَهَلْ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ الزَّائِدَةُ عَلَى جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِي حَقِّ مُسَافِرٍ أَرَادَ الْجَمْعَ بِالْمَطَرِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمُرَخِّصَ لَهُ مَوْجُودٌ اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا ز ي الْأَوَّلَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ إذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَوَلَدِهَا، وَأَفْطَرَتْ فَإِنْ قَصَدَتْ الْوَلَدَ لَزِمَهَا الْكَفَّارَةُ، وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ كَتَبَ أَيْضًا.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ اجْتَمَعَ سَبَبُ الْجَمْعِ مِنْ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ لِشَخْصٍ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ نِيَّةِ الْجَمْعِ تَعْيِينُ سَبَبِهِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَطَرٍ، وَأَيُّهُمَا أَوْلَى فِيهِ أَوْ يَكْفِي مُطْلَقُ نِيَّةِ الْجَمْعِ، وَعَلَى هَذَا إذَا نَوَى الْجَمْعَ، وَأَطْلَقَ ثُمَّ تَخَلَّفَتْ شُرُوطُ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ كَأَنْ أَقَامَ هَلْ يُجْمَعُ نَظَرًا لِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الْآخَرِ أَوْ لَا لِاخْتِلَافِ نِيَّتِهِ بِتَخَلُّفِ مَا ذَكَرَ كَانَ أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ، وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّ تَعْيِينَ السَّفَرِ لِلْجَمْعِ أَوْلَى فَلْيُحَرَّرْ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً) أَيْ وَإِنْ كَرِهَتْ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ فَضْلِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وُجُودِ صُورَتِهَا لِانْدِفَاعِ الْإِثْمِ وَالْقِتَالِ عَلَى قَوْلِ فَرْضِيَّتِهَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَانْظُرْ مُرَادَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ، وَأَيُّ إثْمٍ يَحْصُلُ مَعَ عَدَمِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْعُذْرَ قَائِمٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ غَيْرُ فَرْضٍ فِي حَقِّ الْمَعْذُورِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَرْضِيَّتَهَا أَيْ الْقَائِلُ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَيَلْتَزِمُ أَنَّ الْعُذْرَ لَا يُسْقِطُهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلْيُحَرَّرْ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِمَامَةَ أَوْ الْجَمَاعَةَ، وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُونَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُمْ، وَإِلَّا انْعَقَدَتْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ) أَيْ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ. حَجّ، وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ الْمُرَادُ التَّأَذِّي لِلشَّخْصِ بِانْفِرَادِهِ أَوْ أَنْ يَكُونَ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ النَّاسِ، وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا بِحَيْثُ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ) مُقْتَضَى هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ إلَخْ بَيَانٌ لِضَابِطِ الْبُعْدِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَلْيُوبِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَمُقْتَضَى صَنِيعِ الشَّارِحِ فِي أَخْذِ الْمَفَاهِيمِ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ مُسْتَقِلٌّ غَيْرُ قَيْدِ الْبُعْدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ لِلْإِمَامِ إلَخْ) لَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ رَاتِبًا أَوْ تَتَعَطَّلُ الْجَمَاعَةُ إنْ لَمْ يَجْمَعْ بِهِمْ بَلْ هُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ مَا بَحَثَهُ الْقَلْيُوبِيُّ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ لِمُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ تَبَعًا لِمَنْ يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِلْإِمَامِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ عَنْ الْإِمَامَةِ، وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي الْمُجَاوِرِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. مَدَابِغِيٌّ، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ، قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِمَامِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجَاوِرِينَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ بُيُوتِهِمْ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ، وَحَضَرُوا مَعَ مَنْ جَاءَهُ مِنْ بُعْدٍ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ إذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا بَلْ يُؤَخِّرُونَهَا إلَى وَقْتِهَا، وَإِنْ أَدَّى تَأْخِيرُهُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِيهِ بِاسْتِوَاءِ أَوْ رُجْحَانِ الْعَدَمِ ضَرَّ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِذَلِكَ رُخْصَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ، وَلَا يُكْتَفَى بِالِاسْتِصْحَابِ فَلَوْ قَالَ لِآخَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ اُنْظُرْ هَلْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ أَوْ لَا؟ بَطَلَ الْجَمْعُ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ اهـ. ح ل فَلَوْ زَالَ شَكُّهُ فَوْرًا بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا لَمْ يَبْطُلْ الْجَمْعُ قِيَاسًا عَلَى تَرْكِهِ نِيَّةَ الْجَمْعِ ثُمَّ عَوْدِهِ لِنِيَّتِهِ فَوْرًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ م ر إنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي أَنَّهُ نَوَى الْجَمْعَ فِي الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَاهُ فِيهَا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ لَمْ يَضُرَّ كَذَا أَفَادَهُ ع ش عَلَى م ر اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَوْ انْقَطَعَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْجَمْعُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ اتَّفَقَ لَهُ وُجُودُ الْمَطَرِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ أَمَّا أَهْلُهُ كَالْمُجَاوِرِينَ بِالْأَزْهَرِ فَلَا يَجْمَعُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute